20/03/03
بالرغم من أن بعث الهيئات الدستورية والوطنية كان مكسبا كبيرا بعد الثورة التونسية، وحتى عودة بعضها للعمل باستقلالية بعد تنحي الرئيس السابق زين العابيدين بن علي، قد ساهمت في تقديم صورة ناصعة عن تونس. إلاّ أنه ومن المؤسف أن تشهدَ بعض هذه المؤسسات الوطنية عديد العراقيل التي تحولً دون تأدية مهامها وتكريس استقلاليتها وإسقاطها للقيم العليا التي قامت أساسا من أجل الدفاع عنها.
وهنا نخص بالذكر الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، التي تأسست في السابع من جانفي 1991 وتتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي ولا تخضع لمجلة المحاسبة العمومية. والتي من أوكد أدوارها النهوض بوضعية حقوق الانسان وترسيخ قيمها ونشر ثقافتها. لكن عديد الدلائل تؤكد أن خللا ما يتسلل صلب الهيئة وطريقة تسييرها.
شبهات فساد مالي وإداري
تشير الوثائق التي تحصلت “كشف ميديا” إلى أن رئيس الهيئة كان دائم الإصرار على تعهيد خبير مالي متعاقد مع الهيئة لمتابعة الأمور المالية والإدارية. وتسليمه كل ما يتعلق بالمسائل المالية بما في ذلك الخزينة والأغرب هو تكليفه بمهام تمثيلية للهيئة خارج تونس.
في حين تؤكد مصادرنا أنه لا يوجد ما يفيد خبرته ولا حصوله على شهائد علمية ولا أثر لنسخة عن سيرته الذاتية في أرشيف الهيئة.
وهي مهام من المفترض أن يتعهد بها في الأساس الكاتب العام وفق قانون الهيئة لا خبير مالي متعاقد من خارجها.
كما حاول رئيس الهيئة خلاص أعضاء لجنة شهداء ومصابي الثورة وترقية موظفين (رغم عدم بذلهم أي مجهود داخل الهيئة) بما يخالف القانون والتراتيب والإجراءات المعمول بها. وذلك بمعية إطار من وزارة المالية، وإطار آخر برئاسة الحكومة.
علاوة على منح الخبراء المتعاقدين ما لا يمكن منحه وفق عقودهم وما لا يمكن منحه الا لموظفي الهيئة من مهام أو امتيازات، وهذا أمر يدخل في إطار المحاباة واستغلال النفوذ الإداري والمالي و لموارد الدولة.
في ما يلي بعضا من حالات للشبهات المذكورة
– مهمتين وهميتين تخصان السيد م.ز خبير مالي متعاقد مع الهيئة حيث تم ارساله الى فرنسا في شهر جويلية 2016 والمغرب أكتوبر 2016 بتكلفة تقدر بحوالي 9000 دينار.
– ارسال السيد م.ز هو خبير متعاقد مع الهيئة لتدريب حول الانتخابات وآليات الرقابة بالخرطوم، عوض ارسال احد موظفي الهيئة، مع تمكينه من بدل مهمة باحتساب مدة أكثر من مدة المهمة حيث ان المغادرة كانت يوم 19 ماي 2017 والعودة يوم 24 ماي 2017 و احتساب هذه المدة نجد انه 6 أيام في حين تم تمكينه من بدل مهمة 8 أيام.
– خلاص خطية تغيير تذكرة عودة السيد م.ز من اسطنبول إلى تونس عند العودة من الخرطوم من ميزانية الهيئة دون موجب إذ أن تغيير موعد العودة لا علاقة له بالمهمة او موجب عمل وإنما سببه شخصي بحت.
– منح الانسة م.م بدل مهمة عند افادتها للتدرب بالخرطوم أكثر من المسموح والمعمول به حيث تم منحها 250 دينار بدل مهمة في اليوم وهو ما لا يسمح به لا في وضعيتها ولا في رتبتها حيث انها حصلت على بدل مهمة اعلى من زميلتها الأعلى منها في الرتبة واعلى حتى من أعضاء الهيئة وهم اساتذة تعليم عال، علاوة على ذلك تم منحها بدل مهمة بعنوان مدة 8 أيام في حين ان مدة السفر 6 ايام (مثل السيد م. ز)
– خلاص دون موجب لتذاكر سفر من جنيف الى باريس لأكثر من مرة تخص رئيس الهيئة عند تنقله في مهمات إلى سويسرا.
– خلاص نفقات خاصة كالخطايا البلدية للسيد م.ز
يذكر أن الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية تمتعت سنة 2018، بمبلغ قيمته 361,0 ألف دينار خصص لمنح بعنوان التأجير للمؤسسات غير الخاضعة لمجلة المحاسبة العمومية وذلك في إطار برنامج حوكمة الديمقراطية وحقوق الإنسان . وقد بلغت ميزانيات سنتي 2016 و2017 في حدود حوالي 560 ألف دينار.
فشل في ملف جرحى وشهداء الثورة
قدمت لجنة شهداء الثورة ومصابيها صلب الهيئة تقريرها النهائي في مارس 2018 وسط انتقادات كثيرة من عائلات الشهداء ومصابي الثورة. حيث أن اللجنة لم تنشر قائمة تفصيلية في الملفات التي تعهدت بها أو التي قدمت إليها، وهو ما يثير عديد الشكوك حول الآليات التي اعتمدتها الهيئة في عملها وضبط القائمة النهائية. علاوة على تأخر نشر القائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة في الرائد الرسمي.
أنشطة مجمدة و شبه متوقفة
وبالرغم من الميزانيات الهامة المرصودة للهيئة فإن تقييم أنشطتها طيلة بعد معاينة أركان موقعها الرسمي وصفحتها على الفيسبوك، تستطيع إدراك التجمد الذي باتت عليه الهيئة في ثلاث سنوات أخيرة. حيث اقتصرت أنشطتها على بيانات مساندة للشعب الفلسطيني وتغطية لزيارات بروتوكولية بين أعضاء الهيئة ومنظمات وطنية ودولية.
وتجدر الإشارة إلى أن “كشف ميديا” تحصلت على عشرات الوثائق في هذا الخصوص وستنشرها على أجزاء مختفة.