20/03/30
فاجعة مرت بها مدينة مكثر بولاية سليانة يوم الجمعة 27 مارس 2020 التي أودت بحياة امرأة حامل تبلغُ من العمر 20 سنة في سيارة أجرة متجهة نحو المستشفى الجامعي بالعاصمة.
الضحية تعاني من ضيق في التنفس، لم يمض سوى 8 أشهر على زواجها، حين تعرضت لوعكة صحية تطلب منها الأمر التوجه الى المستشفى المحلي بمكثر الذي وجَهها الى المستشفى الجهوي بسليانة في سيارة إسعاف غير مزودة بالأكسجين حسب ما أفادنا به زوجُ الضحية.
“نقلوني صحبة زوجتي إلى المستشفى الجهوي بسليانة في سيارة اسعاف غير مجهزة بالأكسجين، كنت أنظر الى زوجتي وهي تتنفس بصعوبة ولم استطع فعل شيء!
لم تنته المعاناة عند هذا الحد، فقد وقعَ معاينتها بمستشفى سليانة وتم توجيهها للمستشفى الجامعي بالعاصمة، حيث لم يتم توفير سيارة إسعاف لنقلها.مما اضطر زوجها إلى استئجار سيارة لنقلها إلى العاصمة أين فارقت الحياة قبل وصولها إليه.
ليست هذه المأساة الأولى في الجهات عموما والشمال الغربي خصوصا . نظرا لنقص المعدات الطبية والافتقار إلى طب الاختصاص بهذه الجهة. فعادة يتم إرسال المرضى إلى المستشفيات الجامعية بالعاصمة التي تبعدٌ قرابة 150 كم، وليس في كل الحالات يتم نقل المرضى بسيارة إسعاف، وكثيرًا ما يقعٌ على عاتقهم تحمل مشقة التنقل بسيارات خاصة، تفتقر لمعدات المراقبة الطبية.
االصحة حق دستوري…مسافة حياة وموت بين التشريعات و واقع الخدمات !
ضحية مدينة مكثر وغيرها من المواطنات/ين القاطنين بمعتمديات و ولايات بعيدة عن العاصمة يعيشون صعوبة في الولوج إلى الخدمات الصحية. ولا يجدون طرقًا سالكة للعلاج الناجع والسريع بأماكن إقامتهم.
إذ يبقى العائق الأكبر في المؤسسات الصحية بالبلاد التونسية هو عدم المساواة في توزيع الخدمات المقدمة منها. حيث أن العديد من المواطنين يشتكون من عدم قدرتهم على الوصول إلى مرفق صحي قريب أو عدم تلائم خدماته الى تطلعاتهم.
يعتبر الحق في الصحة من الحقوق الأساسية للأفراد، وقد ضمنه الدستور التونسي في الفصل 38. حيث جاء فيه ” أن تضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن وتوفر الإمكانيات الضرورية لضمان السلامة وجودة الخدمات الصحية”.
إذ يحق لكل مواطن الحصول على مستوى معين من الصحة والرعاية الصحية ومن واجب الدول ضمان هذا الحق. لكن هذا الأخير مازال يشتكي من الخدمات عندما يتعلق الأمر بالاستقبال واحترام الذات وتلقي المعلومات والمعطيات اللازمة التي يرنو إليها المرضى.
و يؤكد سليم سعد الله رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك في تصريح إعلامي أن المنظمة تتلقى يوميا بمعدل يتراوح بين 10و15 شكاية من طرف المواطنين تتمحور حول عدم رضاء المواطنين عن الخدمات الصحية ولاسيما طول فترة المواعيد وعدم استقبال المرضى في مواعيدهم المحددة.
هذا علاوة على ارتفاع نسبة الإصابات بالتعفنات الاستشفائية والتي تعكسٌ تدهور الخدمات بمؤسساتنا الاستشفائية التي تضع سلامة المرضى على المحك في ظل غياب واضح للرقابة وعدم نجاعة الآليات المتعلقة بضمان جودة الخدمات داخل المؤسسات الاستشفائية.
تشير إحصائيات حديثة لوزارة الصحة إلى إرتفاع نسبة وفيات الأمهات حيث بلغت معدل 44.8 حالة لكل 100 ألف ولادة إلى حدود سنة 2019. وذلك في إطار البرنامج الوطني لسلامة الأم والوليد. وهو برنامج انطلق في العمل على الميدان منذ سنة 1990 ،بهدف تقليص وفيات ومراضة الأمهات والولدان والوقاية من الإعاقة الناتجة عن تعكرات الحمل أو الولادة.
أرقام قد تستحق مزيدا من الدرس والتعمق ولربما التحيين من قبل الهياكل المعنية لا سيما في ظل خدمات صحية متردية في عديد الجهات وليس في الشمال الغربي فحسب.
مقتطف من تقرير أعد في 2017 عن تأخر المشاريع التموية في ولاية باجة /موقع مجلس نواب الشعب
ولعل الشمال الغربي من أكثر الأقاليم التونسية المهمشة تنمويا، حيث نشر مجلس نواب الشعب سنة 2017 تقريرا مفصلا عن المشاريع التنموية المعطلة في ولاية باجة تحديدا وإذ يعدٌ بناء مستشفى متعدد الاختصاصات بباجة من أبرزها منذ سنة 2012.
ويذكر أن مجلس نواب الشعب، قد صادق في 18 ديسمبر 2018 ، على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية البيع لأجل بشأن المساهمة في تمويل بناء وتجهيز مستشفيين جهويين في معتمديات تالة (القصرين) والدهماني (الكاف).
كما يهدف هذا المشروع إلى إنشاء وتجهيز مستشفيين جهويين (صنف ب) بكل من تالة والدهماني، بطاقة استيعاب تناهز 105 سريرا لكل منهما، قصد تحسين فرص الحصول على خدمات الرعاية الصحية ذات جودة عالية بالخط الثاني في المناطق الغربية للبلاد.