كشف حكومي


مكثر: بطالة وحجر صحيّ قد يؤديان لإنهيار نفسيّ على الطريقة “البوعزيزية”!

20/04/02

محمد علي الطويل 29 سنة، أخ لشابين في عقدهما الثالث. اصيل معتمدية مكثر، من ولاية سليانة. طالت به البطالة مثل العشرات من أترابه، أو لربما المئات في المنطقة. يقضون يومهم وهم يخوطون شوارع المدينة ليلا ونهارا بحثا عن لقمة العيش.

حيث أقدم أول أمس الأربعاء على إضرام النار في جسده أمام مقر مركز الشرطة بالمدينة.  

وذلك على خلفية إيقاف أحد أشقائه جرَّاء مشاجرات كلامية مع معتمد الجهة، تم على اثرها نقل المصاب على جناح السرعة للمستشفى الجهوي بسليانة متأثرا بحروق درجة ثالثة.ومن  ثم نقله لمستشفى الحروق البليغة ببن عروس عبر المصلحة الطبية المتنقلة للإنعاش والاستعجال التابعة المستشفى الجهوي بسليانة وحالته الصحية مستقرة .

 وعلى الرغم من أن كثيرين في سنه يخيرّون اللجوء إلى العاصمة أو المدن المجاورة غير أن محمد علي خير المكوث بالقرب من والدته الأرملة والبحث عن مورد رزق في مدينته النائية.

بطالة وحجر صحيّ قد يؤديان لإنهيار نفسيّ !

المقاهي مغلقة بسبب الحجر الصحي العام ولم يعد لمحمد علي مكان يلجأ إليه وقت فراغه. حصار نفسي كبير عايشه محمد علي في الفترة الماضية. ولعل ما زاد الطينة بلة تلقيه عبر الهاتف خبر ايقاف شقيقه ماهر في عقده الثالث و عامل الحضائر الظرفية. تم اقتياد شقيقه لمركز الشرطة على إثر مشادّة كلامية بينه وبين معتمد الجهة بخصوص حقّه وحق إخوته للتمتع بالمنح الاجتماعية التي أقرتها وزارة الشؤون الاجتماعية مؤخرا.

توجَّه وفق شهود عيان لـ”كشف ميديا” بسرعة البرق إلى  مركز الشرطة و جلس قبالته، ثم سكب بنزينا عل ىسترته السوداء.

 وأخذ يولول حظه العاثر وعدم تجاوب السلط مع حقه في تشغيل و المنح الاجتماعية. 

اشتعلت الولاَّعة التي يمسكها بيده اليسرى و اشتعلت معها ألسنة اللهب في سترته لتطال النيران بقية أطراف جسمه. وتظهر والدته فجأة وهي تولول، وتحاول أن تطفئ النار، فتحترق أصابعها ويعلو صياحها ليهب! كل قريب وبعيد لنجدتهما.

سلسلة طويلة من الوعود الزائفة بالتنمية والتشغيل! 

محمد علي ليس أول شاب يضرم النار في جسده فعشرات الشباب الذين قاموا بنفس الفعل في جلمة وسيدي بوزيد وغيرها من المناطق التي تتضاعف فيها أعداد العاطلين عن العمل. من أصحاب الشهائد العليا وحتى ذوي التعليم المحدود. قد  تتغير الأمكنة والأزمنة و تتعدّد الروايات و تناقلها المواقع الإخبارية غير أن الأسباب تكاد تكون واحدة. وهي غياب استراتيجية تنموية واضحة في الجهات المهمشة. فقدان التواصل المباشر من قبل السلط المحلية الشباب المعطل وفهم واقعه وتطلعاته. 

رصد “كشف ميديا” شهادات كثيرة سواء من شباب ، مكثر أو ولاية سليانة ككل على أن  من المسؤولين الذين عاهدوا بالتنمية والتغيير، كان أدائهم ادون المطلوب. منهم معتمد المنطقة الذي ظهر ضعف مردوده في التواصل مع أبناء الجهة.

يقول زياد 35 سنة، لكشف ميديا، وهو أحد الشباب المعطل بصوت خشن متوتر، محمد علي عبر عن معاناة شباب الجهة و ما يعانيه اهلها من ضعف للتواصل و غيابه في أغلب أوقات مع السلط المحلية سواء المعتمدية التي أصبحت اليوم في حالة شغور أو الشؤون الاجتماعية التي تتملص من المسؤوليات لفائدة المعتمدية او حتى البلدية المنتخبة ( في طور الانحلال).

يذكر أنه في الفترة الأخيرة عاشت معتمدية مكثر على وقع خبر استقالة أعضاء المجلس البلدي و تراشق التهم بينهم. 

 المعتمدية لما تمثله و تلعبه من دور في مجارات الشؤون الاجتماعية للمواطنين أصبحت في مكثر محل صراعات داخلية وتصفية حسابات مع معتمد الجهة الذي لطالما لحقته إشعارات لدى الهيئة الفرعية لمكافحة الفساد متعلقة بالتواطئ مع محتكرين والتستر عليهم، والشؤون الاجتماعية التي تملصت من المسؤولية لفائدة عدة المناطق دون تقديم تحيين فيما يخص الملفات الاجتماعية.