20/04/03
تتواصلُ المعركة البشريّة مع الفيروسات والأوبئة، معركة أزليّة لم تنته بل كانت في كل مرة تأخذ وقتا مستقطعًا.
لكنَ هذه المرّة يبدو أنّ فيروس كوفيد-19 “أذكى” بكثير من العقول التي صَنعت الصواريخ النوويّة وأذرعة الأنظمة التي موّلتها.
كورونا المستجد مازالَ يمضي مثل القطار الأوروبي السريع الذي لا يتوقف، حاصدًا في طريقه ملايينَ الضحايا في العالم .
حيث سجّلت فرنسا يوم أمس رقمًا قياسيَّا جديدًا في عدد الوفيات بأكثر من 1355 وفاة خلال 24 ساعة فقط.
كما تجاوزَ عدد الإصابات في فرنسا 60 ألف مصاب. أما الوضع بالنسبة لإيطاليا فهو أسوء، حيث بلغَ عدد مصابيها أكثر من 115 ألف إصابة
وأكثر من 14 ألف حالة وفاة منذ بداية انتشار الفيروس. كذلك هو الحال في العديد من الدول الأخرى في العالم على غرار إسبانيا بأكثر من 10 آلاف حالة ضحية لوباء كوفيد 19 .
أكثر من 55 ألف ضحيّة بشرية لهذا الفيروس الذّكي في العالم , فيروس لا يتجاوز حجمه 150 نانومتر , أدّى إلى اكتضاض مقابر البشر في زمن التكنولوجيا .
تختلف الإجراءات وطرق التعامل مع الجثث حول العالم لكن طريقة دفن المتوفى جراء الكورونا واحدة.
ماذا عن مصير التونسيين بعد وفاتهم بالكورونا في فرنسا؟
تتسارع الأرقام في فرنسا، وتتغير كل لحظة مؤشرات “بورصة” المصابين والوفيات جراء فيروس كورونا. ولعلّ من ضمنهم ضحايا تونسيون مهاجرون هناك.
من خلال آخر إحصائية رسمية لعدد الضحايا التونسيين المتوفين خلال الثلاث أيّام الماضية بفيروس كورونا بفرنسا ارتفع عدد الوفيات من 10 حالات يوم الإربعاء 1 أفريل إلى 40 حالة وفاة اليوم الجمعة.
الأمر الذّي جعل التونسيين وعائلاتهم في تجاذب حول مصير ضحايا الجاليات التونسية المهاجرة .
في واحدة من معاقل الجاليات التونسية المهاجرة وتحديدا بمدينة باريس الفرنسية تمكن موقع “كشف ميديا” من إجراء حوار خاطف مع السَيد “الناصر بن عمارة ” وهو إمام وخطيب بمساجد المدينة. كما أنه على دراية واسعة بملفات الضحايا التونسيين.
يؤكد في تصريحه لـ”كشف ميديا” أن السلطات الدبلوماسية التونسية قد أخذت على عاتقها، بمعية مكونات المجتمع المدني في فرنسا، عمليات دفن التونسيين المتوفين بفيروس كورونا هنا. علاوة على معاضدة بعض التأمينات الإجتماعية الفرنسية”.
ويشير بن عمارة إلى أنَّ الدولة التونسية من خلال بعثاتها الدبلوماسية تتكفل بكل ضحايا وباء الكورونا التونسيين المقيمين في كل دول المهجر وبإجراءات تكاليف الدفن المّادية واللّوجيستية”
كما عاينَ “كشف ميديا “عمليات دفن ضحايا من خلال بعض عائلات الضحايا وحتى من خلال مقاطع مصورة توثق عمليات دفن تحترم الذات البشرية لضحايا تونسيون .
بن عمارة حدثنا أيضا عن عمليات الدفن والإجراءات الدقيقة والصارمة التي تتخذها السلطات الفرنسية حيث لا يحضر عملية الدّفن إلا شخص واحد من العائلة إذا توفّر كذلك بالنسبة لصلاة الجنازة يؤدّيها فقط سائق السيارة الناقلة للجثة وهي تابعة للسلطات التونسية أو يمكن للشخص الممثل للعائلة أن يصلي كذلك .
كما نفى محدّثنا إمكانية حرق جثث التونسيين في فرنسا لكن القبر يبقى لسنوات ثم يفتح ويتم إفراغه من العظام لتوضع في مكان آخر ثم يدفن متوفى جديد مكانه في ما بعد .
يذكر العدد الأكبر من الضحايا التونسيين بفرنسا هم من متساكني الشمال والوسط الفرنسي حيث سجلت 34 حالة وفاة في كل من ستراسبورغ و باريس الكبرى وضواحيها , في حين تم تسجيل 6 حالات بالجنوب الفرنسي .
جلّ الضحايا من أبناء الجيل الأوّل من المهاجرين ويبلغ معدّل أعمارهم 69 سنة حسب الإحصائية الرّسمية لعدد الضحايا التونسيين .
يضيف الإمام أن القبور ستبقى لفترة تتراوح بين 10 و 30 سنة ثم يتم فتحه ووضع العظام في مكان آخر وهذا أمر يتعامل به حتى بمقبرة البقيع في مدينة مكة وفي العديد العديد من البلدان الإسلامية .
كورونا الأخطر واللقاح مؤجل!
الخشية من الأوبئة والكوارث البيولوجية أصبحَ هاجسًا دوريًّا يثيرٌ الرّعب في صفوف البشرية جمعاء. حيث تجاوز العالم المليون مصاب بهذا الفيروس ولازال العالم عاجزًا عن صدّ خطر هذا الوباء بل أن حتى الحجر الصّحي الذي فرضته أعتى الدول المتقدمة والنامية على حد السواء يعدٌّ حلاً مؤقتا، على الرغم من إثبات نجاعة التباعد الاجتماعي في الحدّ من انتشار الفيروس. بدأت بعض الدول في استخدام “الكلوروكين”، وهو دواء يستخدم للوقاية من الملاريا وعلاجها ، بالإضافة إلى دخوله فى علاج عدة أمراض مناعية .
تم تصنيعه مع الهيدروكسي . في عام 1955 ، وفي عام 1956 ، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الهيدروكسي كلوروكوين لمعالجة أعراض الذئبة
والتهاب المفاصل الروماتويدي وآلامها ، التهاب الجلد ، تقرحات الفم، و التعب.
ثم تم استخدامه لأول مرة لعلاج الملاريا في عام 1944، ليعود اليوم للواجهة التي تشغل العالم . إثبات هذا الدواء لنجاعته فى علاج المصابين بفيروس كوفيد-19، حسب بعض النتائج على غرار آخر نتيجة نشرها الدكتور الفرنسي “دي دياي راوول” الذي نشر عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر نتائج تشخيص يتحدّث فيها عن إختبار أكثر من 50 ألف حالة تبين أن 2400 حالة منهم مصابة بفيروس كورونا. كما يأكد “راوول” أن 1000 حالة منهم تعافوا بفضل علاج الهيدروكسي كلوروكوين .
Didier Raoult, Directeur de l’IHU Méditerranée Infection. Professeur de médecine. Infectiologue. Microbiologiste
الدكتور “دي دياي راوول”. أخصائي الأمراض المعدية، ومختص في علم الأحياء الدقيقة
دراسات بحثية أخرى أثبتت أن الكلوروكين فعال في منع وعلاج الفيروس ومضاعفاته.
من جهتها أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها بصدد إطلاق تجربة سريرية متعددة الأشخاص لاختبار 4 أدوية كعلاجات محتملة ، وكان الكلوروكين هو أحد هذه الأدوية .
أما عن الثلاث أدوية الأخرى التي يمكن أن تستخدم فى العلاج، هي أدوية مضادات الفيروسات ك”ريميسيفير” ، و مزيج من اثنين من أدوية فيروس نقص المناعة البشرية، “لوبينافير” وريتونافير ، بالإضافة إلى “بيتا الإنترفيرون” .
أظهرت جميع الأدوية الأربعة إمكانية أن تكون فعالة ضد هذا الوباء المستجد ، سواء في الدراسات على الحيوانات أو في الدراسات التي أجريت في المختبرات.
على نفس الأمل 10 دول أكّدت مشاركتها في التجربة، وهم فرنسا و الأرجنتين والبحرين وكندا وإيران والنرويج وجنوب إفريقيا وإسبانيا وسويسرا وتايلاند.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد وافقت على استخدام دواء الملاريا ” هيدروكسي كلوروكوين “، فى علاج مصابى فيروس كورونا .
ووفقا لمنظمة الصحة فأن دواء ريمديسفير وهيدروكسي كلوروكوين ، هما من الأدوية العديدة التي يتم إعادة استخدامها في مكافحة فيروس كورونا فى الصين .
ومن المهم هنا أن نعود بالزمن إلى سنة 1720، تحديدا مدينة مرسيليا الفرنسية، أين سجلت مئات الآلاف من الضحايا جرّاء إنتشار الأوبئة في العالم. حيث أطاح وباء الطاعون وقتها بأكثر من 100 ألف ضحية وبنفس الرقم من الضحايا تقريبا أطاحت الكوليرا بسكّان الفلبين وأندونيسيا و تايلاندا ضحايا أيضا وكان ذلك سنة 1820 .
ثم تلتها الكارثة الأعظم في تاريخ البشرية بسبب الأوبئة حيث ضرب العالم بالإنفلونزا الإسبانية التي حصدت حياة أكثر من 100 مليون بشر في سنة 1920.اليوم ونحن في الرباعية الأولى من سنة 2020 يختبأ كلّ سكان العالم في بيوتهم خشية من أي لقاء مهما كانت أهميته، فلربما تكون عواقبه وخيمة مع كائن لا يمكنه رؤيته ومع غياب لقاح نهائي ضد هذا الفيروس وتتالي التجارب فهل سينقذ الحجر الصّحّي وحده الإنسانية اليوم ؟