20/04/18
تعيشُ تونس هذه الأيَام كسائر بلدان العالم على وقع وباء الكورونا (covid-19)، هذا الأخير الذي وصفهُ اليوم الأربعاء مدير منظمة الصحة العالمية “تيدروس أدهانوم” بـ”عدوّ البشرية”. يصيب مناعة الإنسان ويفتك بها. أما الطاعنون في السّن وضعفاء المناعة هم الأكثر عرضة للخطر والموت بسببه. فما بالك بأولئك ضعفاء المقاومة منذ البداية والمنتشرة في أجسامهم فيروسات أخرى.
ولعل المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) في تونس هم خير مثال على ما سبق. حيث تؤكد رئيسة جمعية الوقاية الإيجابية سهيلة بنسعيد، لـ”كشف ميديا” أن دواء “ISENTRESS” الذي يتناوله مرضى الفيروس مفقود في تونس منذ عدة شهور. في إهمال واضح ولا مبالاة من وزارة الصحة بهذه الفئة الهشة من المجتمع التونسي.
مريم* إحدى المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري تتحدّث عن الآثار الجانبية لعدم تناولها للدواء طيلة الفترة الماضية وعن تداعياته السلبية على حياتها اليومية.
ويصنع فيروس نقص المناعة البشرية إنزيماً يسمى integras هذا الأنزيم (محفِّز بايولوجي جزيئي)، يسرِّعُ التفاعلات الكيميائية و يساعد الفيروس على الدخول في خلايا الجسم وتتكاثر هناك. لذلك يستعمل دواء ISENTRESS ويمنع هذا الأنزيم من العمل.
حيث يستخدم هذا الدواء لعلاج البالغين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية الذين لم يستجيبوا بشكل كاف للأدوية المضادة للفيروسات القهقرية الأخرى. كما يجب استخدامه مع غيره من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لعلاج عدوى فيروس نقص المناعة البشرية.
أما فيروس نقص المناعة البشري (HIV) فهو يصيب جهاز المناعة عند البشر اثر دخوله إلى مجرى الدم وحينها يبدأ في التكاثر. قد لا تظهر على الأشخاص الحاملين للفيروس أعراض لمدة عشر سنوات أو أكثر. ودون تلقي الرعاية الطبية المناسبة يصبح الشخص حامل الفيروس غير قادر على مقاومة مجموعة من الأمراض التي تستفيد من ضعف مناعة حامل الفيروس وتعرف باسم “العدوى الانتهازية”.
مريم ليست الحالة الوحيدة فهناك العشرات من المصابين بفيروس نقص المناعة البشري الذين أعربوا عن قلقهم وسخطهم بسبب فقدان الدواء منذ أشهر. وقد التجأوا لجمعية الوقاية الإيجابية باحثينَ عن حل لمعاناتهم و وقف نزيف آلامهم.
وهنا تشيرُ سهيلة بنسعيد رئيسة الجمعية لـ”كشف ميديا ” أن هناك تأخرا واضحا في تصرف وزارة الصحة في هذا الخصوص. علاوة على تراجع ضغط منظمة الصحة العالمية على الهياكل المعنية في تونس بمتابعة الحالات الصحية للمتعايشين مع المرض.
يؤكد منسق البرنامج الوطني لمكافحة السيدا، الدكتور فوزي عبيد، لـ”كشف ميديا” أن فقدان دواء ISENTRESS من المستشفيات التونسية تعود أسبابه إلى سنة 2018. حيث أن الإشكال يكمن في المتصرفين في ميزانية وزارة الصحة وقتها.
ويبين عبيد في هذا السياق أن المسؤولية تقع بالأساس على وزارة الصحة عموما، ومن سبقوه في مهمة التنسيق بالبرنامج الوطني مكافحة السيدا.
ويوضح عبيد أن الإشكال الأكبر اليوم يقع بعد انتشار الكورونا والإجراءات الجديدة المتبعة بغلق المجالين الجوي والبحري. يضيف
ويخضع المتعايشون مع فيروس نقص المناعة المكتسبة في تونس لمراقبة صحية مرة كل ثلاثة أشهر. حيث أفادتنا رئيس جمعية الوقاية الإيجابية سهيلة الصيد أن أحد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة، والبالغ من العمر 38 عاما، بعدما تلقى نوعا آخر من الدواء لا يشعر بنفس الفاعلية التي يقدمها ISENTRESS. وحالته تزداد سوءًا يوما بعد يوم.
يفيد الدكتور عبيد بأنه قد أضاف في الطلبية الأخيرة 20 بالمائة عن الكمية المعتادة حتى يغطي العجز الذي حصل في السابق. مشيرا إلى أنه استكمل بدقة حاجيات المستشفيات التونسية التي تقدم هذا الدواء للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة.
معهد الطب الاستوائي Institute of Tropical Medicine Antwerp، الواقع في بروكسيل، وهو واحد من أكثر المعاهد الرائدة في العالم للتدريب والبحث في الطب الاستوائي وتنظيم الرعاية الصحية في البلدان النامية، أصدر في الثالث من مارس الجاري مقالا أكد فيه أن الآثار الحقيقية والواقعية لفيروس كورونا COVID 19 على المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية لا تبدو واضحة ومكتملة المعالم إلى حد اللحظة.
لكنها على الأغلب قد تؤثر بصورة كبيرة على هؤلاء بسبب ضعف مناعتهم منذ البداية لذلك وجب اقتنائهم لأدويتهم بانتظام و اتباعهم للتدابير الوقائية أكثر من غيرهم وبعدهم قدر الإمكان عن التجمعات لأنهم سيكونون الحلقة الأضعف في حال اخترق COVID-19 أجسامهم.
*استخدمنا اسما مستعارا لإحدى الشهادات الموثقة حفاظا على خصوصيتها*