كشف حكومي


تسميات وزارة المرأة وما وراءها من امتيازات..إهدار للمال العام أم ضرورة إداريّة ؟

20/04/29

لا تصدرُ نسخة حديثة من الرائد الرسمي التونسي إلا وتتضمنٌ تسميات وأوامر تكليف جديدة يقوم الوزراء بإمضائها ، دون وجود لتبريرات واضحة لها على الأرض الواقع. ولا حتى مرفقة بنسخ من عقود الأهداف ، والالتزامات التي عليهم الايفاء بها. 

نحاولٌ من خلال هذا التقرير المدّعم بالبيانات عرض وتحليل بعض التسميات التي صدرت بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 21 أفريل 2020، من قبل وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، أسماء السحيري 

والبحث عن أوجه أسبابها والتسلسل الزمني الوظيفي الذي مرَّ به شخوصها.

تسميات لا تتجاوز بضعة أشهر

لم تستمر مهمة أميمة المدني مثلا سوى 6 أشهر فقط في تطاوين، كمندوبة جهوية للمرأة، وهنا نتساءل عن جدوى التسميات، والأهداف التي حققتها، إذا لم يكمل المسؤول حتى سنة واحدة على الأقل في منصبه. فتغير الوزيرات لا يحتّم بالضرورة تغيير الموظفين الذين لم تسنح لهم الفرصة حتى لإتمام مهامهم. ممّا يسمح لوزارة الإشراف على الأقل محاسبتهم وتقييم أدائهم

الجدول التالي يفسر ما حدث

يذكر أن المندوبيات الجهوية للمرأة هي مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي. والتي تم إحداثها بمقتضى أمر حكومي من رئيس الحكومة السابق في عهد الترويكا علي العريض.

ويتعلق الأمر عدد 4063 لسنة 2013 المؤرخ في 16 سبتمبر 2013 بإحداث المندوبيات الجهوية لشؤون المرأة والأسرة وضبط مشمولاتها وتنظيمها الإداري والمالي وطرق تسييرها.

وقد سمح العريّض في الفصل الثاني من الأمر المذكور سلفا، لمندوبي شؤون المرأة والأسرة بالتمتع  بالامتيازات والمنح المخولة لمدير إدارة مركزية.

ويتولى تسيير المندوبية الجهوية لشؤون المرأة والأسرة مندوب جهوي تتم تسميته بمقتضى أمر باقتراح من وزيرة شؤون المرأة والأسرة طبقا لشروط الأمر عدد 1245 لسنة 2006 المؤرخ في 24 أفريل 2006.

تم بعث 24 مندوبية جهوية للمرأة موزعة على الولايات التونسية منذ 2014، وهنا نتساءل عن مردودية هذه الهياكل وجدواها، لاسيما وأن عديد المناطق الداخلية، لا زالت فيها المرأة الريفية همشة، و تعاني من مشاكل مهنية واجتماعية كثيرة. ولعل تكرار حوادث موت العاملات الريفيات في سيدي بوزيد والقصرين خير دليل على ذلك.

!من وزارة الصحة إلى وزارة المرأة

في النسخة الأخيرة من الرائد الرسمي عدد 34 بتاريخ 21/04/2020 صدرَ قرار آخر من قبل وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن ، بتسمية السيدة نسرين تونسية حرم القربي، مديرة  لإدارة مركزية بمكتب الدراسات والتخطيط بوزارة المرأة.

أن تكون مديرا لادارة مركزية صلب وزارة المراة عملت فيها السيدة المذكورة خلال 2011، ليس بالأمر الغريب، لكن الملفت للانتباه هو تعيين تونسية، كاهية مدير الاستقبال والأرشيف بإدارة التصرف في شؤون المرضى بمستشفى “فطومة بورقيبة” بالمنستير.

الجدول التالي يبين التسلسل الزمني للوظائف التي شغلتها السيدة المذكورة بعد 2011.

من مصلحة الشؤون العقارية ببلدية تونس إلى الإدارة العامة للطفولة ..أيّة علاقة؟ 

أما السيدة جميلة بالطيب حرم العياري، مستشار المصالح العمومية، فقد كلفت من قبل وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، أسماء السحيري، بمهام مديرة حقوق الطفل ورعاية الطفولة بالإدارة العامة للطفولة صلب الوزارة.، حسب نسخة الرائد الرسمي الصادرة في 21 أفريل 2020.

في حين أنها تشغل منذ  19 جانفي 2018، بمقتضى قرار من وزير الشؤون المحلية والبيئة ، مهام رئيس مصلحة الشؤون العقارية ببلدية تونس.

وبصرف النظر عن انعدام العلاقة بين الشؤون العقارية ومجال الطفولة وخصوصيته، فإن السيدة المذكورة ستجمع بعضا من الامتيازات المالية، بصفتها الجديدة كمديرة للإدارة العامة للطفولة أولا،  وصفتها الثانية كمستشارة للمصالح العمومية.

 فيما يلي مبالغ المنح المقدمة للمستشارين العموميين والذين تم رفع منحهم الخصوصية اضعافا في عهد رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، بمقتضى الأمر الحكومي عدد 813 لسنة 2017 مؤرخ في 4 جويلية 2017.

والمتعلق بتنقيح الأمر عدد 1267 لسنة 1984 المؤرخ في 29 أكتوبر 1984 الخاص بالترتيب التفاضلي والتدرج القياسي والأجر المخول لإطار مستشاري المصالح العمومية.


يوسف الشاهد رفع المنح الخصوصية لمستشاري المصالح العمومية من 95 دينارا للمستشارين المرتبين بالدرجات الأولى والثانية والثالثة إلى 966 دينارا. كما تم الترفيع في المنحة الخصوصية للمستشارين المرتبين بالدرجات السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة من 105 دينار إلى 1220 دينارا. أما بالنسبة لمستشاري المصالح العمومية المرتبين في الدرجات العاشرة فما فوق من 115 دينارا إلى 1396 دينارا.

كتلة الأجور وحدها 65 في المائة من ميزانية الوزارة!

قدرت میزانیة وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن لسنة 2019 ب ـ 168.652 م د مقابل 143.418 م د سنة 2018 أي بزيادة قدرها 25.234  م د تمثل نسبة 59.17 .% وشملت هذه الزيادة میزانیة التصرف في حین حافظت میزانیة التنمیة على نفس الاعتمادات المرصودة بمیزانیة سنة 2018 والمقدرة ب ـ 30 مليون دينار . 

وقد خصصت نسبة 64.9 % من میزانیة الوزارة لخلاص الأجور في حين رصدت نسبة 4.65 % لنفقات التسيير و12.6 % لنفقات التدخل و17.8 % لإتمام المشاريع المرسمة بمیزانیة التنمیة

ولربما المفارقة الجلية التي قد تلخص وضعية المرأة في تونس وجدوى بعض الهياكل العمومية التي تسعى لتدعيم مكانتها، الحضور النسائي الضعيف، الذي لم يطل حتى التناصف، في حكومة إلياس الفخفاخ والذي لم يتجاوز الأربعة نساء.

هيكل عمومي اخر يضاف إلى قائمة الهياكل العمومية “المنشأة لصالح المرأة” وهو “مجلس النظراء للمساواة وتكافؤ الفرص”. والذي تم إحداثه بمقتضى الأمر الحكومي عدد 626 بتاریخ 25 ماي 2016 ، وهو مجلس استشاري تحت إشراف رئیس الحكومة، ومن المفترض أنه يسعى إلى “العمل على وضع الآلیات المؤسساتیة الكفیلة بالنهوض بأوضاع النساء وتمكینهن على جمیع المستویات”.

وزارة المرأة ب”جيش موظفيها” و المندوبيات الجهوية الموزعة على الولايات وحتى المجلس الاستشاري المذكور، ألم يحن الوقت لمراجعة السياسات العامة تجاه المراة التونسية و وقف “الاستثمار” باسمها لتحقيق مكاسب لم تكن أبدا في صالحها؟