كشف معلومة


خلدون: صناعة الجبن التقليدي في باجة صامدة رغم الصعوبات

20/06/25

إنها الثامنة صباحا، يرفع محمد خلدون صانع أجبان، ستار محله الواقع في “باب الجنايز” كما يناديه سكان مدينة باجة وتعود التسمية لكثرة مرور الجنائز من هذا المكان وهو أحد الأبواب السبعة المحيطة بالمدينة العتيقة. رغم ما يوحي به الاسم من قتامة إلا أنه مكان حيوي في المدينة، يضمّ عشرات الدكاكين ويعد مكانا يقبل عليه العديد من الناس من كافة أنحاء الجمهورية لشراء “المخارق ” و “الزلابية” والاجبان التي تشتهر بها ولاية باجة.

محل “أجبان الضيعة الصغيرة” من أقدم محلات صناعة الجبن في المنطقة، مفتوح منذ عام 1954، ورثه خلدون أبا عن جد وورث معه أسرار الحرفة، يجلب اللبن السميك المتخثر. يمسك شوكة كبيرة ثم يقلبه بعناية بيديه العاريتين. لازال خلدون يحافظ على صناعة تتآكل شيئا فشيئا، على الرغم من ظروف العمل التقليدية، والافتقار لمعدات حديثة. 

ومع انتشار المراكز التجارية الكبرى أصبح صانعو الجبن التقليدي يجابهون صعوبات أكبر في ترويج منتوجاتهم، حيث  يلجأ الزبون للمراكز الأقرب إليه. إلا أن هناك نوعية من الزبائن تأتي خصيصا من مناطق مختلفة لاقتناء الجبن الباجي.

“ما يميزنا عن المراكز التجارية الكبرى هو أننا نصنع الجبن الطازج يوميا ولا نبيع منتوج يبقى لفترة طويلة في البراد، أو يضاف إليه مواد حافظة.” خلدون

ومن جملة المشاكل التي يعاني منها قطاع تصنيع الأجبان التقليدية في ولاية باجة، هي ارتفاع عدد المحلات بشكل عشوائي. حيث يشتكي خلدون من غياب الرقابة من طرف وزارتي الصحة والتجارة على جودة الأجبان وظروف تصنيعها، وهو ما أثّر على عدد الزبائن وإقبالها. 

“ارتفعت خلال السنوات الأخيرة عدد المحلات بشكل مبالغ فيه هناك حتى التي لا تحتوي على عدَّاد مياه و هو ما يؤثر سلباً على سمعة المهنة في منطقتنا.”  خلدون

 أشار خلدون إلى أنه قبيل انتشار جائحة الكوفيد-19 كان هناك إقبال لا بأس به من حرفاء يأتون من العاصمة ومن ولاية “صفاقس” و مدن الساحل و لكن النسبة انخفضت المدة الأخيرة بعد طول مدة الغلق.

يشير خلدون إلى أن عديد المحلات التي تقاسمه الحرفة قد التزمت بالإجراءات التي تم إصدارها أثناء فترة الحجر الصحي الشامل للحفاظ على صحة المواطن من انتقال العدوى. حرفة صناعة الجبن التقليدي  تقوم أساسا على استعمال اليدين انطلاقا من عملية تجميع الحليب من الفلاح إلى عملية  تحضير الأجبان. ولأن في هذه الحالة هناك احتمال كبير لانتقال العدوى يؤكد محدثنا على ضرورة الانتباه لإجراءات الوقاية.

  “قمنا بتطبيق القوانين و اغلقنا المحلات.” 

اختلاف الأسعار بين المدن الأخرى وباجة راجع لاختلاف جودة المنتج والمكونات التي صنعت منه. يؤكد خلدون أن هناك فرق كبير بين ما يباع في المراكز التجارية الكبرى وما يقوم هو بتصنيعه. وأن أغلب صناع الجبن التقليدي يبيعونه طازج.

“هناك مصانع  تستعمل الحليب المجفف  فتكون الأجبان غير طبيعية و “الريكوتا” تكون سميكة. فمثلا في العاصمة تباع ب 2.5 دينار و نحن في باجة نبيعها ب 5 دينار و أحيانا يشتكي حرفاء من “.العاصمة عن غلائها و بحكم الظروف المادية يقبل على السلعة الأرخص”.

لم يكن يوم عمل خلدون مجديا كثيرا، وعلى الرغم من أن الحركة في “نهج الجنائز” تكون أول الأسبوع نشطة إلا أن الإقبال على أجبان خلدون كانت محتشمة. إلى حدود الثامنة مساء ينهي يوم عمله آملا في تغيير تعود به صناعة
الجبن التقليدي إلى سالف نشاطها.

__________________________________________________________________________

بمشاركة:

عواطف رياحي: بحث و حوار