كشف صحي


نجمة المصابة بالكورونا: الوصم حوَّل حياتي إلى جحيم في ولاية الكاف

20/09/06

خولة بوكريم

“أنا حاليا في منزلي في الكاف أقوم بالحجر الصحي الذاتي بمفردي دون توجيه من أي سلطة صحية محلية، اتصلوا بزوجي لنقله لمركز الحجر الصحي بالمنستير لكنهم لم يتصلوا بي”.

تروي نجمة، 54 عاما،  كيف تأزمت حالتها النفسية بعد كميّة السباب والشتائم التي انهالت عليها من عائلتها الموسعة وجيرانها في المكان الذي تقطنٌ فيه. بعد اقامة حفل زفاف ابنها خلال شهر أوت الماضي.

“يعايروا فيَّا بالكورونا ولا عملت لا ايدي لا رجلي “.

زوجة ابن نجمة هي الأخرى أصيلة ولاية الكاف، إلا أنها مقيمة في  هولندا. قدمت  خلال شهر أوت رفقة اختها من هناك، وتم إقامة حفلي زفاف للبنتين. حفل زفاف ابن نجمة أقيم  في السادس من نفس الشهر. أما حفلة “الوطية” فقد جرت في حي الزهور بالعاصمة. كما تم تنظيم حفل زفاف ثاني في الكاف، لشقيقة زوجة ابن نجمة التي قدمت معها من هولاندا.

“كانت الأمور تسير بشكل طبيعي أثناء الزفاف ولم نتوقع البتة أن هذا كله سيحدث، ولم يخبرنا أحد بأن هناك شخصا مصابا بالكورونا بيننا.

ثم بدأت الأخبار تتواترُ بعد مرور أيام قليلة من اقامة حفل الزفاف، بأنَّ العديد من المحيطين بنجمة وعائلتها قد أصيبوا بالكورونا، فاضطرت لإجراء التحاليل المخبرية هي وزوجها والتي قد كانت نتيجتها إيجابية.
إلا أن نجمة في الوقت الحالي غير متأكدة من المصدر الأصلي للعدوى، إن كانت من زوجة ابنها واختها مع قدومهما من هولندا، أو أن السبب هو الاختلاط بالحضور أثناء مراسم حفلات الزفاف.

“مهما يكن الأمر لستٌ أنا المسؤولة الأولى عن كلّ هذا، هو وباء أصاب العالم كله، لماذا يحمّلونني ما لا طاقة لي به”! كلَّما افتح الفيسبوك أصابٌ بالصدمة من كمية الهجوم والاتهامات التي يمارسها بعض أبناء الجهة في حقي”.

تعمل نجمة في “قرية للأطفال”. وكانت تتحرك طول فترة الحجر الصحي الإجباري بترخيص، لكنها لم تتوقع أبدا أنها ستكون من بين المصابين بكورونا مؤخرا، وخاصة أن ترمى بالإهانات والشتائم تبعا لذلك.

تضيفٌ باكية:

“أرجوكم خذوني للحجر الصحي في المنستير ..أريد أن أخرجَ من هذه المنطقة
لم أعد أحتمل ما أسمعه منهم…هنا نفسيتي انهارت”.

تعاني نجمة حاليا بشدة على المستوى النفسي من تبعات إصابتها بكوفيد-19، هي الآن في حالة انهيار تامّ. و لم تعد تتحمل الوضع الذي باتت عليه. واصبحت كل أمانيها تتلخصٌ في أن تترك ولاية الكاف، لأنها لم تعد مكانا آمنا بالنسبة لها ولعائلتها.

“انا في هذا العمر لا أتحملُّ الإهانة” .

لكن في أحلك الأزمات قد نجدٌ أحيانا يدا قريبة تمد إلينا. وهنا تٌثني نجمة على “ابن زوجها” لأنه الوحيد الذي كان يتفقدها أثناء فترة الحجر الصحي المنزلي وهي مصابة بكورونا. كما أنه لا  أحد يسأل عنها وعن بناتها ولا أحد يهتم، سيما بعد أن تم نقل زوجها لمركز الحجر الصحي بولاية المنستير.

” ابن زوجي عالني مرة او اثنين، هو من يأتي أحيانا لوضع حاجياتي من الأكل أمام باب المنزل ثم يرحل…حاليا ناكول في الخبز اليابس !

تقييم نجمة في منزلها الآن، مع زوجة ابنها وبناتها التوأم . من المفترض أنجميعه خاضعون للحجر الصحي الإجباري. نجمة وزوجة ابنها وإحدى بناتها التوأم كلهم تحاليلهم اجابية. أما ابنتها الاخرى فهي غير مصابة. لكن نجمة تخشى لآن أن تصاب ابنتها ، لأن الخطر قائم طالما جميعا تحت سقف واحد دون احتياطات كافية.

“يوميا ترتفع حرارتي، و لم يتابع حالتي أحد من وزارة الصحة لا في العاصمة ولا في الجهة. ولم يجروا لي أي تحاليل اضافية، حتى لم يصفوا لي أي دواء. كل ما فعلوه هو إبلاغ ابني بأنني مصابة. ولم يتواصل معي أحد بعد ذلك”

تعاني نجمة من مرض السمنة، ، وارتفاع نسبة الكوليستيرول في الدم، لكنها انقطعت عن تناول دوائها الخاص بمبادرة فردية منها خوفا من تأثيره على مناعتها.

يذكر أن ولاية الكاف قد سجلت إلى حدود 6 سبتمبر 285 إصابة بكوفيد-19، 57 منهم تماثلوا للشفاء. في حين سجلت حالتي وفاة و 226 حالة لازلت حاملة للفيروس.

______________________________________________________________________________

بمشاركة: أيمن بن محمد /بحث وحوار