20/10/31
شاكر ممرّض شاب في قسم الاستعجالي بالمستشفى الجهوي بجندوبة وعضو بالنقابة الوطنية للممرضين التونسيين يعاني يوميا أثناء القيام بعمله من الوضع المستهتر فيه، بعد الانتشار الواسع لوباء كوفيد-19.
كل البروتوكولات الصحية مجرد حبر على ورق، لا شيء يطبق منها ولا رقابة حتى على تطبيقها.
في مستشفى جندوبة يشتكي الطاقم الطبي من ممرضين واطباء من فوضى متسبب فيها عادة زوار المرضى . يقول شاكر انه بعد الانتشار المخيف لفيروس كوفيد 19، الشيء الوحيد الذي تقوم به وزارة الصحة والحكومة هو المواصلة في المماطلة في تنفيذ وعودها في المجال الصحي، وان انجازاتها لا تتعدى الخطابات الاتصالية إذاعيا وتلفزيونيا.
عدم تنظيم أوقات لزيارة المرضى وأعداد محددة مسموح لها بالدخول لعيادة المقيمين بالمستشفيات من بين المشاكل الكبرى التي زادت في تفشي الفيروس في الفترة الممتدة من جويلية إلى سبتمبر وفق شاكر.
الزوار الذين يدخلون المستشفى لا يلبسون كمامات ولا يتبعون البروتوكول الصحي وقد يصل عددهم إلى 15 شخصا لزيارة مريض واحد. ومع اي محاولة من الإطار الطبي من ممرضين وأطباء منعهم فإنهم قد يتعرضون لعنف لفظي ومادي. خاصة في الفترة المسائية في ظل غياب الأمن.
“نحن كممرضين غير آمنين لا على صحتنا من الفيروس وعلى أنفسنا من اي اعتداء خارجي”.
افتقار المستشفى الجهوي في جندوبة لوسائل الوقاية من معقمات أرضية ويدين.، و غياب مسلك خاص بتقصي المرضى الحاملين لفيروس كوفيد 19 وضعَ الطاقم الطبي وبالأخص الممرضين في مواجهة الفيروس دون حماية كافية. حيث من الصعب التعرف على المصابين في قسم الاستعجالي و هذا مايجعل الاطار الطبي طول الوقت في خطر، ومعرض لتلقي العدوى.
الحلول موجودة لكن الارادة غائبة تماما لتنفيذها. الأمر يحتاج تحرك إداري وسياسي أكثر منه امكانيات مادية ولوجيستية. فلتحرص ادارة المستشفيات وعلى رأسهم جندوبة، بتطبيق القانون على الجميع عبر تنظيم الزيارات و تقسيم أقسام الاستعجالي لضمان عزل المرضى المشكوك فيهم و تفعيل مسالك كوفيد والاهتمام بتنظيم الحركة داخل المستشفيات لتجنب تفشي الفيروس.
يلوم شاكر على وزارة الصحة عموما وإدارة المستشفى التي يعمل بها خصوصا على تأخر التدخل السريع لإنقاذ الطاقم الطبي المعرض للاصابة بالعدوى وتوفير الآليات اللازمة لحمايته.ولاية جندوبة كانت قد سجلت خلال شهر أوت 6 إصابات بفيروس كوفيد-19 في الاطار الطبي العامل بمستشفى جندوبة.
شاكر قال انه حتى الحجر الصحي الذي أجراه كان في مقر عمله رفقة عدد من زملائه.
“هل من المعقول أن ننتظر طيلة 5 أيام نتائج التحاليل دون إجابة. هل هذه هي سياسة الدولة تجاه إطارها الطبي وخط دفاعها الأمامي لمجابهة الفيروس ؟”.
شاكر يؤكد ايضا وجود نقص كبير في اسرة الانعاش واجهزة التنفس الصناعي، قسم الاستعجالي على سبيل المثال قانونيا لا يجب أن تتجاوز اقامة المريض فيه 24 ساعة، في حين مكث عديد المرضى فيه بين 10 و15 يوما.
تردي الوضع الصحي داخل المستشفيات وغياب توفر التجهيزات وسوء معاملة الممرضين وعدم الانصات لصخاتهم المتالية كلها كانت أسبابا كافية لتخوض لأجلها النقابة الوطنية للممرضين التونسيين معارك كبرى في الفترة السابقة. من بينها إعلان الإضراب العام يومي 29 و30 سبتمبر الماضي. والذي لاقى استجابة واسعة من قبل الممرضين، هذا السلك الذي همش كثيرا خلال العقود الماضية ولم يتحصل حتى على قانون أساسي ينظم مهنته، وفق ما افاد به لـ”كشف ميديا” عبد الباسط غلقاوي المكلف باللجنة العلمية صلب النقابة الوطنية للممرضين التونسيين.
صور من احتجاجات الممرضين أمام مقر وزارة الصحة
غلقاوي يرى أن تردي الوضع الصحي العام في البلاد ليس سببه انتشار جائحة كورونا فحسب بل سوء ادارة الازمة، كما أنه نتاج لغياب تام للدولة وعدم وجود استراتيجية واضحة من طرف رئاسة الحكومة عموما و وزارة الصحة خصوصا في ظرف حرج مماثل.
“حذرنا من خطورة الوضع مرارا وتكرارا ولم تفاجئنا الكارثة الصحية اليوم لأننا أطلقنا صافرات الإنذار أكثر من مرة في بياناتنا ولم يستمع لنا أحد . لا وجود نية من طرف الحكومة الجديدة لإصلاح جدي لقطاع الصحة بصفة عامة وقطاع التمريض بصفة خاصة ولا حتى فرض حجر صحي شامل لفترة قصيرة لمحاصرة الفيروس”.
مستشفى في المرسى أو جندوبة …الحال واحد!
س.ب.ص و هو من الإطار الطبي بمستشفى المنجي سليم بالمرسى وقد التقط عدوى فيروس كوفيد-19 في سبتمبر الماضي أثناء عمله بقسم جراحة العظام. كان من بين 7 حالات أخرى من الإطار الطبي أصيبوا بالفيروس.
بعد إكتشاف عدد من الإصابات في صفوف الإطار الطبي و المرضى داخل المشفى. طالب س.ب.ص رفقة زملائه من إدارة المستشفى القيام بالتحليل المخبري pcr بما أنهم احتكوا مباشرة بالمصابين.
“كان يوم ثلاثاء أجرينا فيه التحاليل المخبرية، ليتصلوا بنا يوم الخميس ويتم إعلامنا بأن النتيجة سلبية واصلنا العمل بصورة طبيعية. ثم عاودوا الاتصال بنا في اليوم التالي واخبرونا بأن التحليل إيجابي. المؤلم في الأمر هو طريقة التعامل معنا، الموظفة ألقت إلينا الوصفة الطبية من الشباك وشددت على ضرورة التزامنا بالإلتزام بالحجر الصحي الذاتي لمدة 10 أيام ثم مواصلة العمل”
على الرغم من أن الإصابة بالكوفيد-19 بانت تعد إصابة عمل قانونا و التكفل بالحجر الصحي في مراكز مخصصة للغرض مع المراقبة الدائمة.لكن تم ترك الفريق يواجه المرض بمفرده.
فألتجأ الممرض بقسم جراحة العظام س.ب.ص إلى بيته بعد أن أبلغ عائلته ذلك. محدثنا على الرغم من قدرته على الحجر في منزله لانه واسع نسبيا إلا أنه بعد تفكير قرر رفقة زميله م.م استئجار منزل على حسابهم الشخصي خوفا على ذويهم من اي احتمال ولو بسيط في نقل العدوى إليهم.
على الرغم من ظروفنا المادية المتعثرة تحملت أنا و وكل زملائي المصابين تكاليف الحجر والعلاج. حيث كنت أدفع 60 دينار يوميا كلفة الوجبات فقط، علاوة على ثمانون دينار ثمن الدواء الذي اقتنيته أول يوم الحجر.
يذكر ان النقابة الوطنية للمرضين التونسيين قد اصدرت بيانا في التاسع والعشرين من أكتوبر الجاري دعت فيه وزارة الصحة إلى رسم خطة شاملة لمجابهة الوباء وإلى ضرورة إقرار حجر صحي شامل.كما استغربت النقابة تواصل تجاهل الوزارة لمطالب منظوريها ودعت الحكومة الى ايلاء الأولوية القصوى لوزارة الصجة في ميزانيتها
وفي خصوص تفاعل وزارة الصحة مع تحركات الممرضين الأخيرة يؤكد بلال القاسمي نقيب الممرضين التونسيين ان الوزارة لا تأبه بمطالب الممرضين ولم تجلس منذ مدة معهم للتفاوض
______________________________________________________________________________ مقال بمشاركة:
خولة بوكريم مقابلات وتحرير
حمدي بالحاج بحث و تنسيق
ايمن بن محمد تحيين ومتابعة