20/11/01
سليانة، القصرين، سيدي بوزيد وقفصة، قد تغيبٌ التنمية عن هذه الولايات إلا أنها حتمًا ولا بدّ تتساوى في نكبة الوفيات. هناك حيث تفقد النساء حياتها على سرير الولادات قبل أن يرى أجنتهن النور، ليصبحوا خبرا موجزا و روايات.
الفاجعة اليوم يأتي صداها مزلزلا من ولاية قفصة تحديدا معتمدية زانوش، عمادة هنشير الأفراح. المنطقة التي أتت منها تفاحة الكريمي في ساعة مبكرة من صباح السبت 31 أكتوبر 2020 حتى تضع مولودها الخامس. إلا أنها رحلت وجنينها في بطنها، مخلفة ورائها 4 أطفال، 3 أولاد وبنت. والسبب الذي يعاد تكراره في كل مرة، “غياب طبيب نساء وتوليد بالمستشفى الجهوي بقفصة”.
وعلى الرغم من حالة الحزن التي تعتري نزار بن علي زوج الضحية إلا أنه يتذكر جيدا الساعات الأخيرة التي قضاها رفقة زوجته مصرحا لكشف ميديا
“نزلت من السيارة وزوجتي في حدود التاسعة والنصف مساء الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت، ودخلنا المستشفى المحلي بالسند مشيا على الأقدام وكانت في حالة جيدة، لم تكن تشكو من أية آلام”
يؤكد محدثتا أنه قام بالإجراءات الإدارية اللازمة لتسجيل زوجته ووجد الاستقبال الجيد بمستشفى السند بعدما تم طمأنته على صحة زوجته التي كانت على وشك الولادة. ويشير نزار إلى أنه في ساعات الفجر الأولى من صباح السبت اتصل بإحدى الممرضات وأعلمته أن حالة زوجته الصحية قد تعكرت مما استدعى نقلها على جناح السرعة الى المستشفى الجهوي حسين بوزيان بقفصة “
” تقريبا في حدود السادسة والنصف من صباح السبت، تلقيت اتصالا آخر لكنه هذه المرة من مركز أمن زانوش، يعلمني فيه مخاطبي أن زوجتي في وضع صحي حرج ولكن في تلك الساعة كانت قد توفيت”
تفاحة تم نقلها من مستشفى السند الى المستشفى الجهوي بقفصة، في ظل غياب طبيب مختص في النساء والتوليد هناك. خالتها السيدة خديجة خالة تؤكد على ضرورة كشف حقيقة وفاتها، وتحمل المسؤولية لادارة المستشفيات التي أقامت فيها خاصة في ظل تهرب المسؤولين من إدلاء أي معطيات حول ملابسات وفاتها وفق ما صرحت به.
رحلةٌ “تفاحة” الاخيرة كانت شاقة، ومرهقة حيث انطلقت من مقر سكناها في “هنشير الأفراح” مرورا بمدينة السند في المستشفى الجهوي الحسين بوزيان بقفصة ثم الى منتصف الطريق الرابطة بين قفصة وسيدي بوزيد، اينما كان سائق سيارة الإسعاف يسابق الزمن للوصول بها الى المستشفى الجهوي بولاية سيدي بوزيد.
يقول زوج الضحية
“بحثت عن مسؤول يرشدني ويقدم لي أية معطيات حول أسباب الوفاة ولكنني لم أتمكن من الحديث الى أي أحد. الجميع غير متاح.
ناجح عمروسية عضو النقابة الأساسية بالمستشفى الجهوي الحسين بوزيان يحمل مسؤولية وفاة تفاحة الكريمي، للمدير الجهوي والطبيب المكلف بتنسيق العلاجات، مضيفا:
سنوات ونحن نتساءل لماذا لا يتم دعوة أطباء مستشفيات المضيلة أو المتلوي أو توجيه المرضى الى هناك بدل نقلهم الى مستشفى سيدي بوزيد! الوضعية كارثية وستتعكر أكثر، والضغط سيبقى مسلط على الإطار الطبي وأساسا الشبه طبي الواجهة الرئيسية لتقبل ردة فعل المواطن.
لايزال أهل الضحية في انتظار تسلم جثة ابنتهم التي تم نقلها لولاية القيروان للتشريح. وذلك للتعرف على الأسباب الحقيقية الوفاة بحسب ما صرح به زوج الضحية لـ كشف ميديا”.
تفاحة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
حالة تفاحة الكريمي ليست الاولى في قفصة ولن تكون الأخيرة في ظل نظام صحي مهترئ. حيث شهدت ولاية قفصة في الخمس سنوات الأخيرة حالات مشابهة بسبب نقص في الإطار الطبي بأقسام التوليد بمستشفيات الولاية. من ذلك وفاة جنين في بطن أمه في قسم النساء و التوليد بالمستشفى الجهوي الحسين بوزيان بقفصة في 19 أكتوبر 2017.
قفصة ليست الوحيدة التي تموت فيها النساء على أسرة الولادة. في أوت 2019 توفيت امرأة أثناء الولادة بالمستشفى الجهوي بالقصرين. أما في معتمدية مكثر من ولاية سليانة توفيت امرأة عشرينية حامل في 27 مارس 2020 وهي في الطريق إلى العاصمة، بعد ماتم نقلها في سيارة أجرة نظرا لأن سيارة الإسعاف بمستشفى سليانة لم تكن مجهزة بالأكسجين
طبيب نساء وتوليد، يعمل في القطاع الخاص تعذّر عليه التصريح باسمه، لـ”حساسية موقفه”، يشير إلى أنه من واجب أطباء القطاع الخاص نجدة كل مريض ولا يجب التهاون في ذلك. إلا أن الإدارة الجهوية للصحة ووزارة الصحة لا تقومان بتنسيق العمل بشكل جيد مع الأطباء وتترك الامر الى الساعة صفر كما أن الوزارة لا تقوم بسداد مستحقات الأطباء في وقتها وهو ما لا يشجع الإطارات الطبية على العمل في المستشفيات وفق ما صرح به لـ”كشف ميديا”.
يذكر أنه حاولنا في “كشف ميديا” الاتصال ببعض المسؤولين في المستشفيات المذكورة لكننا لم نتلق ردودا عن أسئلتنا ولا على طلب إجراء مقابلات صحفية.