كشف بيئي


منطقة “باطن الغزال/ الأبيض في جلمة: ثروة مائية والسكان يعانون العطش

21/02/02

“نحن على نفس الوضع منذ سنوات نعاني العطش و نشرب الماء الذي يشوبه التراب والقش والحشرات وأحيانا تسقط في الماجل حيوانات سامة إلا أننا نواصل استعماله وشربه لأننا لا نملك حلولا اخرى”.

هكذا تصف فاطمة الخميري إحدى متساكنات منطقة “باطن الغزال/ الأبيض” من معتمدية جلمة في ولاية سيدي بوزيد معاناة الأهالي مع شح المياه وعدم توفرها صالحة للشرب. 

نتعرض الى  مظلمة كبرى في حقنا طالت لسنين ولابد من ايجاد حل سريع لها ..لقد مللنا كثرة الوعود من المسؤولين التي لا أثر لها على أرض الواقع”.

 وأكدت الخميري أنه يتوجب على الدولة ان تلتزم تجاه سكان منطقة “الأبيض ” وتوفر لهم مياه الشرب وتقطع مع سياسة التملص من الوعود تجاه سكان يعيشون جحيم العطش  رغم أن منطقتهم تزود ولايات ومدن تبعد مئات الكيلومترات.

يعاني سكان منطقة “باطن الغزال/ الأبيض ”  من معتمدية جلمة بولاية سيدي بوزيد  الحرمان من الماء الصالح للشرب ومازالوا يعتمدون المواجل للتزود به. كما أنهم يتعايشون بصعوبة لسنوات متتالية مع عدم توفره، ولم تربط بيوتهم بشبكة الماء الصالح للشرب رغم معرفة السلط المحلية والجهوية والمركزية بوضعيتهم ورغم توفر منطقتهم على ثروة مائية هامة تعتمد لتزويد عدد من المعتمديات والولايات المجاورة.

في هذه المنطقة تعتبر مشقة توفير الماء أكبر شاغل لسكانها  وينتصب أمام كل منزل مأجل لتخزين المياه وتتكرر شكوى كل مواطن  من العطش ومن مشقة تأمينه.

تتكون  بلدية “باطن الغزال” التابعة لمعتمدية جلمة بولاية سيدي بوزيد من عمادات (الأبيض/ باطن الغزال الشمالية/ سلتة /العضلة/باطن الغزال الجنوبية/ زغمار) ويبلغ عدد سكانها 16180 ساكن وتتوزع المناطق الغير مزودة بمياه الشرب على 4 عمادات،  وهي أولاد يوسف 1 وأولاد يوسف 2  ودوار المناصرية والعمايمية والجنايوية والبراهمية  وعمادة باطن الغزال الجنوبية  ودوار البشتية والعليويات ودوار عبو،  فيما تبلغ نسبة التزود بمياه الشرب في عمادتي زغمار وسلتة مائة بالمائة.

مراد خميري أحد متساكني المنطقة يصف بدوره وضعية الماء هناك  بالصعبة والمعقدة اذ يعاني السكان  من مشاكل كبيرة في توفير مياه الشرب/  حيث كان السكان سنة 1996 يتمتعون باستعمال جزء من مياه معمل “حياة ” المنتصب بالمنطقة الا ان اشكالية منعت تزودهم وأصبحوا يعانون مشقة التزود بالجرار بتكلفة 25 دينار  للصهريج الواحد، وترشد العائلة استهلاكها وتحرم من الاستحمام ومن الاستمتاع باستعمال الماء  فالماء نادر وثمين ولا بد من الحفاظ عليه.

” الدولة مطالبة بتوفير الماء الصالح للشرب مثل بقية الجهات خاصة وأن منطقتنا تتوفر على مائدة مائية هامة ومعامل تعليب المياه تحيط  بنا من مختلف الاتجاهات ونحن محرومون من الماء و مقهورون جراء هذا التراخي.  الدولة التي لم تفكر حتى في انقاذنا من هذه الحالة ولا أسوء من وضعنا فنحن لا نرفض ابدا ان تزود المناطق والولايات المجاورة  بالماء من منطقتنا ولكننا نطالب بتزويدنا أيضا بالماء وهو حقنا “.

ولفت الى أن كل السكان يعيشون “حالة من القهر” اذ يروا بأعينهم وبشكل يومي شاحنات مملوءة بقوارير المياه المعدنية تشق طريقها الى أماكن بعيدة وهم في أشد الحاجة إلى الماء ويعانون العطش.

تتكدس الأواني البلاستيكية والحديدية لوضع المياه في ركن من كل بيت في منطقة “باطن الغزال الابيض”،  ولا يخلو منه مجموعة من الأواني التي تسهل جلب الماء من الماجل.

 ربح العبيدي حفرت مأجل العائلة منذ سنة 1985 بعد أن باعت قرطها واشترت به كمية من الحجر لبناء الماجل الذي تتزود منه حاليا مع بقية أولادها وأحفادها. وأشارت إلى أنها كانت  تعاني من جلب الماء على ظهور الحمير والأواني البلاستيكية وتعتمد حاليا على الجرار في جلب مياه الشرب. كما أن العائلة لا تزال  تستغني عن اشياء اخرى لضمان التزود بالماء، وتنتظر أن تقوم الدولة بواجبها  وتزود سكان منطقتها بمياه الشرب.

يذكر أنه تتواجد بمنطقة “الأبيض” 3 مصانع  لتعليب المياه ومصنع رابع في طور التركيز كما توجد بها 4 آبار عميقة مخصصة لتزويد مناطق وولايات مجاورة بالمياه .

من جهتها اعتبرت السيدة عبيدي، إحدى متساكنات المنطقة وضعية الماء حرجة وخطيرة، وهي متواصلة لسنوات دون حلول. حيث تعيش عائلتها المتكونة من 7 أفراد حاليا على اقتناء صهريج الماء ب15 دينار  وينفذ غالبا خلال 10 أيام،.

“لم أعد قادرة حتى على حمل الأواني  البلاستكية والأسطل ثقيلة الوزن، الماء عنصر أساسي لكل جوانب حياة الإنسان،  وخاصة في حياة المراة التي تعجز في بيتها عن القيام بأي شيء إذا لم يتوفر الماء”

وعابت السيدة عبيدي على الدولة تقصيرها تجاه مئات العائلات في بلدية “باطن الغزال” ، وأكدت أن سكان المنطقة جيل بعد جيل  لم يتركوا باب مسؤول إلا وطرقوه لإيجاد حل لهذا الإشكال إلا أن الوضع باق على حاله وقوبل  بأشكال وأنواع من المماطلة والتسويف، التي لا تحصى ولا تعد على مر سنوات العطش.

العطش وعدم توفر مياه الشرب ومشقة تعبئة الماجل بصهريج يجلبه الجرار بعد انتظار يتواصل أحيانا لمدة أيام، رغم أن مصانع لتعليب المياه والآبار العميقة التي تزود ولايات ومناطق مجاورة على مرمى حجر من عائلات تعاني العطش  لسنوات متتالية، وهو واقع  سكان منطقة “باطن الغزال / الأبيض”.

من جانبه أفاد والي سيدي بوزيد محمد صدقي بوعون بخصوص موضوع تزويد بعض المناطق بمياه الشرب ببلدية “باطن الغزال “، لـ”كشف ميديا”  أنه قد تمت برمجة منطقتي أولاد يوسف 1 وأولاد يوسف 2 على البرنامج الجهوي للتنمية 2019. كما صدر إعلان طلب العروض بالنسبة للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه وتم تقييم العروض، وانجزت  حفرية بعمادة “باطن الغزال الجنوبية” (الدهيسة) منذ سنة 2017 وتم تكليف مكتب دراسات بتجهيز البئر ومد القنوات وانطلق مكتب الدراسات في جلسات تحسيسية مع السكان ليتعهد المواطنين بالمساهمة في تسديد معلوم العداد (150 دينار).

 وأضاف أن عمادة العضلة (دوار المناصرية والعمايمية والجنايوية) تمت دراسة المشروع بكلفة 246 ألف دينار وبصدد اعداد طلب العروض، وبالنسبة ل “دوار البراهمية” برمج على البرنامج الجهوي للتنمية لسنة 2020 في اتفاقية مع الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه.

على الرغم من الحديث الرسمي عن الانطلاق في البدء في مشاريع خاصة بإيصال الماء الصالح للشرب، إلا أنه تتواصل معاناة سكان منطقة “باطن الغزال/ الأبيض” من معتمدية جلمة  في ظل بيروقراطية إدارية ورسمية تزيد من عطشهم ولا توقف معاناتهم اليومية