21/02/26
طاهر بن كمال الدين بالرابح، 22 عاما، حاصل على شهادة الباكالوريا، وكان ينوي الدراسة في مؤسسة خاصة لإصلاح البواخر، إلا أنه الآن يقضي أيامه الاولى في السجن من عقوبة حددتها المحكمة بـ17 عاما من أجل “مسك واستهلاك ونية الترويج وتهيئة مكان للاستهلاك”. هذه التهمة التي تعتبرها شقيقته مها بالرابح كيدية وظالمة، حولت حياة عائلة بأكملها إلى الجحيم.
لم نستطع منذ 16 فيفري إلى اليوم إبلاغَ والدتي بأن ابنها الصغير حكم عليه بـ17 عاما، نخاف عليها أن يصيبها مكروه.
طاهر ومثله بالمئات من الشباب/ات تضيع أحلامهم/ن وأمانيهم/ن حتى صحتهم/ن في تونس بين غياهب السجون التونسية من أجل استهلاك المخدرات، دون توفير أبسط حق من حقوق الإنسان ألا وهو الصحة والعلاج. نرصد في هذا التحقيق معاناة ضحايا قانون عدد 52 للمخدرات، وغياب دور الصحة العمومية في هذا المجال، ومساهمتها في تعميق الأزمة بازدياد عدد المستهلكين/ات للمخدرات.
عائلة طاهر مرت بصعوبات مالية كبيرة أثناء فترة الحجر الصحي الأول، في أفريل 2020. والده يملك مقهى تراجعت مردوديته بسبب إجراءات الإغلاق وحظر التجول. في الرابع من أفريل 2020، تاريخ الليلة التي قُبض على طاهر وأصدقائه في منزله كان في غرفته مبلغ 3000 دينار، تبرَّع به طاهر وخطيبته لأبيه، وأجَّلا اقامة حفل الخطوبة، حتى يدفع والده أجور عمال المقهى والفواتير المتخلدة بالذمة. إلا ان الشرطة يومها ارتأت أن تصادر المبلغ مع كمية القنب الهندي “الزطلة” التي وجدوها في غرفته.
أعوان الشرطة قالوا لنا بالحرف الواحد، ادفعوا 8000 ألاف دينار وسنخرج من هنا وكأن شيئا لم يكن.
في تلك اللحظة صرخَ أحد أصدقائه “والدي طبيب وبإمكانه دفع المبلغ”. وبالفعل تفيدنا شقيقة طاهر، بأن عناصر من الشرطة رافقوا صديق أخاها لمنزله وتم الاتفاق مع والده ودفع لهم مبلغ 10000 دينار، إلا أنه أثناء التحقيق ارتبك وقال انه كان يحوز بعضا من مادة القنب الهندي، فقضى 5 شهور في السجن ثم تم إخلاء سبيله. وبقي فيه طاهر 10 شهور منذ أفريل الماضي رهن الإيقاف، ليصدر الحكم الصادم بـ17 عاما في 16 فيفري 2021.
“كنا نعي جيدا حالته النفسية وإقباله الشديد على استهلاك مادة الزطلة، لأجل ذلك وافقت أمي على تسجيله في مدرسة خاصة بعد انتهاء الحجر الصحي، وأردنا إدخاله إلى مصحة لتلقي العلاج من هذا الإدمان لكن القضاء كان سباقا وحال دون ذلك”.
تؤكد شقيقة طاهر بأن أخاها لم يكن مروجا أبدا ولا يحتاج لذلك، لأنه كان يساعد والده في المقهى وكان طول الوقت تحت أنظاره، إلا أن تلك الليلة كان هو من ذهب لشراء 6 قطع “زطلة” حتى يتقاسمها مع أصدقائه الثلاثة ويقضون ليلة الحجر الصحي في لعب “البلاي ستيشن”.
“عندما دخلوا على والدتي في المطبخ لم يعرفوا بأنفسهم على أنهم من الشرطة. كان قدومهم مرعبا ومخيفا. ومن طريقة التعامل معها ظنت والدتي أنها هي المعنية ولم تفكر بأن ابنها هو المطلوب”.
ويعاقب الفصل 4، من القانون عدد 52 لسنة 1992 مؤرخ في 18 ماي 1992، والمتعلق بالمخدرات بالسجن من عام الى خمسة أعوام وبخطية من ألف الى ثلاثة آلاف دينار كل من استهلك أو مسك لغاية الاستهلاك الشخصي نباتا أو مادة مخدرة في غير الأحوال المسموح بها قانونا والمحاولة موجبة للعقاب. كما يعاقب الفصل 7 من نفس القانون المذكور بالسجن من عشرة أعوام إلى عشرين عاما وبخطية من عشرين ألف دينار الى مائة ألف دينار كل من خصص أو استعمل أو هيأ مكانا لاستغلاله في تعاطي أو ترويج المواد المخدرة أو خزنها أو إخفائها وذلك بصفة غير قانونية ولو بدون مقابل.
الأستاذ معز السويسي المحامي يؤكد لمعدة التحقيق نيابته لعشرات القضايا المتعلقة باستهلاك القنب الهندي، معظم /ات فيها شبابا، وضعوا تحت طائلة القانون 52 الخاص بالمخدرات. ويؤكد السويسي أن الاحكام في هذه القضايا تحديدا مرتبطة بالقضاة وليست متشابهة في مضامينها فمثلا هناك من يذهب إلى إصدار أحكام مؤجلة التنفيذ وأخرى عقابية في الابان. وأن ما يصدر عن محكمة تونس ليس بالضرورة مشابها لما يصدر عن محكمة أريانة على الرغم من تقاطع القضايا وتشارك حيثياتها.
ويشير السويسي إلى ان حتى الأجانب، وخاصة منهم القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء ينطبق عليهم أحكام هذا القانون، مؤكدا أن هناك من أتى إلى تونس سائحا ليجد نفسه/ها موقوفا/ة لستة أشهر في السجن من أجل تدخين القنب الهندي “الزطلة”.
في 25 أفريل 2017 صادق مجلس نواب الشعب على تنقيح القانون عدد 52 وإلغاء الفصل 12 من هذا القانون القاضي بعقوبات سجنية ضد المستهلكين، حيث كان يمنع القضاة من إصدار أحكام مخففة وفق الفصل 53 من المجلة الجزائية فيما يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في قانون 52.
وكان القضاة مجبرين على إصدار عقوبة تصل إلى 5 سنوات كحد أقصى عقوبة بسنة سجن نافذة و 1000 كأدنى حد. لكن مع إلغاء ھذا الفصل فقد أصبح للقضاة سلطة تقديرية تمنحهم الحق في تخفيف العقوبة السجنية.
يؤكد الاستاذ معز السويسي أن العقوبة السجنية لمستهلكي “الزطلة” او المخدرات عموما ليست حلا البتة، بل أن الطريق لحماية هؤلاء/هنَّ من أخطار الاستهلاك هو علاجهم/نَّ، مشيرا إلى أن جل الحالات التي تناوب فيها من أجل الاستهلاك لأول مرة وبعد دخولهم إلى السجن عادوا للاستهلاك من جديد وبشكل مكثف.
ولعل و.ز الشاب الثلاثيني، هو بدوره أحد ضحايا السجون التونسية والذي انقلبت حياته راسا على عقب بعد دخوله إلى السجن في ماي 2011، عندما كان يبلغ من العمر 20 عاما، بسبب وشاية صرَّح بها أحد أصدقاءه للشرطة، تفيد بأنه يستهلك مادة القنب الهندي “الزطلة”.
منذ خروجه من السجن لم يجد عملا مناسبا، بعد أن أصبح كل مؤجر يجيبه بالرفض بسبب البطاقة عدد3، التي باتت ملطخة بعقوبة سجنية من أجل استهلاك المخدرات.
قبيل القبض عليه بثلاثة أيام كان يستعد لتسلم عمله في الشركة التونسية للملاحة. و.ز عانى كثيرا بعد خروجه من السجن من نظرة المجتمع ورفضه له، وزاد عليه مرض والدته، وانتكاستها بسبب وصمه ب “خريج السجون”. خسر عمله ولم يستطع الزواج من الفتاة التي يحبها.
يؤكد و.ز أن هناك العديد من الشباب المنتمين لعائلات ميسورة تم القبض عليهم في نفس قضيته، تم إخلاء سبيلهم لأن أهاليهم قادرون على دفع “أموال” مقابل ذلك للبوليس دون الوصول إلى مرحلة الإيقاف أو المحاكمة.
حتى ديسمبر 2015 بلغ عدد الأشخاص الذين حوكموا بجرائم تتعلق بالمخدرات القابعين في السجون التونسية 7451 شخصا، منهم 7306 رجلا و145 امرأة، بحسب الإدارة العامة للسجون والإصلاح التابعة لوزارة العدل. أدين حوالي 70 بالمائة من هؤلاء ـ 5200 شخصا تقريبا، باستهلاك أو حيازة مادة القنب الهندي او الحشيش، المعروفة في تونس بـ “الزطلة”. 28 بالمائة من مجموع عدد السجناء في تونس مدانون في جرائم مخدرات.
و وفق منشور لمنظمة الأمم المتحدة في 9 جوان 2017 بلغت نسبة المحكومين بسبب جرائم المخدرات مرتفعة، أكثر من 28٪ (6662 نزيلًا من إجمالي 23553 سجينًا).
كما تشير دراسة بعنوان نتائج المسح الوطني MedSPAD II على الكحول والمخدرات صادرة عن وزارة الصحة وعدة منظمات وطنية ودولية في ماي 2017، أن 80.1 بالمائة من تلاميذ المدارس الثانوية، المتراوحة أعمارهم بين 15و17 سنة يستهلكون مادة القنب الهندي “الزطلة”. و18.7 بالمائة منهم يستهلكونها بين 10 و14 سنة.
وتشير الدراسة أيضا إلى أن استهلاك مواد الكوكايين والاكستازي والسوبيتاكس يتجاوز 80 بالمائة للمتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة.
و.ز انخرط في كل الانشطة التي من شأنها الحد من نزيف الشباب المسجون بسبب المخدرات، وعلى رأسها “جبهة تحرير الكيف”، يطمح اليوم إلى تقنين استهلاك مادة القنب الهندي.
وتجدر الاشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة اتبعت توصية منظمة الصحة العالمية الصادرة منذ 2018 حول إعادة تعريف درجة خطورة نبات القنب.
كان القنب يصنف سابقاً على أنه نبتة غير مفيدة للاستخدامات الطبية، لكن إعادة التعريف فتحت المجال لبعض الدول لمراجعة تشريعاتها العقابية في هذا الحقل. حيث صوتت لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة الأربعاء في الثالث من ديسمبر 2020 على إزالة عقار القنب المستخدم لأغراض طبية، من قائمة العقاقير الأكثر خطورة في العالم.
الأستاذ عبد الستار المسعودي المحامي يفيد، بأن عديد الدول الأوروبية قد تدرجت في العقوبة بالنسبة لمستهلكي المخدرات، وكما أنه يجب إعادة النظر في القانون عدد 52 برمته، ورؤية ما يتلاءم مع واقع الشباب اليوم ومتطلباته على حد تعبيره. ويأسف المسعودي أن قانون المخدرات كان موضوع حملات انتخابية لسياسيين كثر دون أن يقدموا شيئا ملموسا خاصة فيما يتعلق بتقديم الخدمات العلاجية.
علاج مفقود ومراكز معطلة
على الرغم من توفير عديد الدول في العالم العلاج إما بشكل عمومي أو خاص لمواطنيها المقبلين بشراهة على استهلاك مادة القنب الهندي وحتى المدمنين عموما لأنواع المخدرات الأخرى، تبقى تونس بعيدة كل البعد عن أداء دورها الصحي والتأطيري في هذا المجال.
الأخصائية النفسية مريم صخيري تؤكد لمعدة التحقيق غياب الإرادة الحكومية في تفعيل مراكز العلاج الخاصة بالإدمان، على الرغم من انخراط جهد المجتمع المدني في هذا المجال، إلا أن وزارة الصحة التونسية لم تنفذ ما أعلنته في وقت سابق على أنها “استراتيجية وطنية لتركيز أقطاب علاج للإدمان في تونس”. كما لا يصرح للمصحات الخاصة القيام بهذا الدور. “
دواء Methadone يستعمل في علاج الإدمان وهو مفقود في تونس ويمنع جلبه، ولا يوجد حتى إطار قانوني لذلك. عندما يكون المدمن في حاجة إلى جرعات معينة من المخدر الذي كان يتعاطاه وينقطع عنه، يساعد هذا الدواء على تعويض تلك الحاجة في جسمه، كما انه لا يضره بل يساعده على تجاوز مرحلة الإدمان شيئا فشيئا.
تؤكد الصخيري، أن هذا الدواء موجود في دولة المغرب منذ عشر سنوات، ويستعمل بشكل عادي وقانوني في عدة دول مجاورة، في حين تونس تقدم مجموعة من الأدوية غير نافعة لحالات الإدمان. وتشير محدثتنا أن حجة السلطات الرسمية في منعه، سيما وزارة الصحة، الخوف من استعماله كمادة مكونة لمخدر آخر. وهو أمر تعتبره الصخيري غير واقعي لأنه بالامكان التحكم في كيفية تصنيعه وتوزيعه.
تفيد الصخيري بأنها تابعت حوالي 200 حالة لمستهلكي/ات المخدرات خلال نشاطها في الستة أشهر الماضية في إحدى الجمعيات الناشطة في المجتمع المدني في هذا المجال، وتؤكد أن الذين عاشوا تجربة السجن يمرٌّون بعد خروجهم/نَّ بهزات نفسية كبرى، بعد أن خسروا وظائفهم/ن وحتى مقاعد دراستهم/ن، وساءت علاقاتهم/ن بوسطهم/ن الاجتماعي. كما أنهم قد يتعرضون بشكل كبير جدا لخطر العدوى للأمراض المنقولة جنسيا، مثل التهاب الكبد الفيروسي، ونقص المناعة البشري في السجن. وبالتالي فإن الضرر التي يتعرض لها من دخلوا السجن من أجل استهلاك المخدرات مضاعفة صحيا بشقيها البدني والنفسي.
الدكتور نبيل بن صالح، مدير عام مركز محمود يعقوب للإسعاف الطبي الاستعجالي عن وزارة الصحة، يقول لمعدة التحقيق، بأنه من النادر جدا تكفل وزارة الصحة بإيواء مدمني/ات المخدرات، بل يتم منحهم علاجات مؤقتة و حينية ويغادرون بعدها على الفور.
وردا عن سؤالنا عن الحالات المتقدمة في الإدمان يفيد د. بن صالح أن هذه الحالات يتم قبولها في أقسام السموميات وأقسام الإنعاش في مختلف المؤسسات، على شُحـِّها.
“عندما نتحدث عن مراكز خاصة لعلاج الإدمان وما يسمى بتركيز أقطاب علاجية، علينا ان نعرف جيدا أن استراتيجية وزارة الصحة قد تعثرت في هذا الخصوص. بسبب تواتر تغيير وزراء الصحة والعقبات البيروقراطية والادارية”.
وفي استعراضه لـ”الخارطة غير المعلنة للمراكز العلاجية للإدمان في تونس” يفيد د. بن صالح بأن مركز جبل/الوسط زغوان عاد نشاطه مؤخرا في 19 جوان 2019. وبالنسبة لأقسام كل من صفاقس والمنستير وسوسة ونابل وتونس فهي لا تعدو سوى عيادات خارجية في المستشفيات، مثل الرازي ومركز محمود يعقوب للإسعاف الطبي الاستعجالي وفرحات حشاد في سوسة. كما أن هذه الأقسام لا تحمل لافتة معلنة بعنوان قسم علاج الإدمان ولا تأوي المدمنين بل تقدم خدمات حينية مؤقتة.
كما يشير إلى أن 50 بالمائة من الحالات تحتاج إلى المتابعة النفسية وأن الوزارة تعمل حاليا على “تكوين أخصائيين نفسيين” لتوزيعهم على هذه المراكز حتى تستجيب للطلبات المتزايدة على هذا العلاج.
“مركز محمود يعقوب للطب الاستعجالي بمونفلوري يستقبل في السنة 150 طالب علاج من الإدمان، وأما مستشفى الرازي فيتقبل بين 500 و600 شخص، وكلما عُرف في أوساط المستهلكين بأنه مركز لتلقي العلاج للادمان كلما يتزايد الإقبال”.
د. بن صالح يعتبرُ الإدمان مرضا مزمنا ذي انتكاسات، والانتكاسة هي جزء من المرض، وليست سببا لسجن المريض/ة ولا سلبه لحريته، بل قادحا رئيسا للعلاج ومساعدته/ها على تجاوز محنته/ها. ويؤيد د. بن صالح تغيير قانون 52 الخاص بالمخدرات والمضي في طريق العلاج كسبيل لخلاص المستهلكين والمدمنين.
تجدر الإشارة إلى أن منظمة هيومن رايتس واتش في تقرير صادر عنها سنة 2016 أوصت وزارة الصحة التونسية بضرورة توسيع فرص الحصول على علاج طوعي بخصوص المخدرات في المجتمعات المحلية مع التأكد من أنه مناسب طبيا، ويستجيب للمعايير الدولية. وشددت على ضرورة توسيع فرص حصول الأطفال على علاج طوعي متوفر في المجتمعات المحلية مع التأكد من أن هذه الخدمة تراعي السن، ومناسبة وفيها عناصر تعليمية. مع الدعوة لتوفير علاج طوعي المجتمعات المحلية ضد الإدمان يستجيب للحاجات الخاصة للنساء والفتيات اللاتي يتعاطين المخدرات.
كما شددت منظمة الصحة العالمية و مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير مشترك لهما، صادر في 2019 على ضرورة توخي الدول المطبقة لمقاربة عقابية لمستهلكي المخدرات، إلى سرعة توفير علاج ورعـايـة للمصـابيـن بالاضطـرابـات الناشئـة عـن تعاطـي المخـدرات كبـدائــل للإدانـة أو العقــاب.
“نتمنى نكسّر الحبس” كانت هذه الأمنية التي يرجوها و.ز، وألّا يرى أحدا من الشباب بحاكم من أجل “جونتة” زطلة. “لا أحد يعرف قيمة الحرية إلا عندما يحرم منها”.
تمّت كتابة هذا التحقيق بصيغة حسّاسة للجندر
تصوير ومونتاج/ ” موقع كشف ميديا”
أنتج هذا التحقيق بالشراكة مع جمعية قرطاج للصحة/جميع الحقوق محفوظة © 2021