21/05/24
“ريم” اسم مستعار لممرضة بقسم التوليد بمستشفى فرنانة من ولاية جندوبة، لا تريد أن تدلي بهويتها الصحيحة نظرا للمنشور الصادر عن وزارة الصحة والذي يمنعها من الحديث مع الصحافة. تروي لنا عديد المشاكل داخل قسم التوليد وطب الرضيع بالمستشفى الذي تعمل به خاصة زمن فيروس كوفيد 19.
رغم الفضيحة التي جدت بمركز التوليد وطب الرضيع وسيلة بورقيبة بتونس العاصمة، الذي توفي خلالها 15 رضيعا بين يومي 6 و8 مارس 2019. الاَّ ان الحكومة لم تقم بأي اجتهاد يذكر لتوفير بيئة سليمة للعاملين/ات والمرضى في مثل هذه الأقسام.
“مرت سنتان نسى الجميع الحادثة وبقيت الحال كما هي”
معاناة المستشفيات بالمناطق الداخلية قد تكون أكبر من تلك في العاصمة، على غرار مستشفى فرنانة في جندوبة، فمن قبل انتشار الجائحة يعاني المستشفى من عديد النقائص ولعلَّ الوضع قد تأزم أكثر وقت تفشي فيروس كوفيد-19.إذ لا يوجد فيه طب اختصاص ويتم عادة إرسال النساء الحوامل إلى المستشفى الجهوي بجندوبة واحيانا الى مستشفيات العاصمة لتضع صغارها وفي بعض الحالات تتوفى وهي في الطريق إلى المستشفى.
ويفتقد قسم التوليد بالمستشفى المذكور الى أبسط المعدات الطبية، فلا يوجد جهاز قياس الحرارة، اضافة الى نقص في المعدات الأساسية للتوليد مثل جهاز شفط السوائل وهو ما يشكل خطرا على الرضيع عند الولادة.
أحيانا نرسل المرأة الى تونس العاصمة بمسافة 170 كم لمجرد طلب نصيحة طبية نظرا لعدم توفر طب اختصاص بالولاية.
كوفيد19 عكَّر الحال ومن حسن حظنا أننا لم نتلق أي حامل لديها أعراض الفيروس وإلا لا أحد يعلم ماذا سيكون مصيرهن.
تفيد محدثتنا بأنه أثناء العمل لا يتحصل الإطار شبه الطبي سوى على كمامة وحيدة وهي غير كافية للحماية قد تمزق أو تتلف كما ان الكمامة لا يدوم استعمالها ساعات طويلة، كما أنه لا يوجد زي الحماية.
ومن بين المشاكل التي تأزم الوضع أكثر في مستشفى فرنانة هو عدم احترام عائلات النساء للبروتوكول داخل المستشفى حيث يأتون دون لبس الكمامة او وضعها تحت الأنف. إذ لا توجد حراسة بقسم التوليد ولا عون لتنظيم الزيارات. إذ يضطلع بكل هذه المهمات الإطار الطبي والشبه طبي باجتهاد خاص منه. عند الزيارة المخصصة للنساء يحصل اكتضاض شديد وهو ما يجعل المكان يضيق بالموجودين فيه ويعرض صحتهم لسرعة خطر انتشار عدوى فيروس كوفيد-19.
تعيش سلمى بمنطقة عين الزانة فرنانة من ولاية جندوبة، ام لبنت. تقطن على بعد 22 كم من المستشفى المحلي. ليس لديها المال الكافي لكي تضع صغيرها بمصحة خاصة. عند الولادة توجهت الى المستشفى المحلي بفرنانة -أين تعمل ريم- بعد معاناة في البحث عن وسيلة نقل هي وزوجها.
كنت أتألم كثيرا خشية فقدان مولودي
تروي لنا سلمى تفاصيل معاناتها مع تجربة الولادة في مستشفى فرنانة، وكيف كانت حالتها النفسية سيئة جدا بسبب عدم شعورها بالاطمئنان والراحة في ذلك المستشفى.
عند وصولي الى المستشفى رأيت العديد من الناس لا يرتدون كمامة، ادخلوني الى قسم الولادة وبعدها تم إعلامي بأن حالتي معقدة ويجب عليا الذهاب الى مستشفى جندوبة الذي يبعد قرابة 35 كم. نقلوني في سيارة إسعاف تفتقر لأبسط المعدات الطبية. كدت ان افقد حياتي يومها. كنت خائفة من أن ألتقط فيروس كوفيد-19 وتتعكر حالتي الصحية أكثر.
تجدر الإشارة إلى أنه يستثنى حاليا الأطفال ممن هم سنهم دون 18 سنة من الحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد-19 الا أنه في حال أثبتت التجارب السريرية حول العالم نجاعتها وسلامتها لهذه الفئة العمرية فإنه توجد امكانية ادراجهم ضمن أولويات التلقيح وفق ما أفاد به رئيس لجنة قيادة الحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد-19 الهاشمي الوزير.
“سلمى” ليست الوحيدة التي تضطر لقطع مسافة من أجل الوضع، فهناك عشرات النسوة اللواتي يتقاسمن معها نفس المعاناة في كل مرة تحين ولادتهم. لتتحول عملية الولادة إلى رحلة قسرية نحو مكان إبعاد، إذ يبعد المستشفى الجهوي بجندوبة 35 كم عن معتمدية فرنانة. ولربما سيبقى الحال على ماهو عليه طالما لم تلتفت وزارة الصحة لمستشفى فرنانة وتزوده بكل النقائص اللازمة خاصة قسم التوليد والرضع.
بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا