كشف معلومة


كوفيد-19 في صفاقس: نادلات المقاهي والمطاعم بين ضرورة العمل وغياب الحماية

21/05/27

غيرت جائحة كوفيد-19 من ملامح عديد القطاعات التي كانت تشهد حركية اقتصادية عالية . ولعل القطاع السياحي هو أكثر القطاعات المتضررة بما فيها من تعطل خدمات المقاهي و المطاعم، إحدى أهم مواطن الشغل التي تستقطب النساء الباحثات عن عمل .

الكوفيد لم يكن رحيما مع العاملات في هذا القطاع بما خلفه من صعوبات اقتصادية واجتماعية ونفسية لدى فئة هشة ومعرضة لخطر الاصابة بالفيروس. ولعل سميرة، 50 عاما، أصيلة ولاية صفاقس، واحدة منهن. إذ وجدت” نفسها مجبرة على العمل يوما بيوم بسبب جائحة كورونا .

لم يكن هناك حل آخر سوى اقتسام أيام العمل مع نادل يعمل معها في مقهى شعبي -هو الآخر يعيش ظروفا صعبة بسبب آثار كوفيد-19 على مدخوله. 

تنطلق سميرة  في عملها منذ الخامسة صباحا بحركاتها البطيئة. تقول أن لا شيء يخيفها سوى هذا الكوفيد الذي لا تستطيع تحديده في ملامح رواد المقهى  ولا الحماية منه. 

  خلال شهر رمضان المنقضي اضطرت “سميرة ” إلى البحث عن عمل آخر جراء الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة التونسية لمكافحة كوفيد-19 والتي لم تراع فيها ظروف هذه الفئات الهشة اقتصاديا واجتماعيا.

 ويشهد قطاع المقاهي والمطاعم  في مدينة صفاقس إقبالا كبيرا من اليد العاملة النسوية، و يمثلن شريحة واسعة من مجموع اليد العاملة.هذا العمل يحتاج الى كثير من الدقة و والتزام النظافة وهو ايضا عمل يضع  هؤلاء العاملات في دائرة الخطر ً، خطر انتقال عدوى فيروس كوفيد و العدوى، بما يقتضيه مكان عملهن من اختلاط مع  الحرفاء.

” الكوفيد كان سببا في فقدان عديد العاملات في المقاهي والمطاعم لعملهن ولم يتم تعويضهن ..وأنا واحدة منهن أبذل قصارى جهدي حتى أوفر قوت يومي، لكن يبدو ذلك عسيرا جدا. أعرف العديد من صديقاتي اللواتي كن يتقاسمن معي نفس المهنة اضطررن  إلى ى العمل معينات منزليات لكسب لقمة العيش  “.

يقع المقهى الذي تعمل فيه سميرة على مقربة من المستشفيين الجامعيين الحبيب بورقيبة والهادي شاكر، وهي تعتقد أن هذا الأمر قد ما يضاعف خطر إصابتها بكوفيد. خاصة مع ارتياد زوار هذه المستشفيات اإلى مقهى كل يوم 

  تتنقل سميرة بين الزبائن و بين دخان سجائرهم ورائحة القهوة، تنظف الطاولات و توصل الطلبات ، وقد  تغفل أحيانا عن لبس كمامتها إلا أنها لا تؤجل تنظيف كل طاولة تفرغ من الزبائن 

“نحن معرضون إلى خطر الإصابة بالكوفيد ومع ذلك ليس لنا الأولوية في التلقيح” .

سميرة سجلت منذ البداية في منظومة أيفاكس لكنها لم تتلق رسالة تأكيد حقها في الولوج إلى التلقيح، على الرغم من تجاوز سنها الخمسين. هي لا تأمل في أن تأخذ حصتها من جرعة التلقيح وتعتبر أن المنظومة برمتها يشوبها خلل، وأنها بعيدة عن الاهتمامات الرسمية، مثلها مثل ألاف النسوة اللواتي يعانين ظروفا اجتماعية هشة.

ولعل “وحيدة” لا يختلف وضعها كثيرا عن “سميرة”.إذ يبدو أن أزمة جائحة الكوفيد قد ألقت بظلالها  أيضا على حياة وحيدة التي من المفترض أنها تعمل   في مطعم لإعداد الوجبات السريعة بمدينة صفاقس. إلا أنها قد  دخلت في بطالة مؤقتة بسبب الجائحة طوال شهر رمضان وتراجعت مداخيها بشكل كبير بسبب قرارات الإغلاق وحظر التجول. عندما عادت للعمل  بعد أيام من عيد الفطر، كانت تشعر بحمل كبير على عاتقها.

“عدتٌ للعمل مكرهة بسبب الديون التي أثقلت كاهلي طيلة فترة بطالتي، كما أنني أخاف التقاط عدوى فيروس كوفيد-19، في ظل الاكتظاظ وغياب وسائل حماية ناجعة تصد عني الفيروس اللعين.

لم تتحصل كلا من وحيدة  وسميرة لكثير من العاملات اللواتي يتقاسمن معهما نفس المهنة في قطاع المقاهي على منحة مائتي دينار التي كانت قد أقرتها حكومة الياس الفخفاخ في مارس 2020 إبان الحجر الصحي الشامل.

وعلى الرغم من تنظيم   مبادرات من المجتمع المدني و حركات تضامنية تطوعية لإعانة هذه الفئات الهشة عبر توزيع مساعدات غذائية، إلا أن كل هذه التحركات لم تكن كافية لمساعدة جميع النساء اللواتي تضررت مداخيلهن بسبب الجائحة.

إذ تشير  بسمة أم الزين وهي منسقة حملة “أغطية الحب “الى أن هذه الفئات تضررت و لم تجد سندا من الدولة التي أجبرتهم على البطالة دون تعويض. كما أن جائحة الكوفيد دفعت أيضا بالكثير من أصحاب المقاهي أو المطاعم إلى البيع أو الغلق او إشهار 

الإفلاس. 

وهو حال محمد، صاحب مقهى في مدينة صفاقس، ويعتبر أن المؤجر مجبر على التقليص في عدد العمال بسبب ركود اقتصادي خلفته الجائحة. كما  يستغرب “من عدم التسريع في أعطاء الأولوية في اللقاح للعاملين في هذا القطاع”.

بدوره يؤكد محمد مخلوف مدير الصحة الوقائية بصفاقس لـ”كشف ميديا” أنه من الضروري تعميم التلقيح المضاد للفيروس والتسريع فيه ليشمل كل الفئات دون تمييز. ودون محاباة قطاع على حساب آخر.

 زمن الكوفيد تواصل العاملات في المقاهي والمطاعم رحلة النضال من اجل لقمة عيش إذ.ه يعملن في دائرة الخطر دون أن يحلمن بجرعات تلقيح قريبة وربما تعدتت الأسباب والنتيجة واحدة وهي تعرضهن لخطر العدوى. سميرة ووحيدة وغيرهن من اللواتي قابلهن كشف ميديا تحملن ضد الكوفيد


بقلم زهير بن علي

إشراف عام خولة بوكريم

أنتج هذا العمل بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا