كشف حكومي


عاملات النظافة في سيدي بوزيد زمن الكوفيد: عمل دون حماية مقابل 300 دينار في الشهر!

21/06/01

 كل صباح يوم أحد يتوجَّهن باكرا لكنس السوق الأسبوعية بمدينة سيدي بوزيد،  ما يطلق عليها باسم”الرحبة”، بيد كل واحدة منهن مكنسة أو رفش أو مجرفة لتجميع مختلف الفضلات والأوساخ من شوارع المدينة.

تعمل 17 امرأة من مجموع فريق يتكون من 22 شخص يوميا في تنظيف الشوارع  والمقابر والجوامع والنقاط السوداء لتجمع الأوساخ والأسواق الأسبوعية والمناطق الخضراء وبفضلهن تتجمل مدينة سيدي بوزيد منذ أربع سنوات ولم يتوقف عمل الفريق حتى في ذروة  فترة انتشار فيروس “كوفيد-19”.

نرصد في هذا التقرير معاناة عاملات النظافة في سيدي بوزيد مقابل أجور زهيدة وفي ظروف خالية من الحماية والوقاية وتزيد من خطر الإصابة بفيروس كوفيد-19.

سهام براهمي 45 سنة،  اشتغلت 3 سنوات مع مقاول سابق وتواصل العمل للعام الرابع مع مقاول جديد وفر لهن أخيرا التغطية الاجتماعية.

 ” كنَّا نعمل بمفردنا وسط شوارع المدينة خلال فترة الحجر الصحي الشامل ولا يتواجد معنا سوى عناصر الأمن، إلاَّ ان السلط الجهوية تملصت من مسؤوليتها تجاهنا”. 

تطالب سهام فقط باستمرارية العمل رغم التعب والمشقة لتواصل العمل ويتواصل دخلها الذي لا يتجاوز 350 دينار.

قامت سهام  طيلة فترة انتشار كوفيد-19 منذ بداية الموجة الاولى يوميا مع فريق مقاولات أشغال الكنس والتنظيف في بلدية سيدي بوزيد بتجميع الأوساخ والفضلات ووضعها في السيارة وايصالها الى مصب الفضلات بما فيها بقايا فضلات مرضى “الكورونا”  دون أن تتوفر لها وزميلاتها  وسائل  الحماية. كما تخلت البلدية عن دورها تجاههم ولم تقدم لها لوكامل الفريق لا الكمامات ولا الجال المعقم.

 جلُّ النساء العاملات في فريق التنظيف واللواتي تحدثنا إليهن، هنَّ نساء أرامل ومطلقات ويوفرن قوت اطفالهن ومهملات من طرف أزواجهن، وهن من يتكفلن بمصارفهن. إلا أن الأجور التي يتقاضونها ضئيلة جدا ولا تكفيهن لتغطية طلباتهن ولا تسمح لهن بالعيش الكريم. 

 نحن نعاني من ظروف اجتماعية صعبة تجبرنا على العمل كمنظفات في الشوارع و نتعرض للتنمر والمضايقات من طرف عدد من المواطنين وحتى التحرش في الشارع. كل هذا مقابل أجر لا يتجاوز في أقصى الحالات 340 دينار”.  

ترافقهن شاحنة لتجميع الاوساخ و”جرافة” وتتوزعن في الشوارع التي تنتصب فيها السوق الأسبوعية لتلتقط أيديهن الاوساخ الملقاة على الأرض أو لتجميعها في أكداس لترفعها الجرافة لاحقا.

بعضهنَّ يلبسن الكمامات والقفازات فيما تلثم الاخريات نصف وجوههن بغطاء رؤوسهن للحماية من الاتربة ومن الروائح الكريهة من صهد حر الشمس.  

 أكدت (أ.غ)  البالغة من العمر 40 سنة، أنهن لم تجدن من يقف إلى جانبهن فترة “الكورونا” ولو بمجرد “قفة” ولا مساعدة، وتساءلت:

 لما لا تتكفل بنا البلدية التي نعمل لحسابها؟ ولماذا تزداد معاناتنا مع الوقت دون أن يلتفت إلينا أحد وكأننا آلات ولسنا بشر ؟

تذكر محدثتنا  أن فترة “الكورونا” مكث الجميع في منازلهم وظل فريق مقاولات أشغال الكنس والتنظيف في بلدية سيدي بوزيد يعمل على تنظيف الشوارع وجمع الأوساخ وبقايا استعمالات مرضى “الكوفيد” والكمامات الملقاة في الشوارع دون أن تخصص لفائدتهن مساعدات ظرفية ودون أن يتمتعن بالأولوية في التلقيح رغم أنهن معرضات بشكل كبير للاصابة.

ريم غربي (26 سنة) مطلقة وأم لثلاثة أطفال تعاني من ظروف اجتماعية قاهرة اضطرتها الى المبيت 3 ليالي في المقبرة مع بناتها، خلال هذه الفترة من انتشار الجائحة طرقت  باب الولاية والبلدية والمعتمدية للحصول على مساعدة، إلا أن جميعهم رفضوا مساعدتها. وواجهت مصيرها بمفردها،  تعصف بها رياح الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية.

تفيد محدثتنا بأنه مؤخرا وفّر المقاول لفائدة العاملات الكمامات والجال المعقم ، إلا أن  السلط المعنية لم تخصص  لفائدتهن مساعدات ظرفية، وأكدت أنهن لا علم لهن بمنظومة التسجيل في التلقيح ضد كوفيد-19، وبأن  فريق مقاولات أشغال الكنس والتنظيف في بلدية سيدي بوزيد قد عرف بموضوع التلقيح يوم زيارة “كشف ميديا” لهن.

واكبت “كشف ميديا” عمل فريق مقاولات أشغال الكنس والتنظيف في بلدية سيدي بوزيد يومين خلال تنظيف الاسبوع الاسبوعية وتنظيف المقبرة، ولاحظت أن العاملات “كخلية نحل” تجمع اياديهن كل الاوساخ والفضلات وتقتلع الحشائش ويجملن كل مكان  يتواجدن فيه وينظفنه. 

 يخرجن فقط للعمل و تجميع الأوساخ وبقايا استعمالات مرضى الكوفيد أحيانا بأيديهن من دون قفازات.

لسعد بياوي مقاول اشغال عامة صاحب شركة مقاولات أشغال الكنس والتنظيف في بلدية سيدي بوزيد يؤكد أن الشركة قامت بتوفير الكمامات لفائدة العاملين/ات والجال المعقم وقفازات. كما ساعدت بلدية سيدي بوزيد بتوفير وسائل الوقاية أكثر من مرة الا ان الفريق لم يتمتع الى حد الان بالتلقيح وهو ما اثار استغرابه لأن الفريق المكون من 22 عاملا أغلبهم نساء، معرَّض للمرض والعدوى جراء العمل الذي يضطرهم الى تجميع الكمامات من الشارع والأوساخ وغيرها. 

كما أشار إلى أنه عادة ما يوصي العمال/ات بعدم لمس الكمامات باليد .

“يا حبذا لو تبادر السلط الجهوية بتمكين فريق الكنس والتنظيف في بلدية سيدي بوزيد من التلقيح المضاد لكوفيد-19، من المفترض أن تكون صحة الفريق على سلم أولويات البلدية”.

من جانبه، أفاد المنسق الجهوي للحملة الوطنية للتلقيح ضد “كوفيد 19” في ولاية سيدي بوزيد رفيق نصيبي أن الفريق المتنقل للتلقيح ضد “كوفيد 19” قدَّم التلقيح لفائدة السجن المدني وفريق أعوان البلدية المكلفين بدفن موتى “الكوفيد” وسيتم النظر في وضعية عاملات النظافة في بلدية سيدي بوزيد في أقرب فرصة عندما يتوفر التلقيح ويتم اعداد مطلب مسبق في الغرض.


بقلم كوثر الشايبي

إشراف عام خولة بوكريم

بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا