21/06/05
يتصاعد خطاب الكراهية ضد أفراد مجتمع الميم.ع ليس فقط في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من الجهود الكثيفة التي تؤديها منظمات المجتمع المدني التونسية والعربية لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن هذا المجتمع ولمد جسور التواصل مع رافضيهم. ولعل حملة الاختلاف ليس جريمة، تتنزل في هذا الإطار خاصة وأنها حملة إقليمية تنشط في كل من تونس ومصر ولبنان من خلال منظمات كل من هيفن فور أرتستس والمنظمة العربية للمساواة وحلم وموجودين.
وتعدُّ أبرز أهداف هذه الحملة هي توثيق المحتوى الإعلامي المناهض لـمجتمع الميم.ع مثل الانتهاكات والمقابلات والمسلسلات الدرامية والأفلام وحتى الخطب الدينية الممررة عبر وسائل الإعلام، وتوعية المجتمع وكذلك الناس في مختلف المجالات الصحفية والإعلامية حول الانتهاكات المرتكبة في حق أفراد الميم.ع و أيضا تحسيس المجتمع بالدعم من الحلفاء في مختلف المجالات.
علاوة على إنتاج مواد تثقيفية لتزويد الصحفيين/ات ووسائل الإعلام التي تغطي قضايا المجتمع الميم.ع باقتراحات ونصائح حول الآليات الأمثل للنقاش في هذه المواضيع وتجنب المصطلحات المتحيزة وخطاب الكراهية والانحياز الجنسي والعنصري .
أنيس، اسم مستعار، 26 سنة، أحد ضحايا خطاب الكراهية، شدَّ الرحال منذ سنتين إلى ولاية توزر / الجنوب الغربي لتونس، وابتعد عن مسقط رأسه خوفا من العقاب المجتمعي. وعلى الرغم من أنه لم يعلن في مكان عيشه الجديد ميله الجنسي للرجال، إلا أنه يشعر بالراحة بعيدا عن العائلة والاقرباء. فهو حسب قوله لـ”كشف ميديا” مثلي جنسي لكنه لا يستطيع البوح بهذا السر في مكانه الجديد خوفا من المخاطر والنبذ والكراهية التي ستنجر عنه. فهو يعتقد بأن المجتمع التونسي لا يؤمن بالاختلاف ولا يقبل المثليين.
“حياتنا مهددة في أي لحظة زد على ذلك لا تكف الشرطة عن ملاحقتنا وحتى وسائل الإعلام عندما تطرح قضايانا لا تسعى لمساعدتنا بل كل هدفها الإثارة بعد ظهورنا والتقليل من شأننا”.
يعتبر محدثنا أن وسائل الإعلام لها دور كبير في التأثير على أفكار الجمهور ومعتقداتهم.
“حتى وإن كان ظهور أفراد مجتمع الميم ع نادرا، فإنه عادة ما يصاحب ذلك الظهور في بعض وسائل الإعلام بالتحريض من المنشطين/ات ومقدمي/ات البرامج الإذاعية والتفلزيونية بعبارات جارحة وقد يكون أثرها خطيرا على سلامتنا النفسية والجسدية”.
قابلت كشف ميديا عدة أفراد من مجتمع الميم. ع في ولاية توزر والذين يمتهنون بشكل متقطع مهنة عاملي الجنس، وقد ساءت حالتهم الاقتصادية أثناء انتشار جائحة كوفيد-19. أغلبهم بعتبرون أنفسهن/م منبوذين إعلاميين ولا يتم التطرق لمشاكلهم مثل حقهم في الولوج إلى الصحة والخدمات الاجتماعية مثلهم مثل باقي المواطنين. كذلك عبروا عن خوفهم أصلا من طلب تلك الخدمات حتى لا يصبحوا عرضة للتهديد.
وبالعودة إلى خطابات الكراهية والتحريض التي تطرق إليها “أنيس” فهناك عدد كبير من وسائل الإعلام العربية التي تعتقد بأنها تسلط الضوء على المشاكل والتحديات التي يواجهها مجتمع الميم.ع ، لكنها في الواقع ليست كذلك.فالعديد من العاملين في المجال الإعلامي يساهمون في ترسيخ الصور النمطية التي يعاني منها هذا المجتمع، دون البحث في المفاهيم الحقيقية ذات العلاقة والتشبع بثقافة حقوق الإنسان التي لا تجرم الاختلاف الجندري ولا الميل الجنسي المغاير لماهو سائد.
ولعل مجتمع الميم.ع في لبنان أكثر عرضة لخطابات رجال الدين المتشددة إذ تستضيف معظم البرامج الإعلامية شخصيات دينية وتم التطرق لمشاكلهم بشكل هجومي وتكفيري وخطير على صحتهم الجسدية والنفسية. ويتقاسم بعض وسائل الإعلام في تونس ومصر ولبنان في غالب الأحيان استخدام ضمائر خاطئة وأسماء لا يفضلها الأفراد.
كما يحتاج مقدمو البرامج الأكثر جماهيرية في هذه الدول إلى لفت الانتباه تجاه ممارسات رهاب المتحولين والعابرين جنسيا والمثليين، ويجب أن يكونوا على دراية كاملة بالقضايا التي تهم مجتمع الكوير وتحترم خصوصية الأفراد وحياتهم الشخصية وحتى سلامتهم.
حملة رقمية مبسطة
حملة الاختلاف ليس جريمة التي أقيمت تحت مظلة منظمة “اتحاد”، وهو أكبر تحالف لعدد من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال مناصرة و دعم حقوق مجتمع الميم-عي، تم استخدام فيها وسوم تعبيرية هامّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمنظمات والجمعيات المذكورة سلفا، مثل “الإعلام سلطة للشعب مش على الشعب” و“وعّي نفسك على الضمائر الخاطئة” وغيرها
جمعية موجودين في تونس أطلقت مجموعة من الاستبيانات على صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” للصحافيين/ت و وسائل الإعلام لتتعرف على مدى دراية الصحفيين والإعلاميين في تونس بطريقة كتابة وإعداد التقارير المراعية للنوع الاجتماعي . و للتعرف عن مدى وعي هذه الفئة بمفاهيم الكيل الجنسي عند التطرق للقضايا الخاصة بمجتمع الميم.ع، وغيرها من المفاهيم ذات الصلة على غرار الهوية والتعبيرات الجندرية والخصائص الجنسية الخاصة بمجتمع الميم
كما نشرت “هيفن فور أرتستس” والمؤسسة العربية للحريات للمساواة و”حلم” و”موجودين” وهي المنظمات المنخرطة في الحملة بيانا وجهته إلى وسائل الإعلام البصرية والسمعية الإقليمية والدولية الناطقة باللغة العربية نبهت فيه إلى إن الممارسات التي يتعرض لها أفراد مجتمع الميم عين+ عند استضافتهن.هم على وسائل الإعلام المحلية، الإقليمية والعالمية تساهم بشكل أساسي في توسيع الفجوة بين المجتمع والأفراد الذين واللواتي لديهن.هم هويات جندرية غير معيارية أو/و توجهات جنسية و/أو خصائص جنسية غير نمطية، كما أنها تعكس صورة غير مهنية عن وسائل الإعلام التي تستضيف أفراد من الميم عين+ على برامجها.
وعبرت المنظمات والجمعيات المذكورة أعلاه على سعيها من خلال حملة “الإختلاف ليس جريمة ” إلى بناء قاعدة مشتركة بين المؤسسات الإعلامية والجمعيات الحقوقية. وأشارت إلى أن رسالتها المفتوحة هذه تهدف الى إتاحة الفرصة للمؤسسات الإعلامية للرد والإيراد المعلومات التي من الممكن أن تساهم في تحسين المعاملة والتغطية الإعلامية عند استضافتهن.هم أفراد من مجتمع الميم عين+.
وشددت المنظمات على ضرورة السعي للمعرفة والحوار، بغية الوصول الى تغطية إعلامية عادلة بالنسبة لقضايا الميم عين بكل من لبنان ومصر وتونس
مع انطلاق شهر الفخر منذ 5 أيام وهو شهر جوان /يونيو الذي يشعر فيه المثليات والمثليين ومغايري الميل الجنسي بالفخر والاعتزاز بالهوية الجنسية والجندرية، يتواصل التفاعل مع حملة “الاختلاف ليس جريمة” والتي قد تؤدي فعاليتها إلى تحسين الحوار مع أفراد مجتمع الميم.ع واستخدام اللغة الصحيحة.
وتبقى حملات المناصر من حين إلى آخر أمر هام جدل لإلقاء الضوء على الموضوعات المهمة المتعلقة بالأشخاص المثليين دعم ظهورهم على منصات التواصل الاجتماعي والإعلامي وإيصال أصواتهم للجمهور. حتى تبنى جسور تواصل وتعايش لا نبذ وكراهية.