كشف صحي


الهادي، دافن موتى كوفيد-19 في سيدي بوزيد: عملي تطوعي محفوف بالمخاطر

21/06/11

يسارعٌ الهادي عافي، 63 عاما الى لبس السترة الواقية والقفازات ويعقم ملابسه جيدا قبل إخراج جثة أحد ضحايا كوفيد-19 من المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد، بحذر شديد يحاول تغطية كل جزء من جسده وبإتقان تام يعقم ملابسه.

تطوع الهادي للعمل ضمن الفريق المكلف بدفن ضحايا كوفيد 19 بمدينة سيدي بوزيد، ويواصل العمل منذ بداية انتشار فيروس كورونا، كل حركاته يجب أن تكون على قدر من السرعة والحذر،  رفقة الفريق الذي يعمل به، يكلف بتعقيم الجثة  ثم رفعها  ووضعها في الشاحنة.

تسير سيارة الفريق البلدي المكلف بدفن موتى كوفيد-19 خلف شاحنة نقل جثة الميت لتمر من أمام  منزله سريعا  باتجاه مقبرة “دبش”.

الهادي هو أحد اعوان  بلدية سيدي بوزيد، وقد تردد  كثيرا قبل ان ينضم للفريق المكلف بالتعقيم والدفن في المدينة خلال الموجة الأولى من انتشار  فيروس كورونا حيث كان يسيطر عليه الخوف تجاه عائلته في الوقت الذي فيه كانت أغلب المعلومات حول الفيروس غير واضحة، الا انه قرّر التطوع  للعمل ضمن فريق دفن ضحايا الكوفيد، ولم يفكر بعدها في العدول عن قيامه بهذا الواجب الإنساني التطوعي للمساهمة في تخفيف وطأة هذا الوباء ومنع انتشاره.

يتكون الفريق من 6 أفراد عنصرين إثنين للقيام بعمليات التعقيم للساحات والإدارات العمومية والأماكن العامة و4 أفراد للقيام بعملية دفن موتى كوفيد في المقابر المتواجدة بمدينة سيدي بوزيد  والقريبة منها.

فريق دفن موتى الكوفيد أثناء عملية اخراج ميت

“عملية دفن الميت تنطلق باتمام الاجراءات القانونية لإخراج الجثة مع أهله من المستشفى وتفقد حفر القبر ثم وضع الجثة في الكيس المخصصة لها وتعقيمها جيدا ووضعها في الشاحنة المخصصة للنقل مع الالتزام التام من أعوان البلدية بتنفيذ كل إجراءات البروتوكول الصحي”. هي مهمة في ظاهرها غير صعبة لكن المخاطر المحفوفة بها تجعلنا نتأثر من وقت إلى آخر.

من بين مهام الفريق الذي يعمل ضمنه هادي،  منع العائلة من إدخال الميت الى منزله أو لمسه أو”تغسيله” وفي حال تعمدت العائلة الإخلال بالإجراءات  يقوم الفريق بإعلام السلط الامنية بالحادثة.

حال الوصول  الى المقبرة يعمد الفريق الى حمل جثمان الميت ووضعه في القبر وأحيانا يتشبث أفراد عائلته بأداء صلاة الجنازة مع احترام التباعد،  ثم يقوم الفريق اثر ذلك بتعقيم المكان والشاحنة التي نقلت الميت  ويتوجهون  مباشرة الى نزع السترات الواقية وحرقها في ركن من المقبرة ثم الى تعقيم ملابسهم وأياديهم جيدا.

“بلدية سيدي بوزيد وفرت لنا كل وسائل الوقاية لفائدة الفريق المكلف بدفن موتى الكوفيد مكنتنا من تكوين بالاشتراك مع الإدارة الجهوية للصحة حول البروتوكول الصحي لدفن موتى “الكوفيد” وحماية أنفسنا من نقل العدوى كما تلقينا التلقيح أواخر شهر رمضان”.

تعقيم الاحذية الفريق

يقول محدثنا إنها تجربة محفوفة بالمخاطر وبمشاهد موجعة وتترك ألما كبيرا من لحظات لعائلات تودع أحد أفرادها ببكاء وعويل وبشكل مختلف عن العادات والتقاليد لتوديع ودفن الموتى على مر عصور، وأضاف:

 “رغم أن عملية دفن ضحايا “الكوفيد” قد تكررت كثيرا إلا أن كل عملية دفن مرهقة نفسيا وموجعة لفقد جزء من عائلة خطفه الفيروس “اللعين” وأحيانا تفقد العائلة الواحدة أكثر من فرد في وقت وجيز فيتضاعف المصاب”.

أكد  أفراد الفريق المكلف بدفن موتى الكوفيد في حديثهم لـ”كشف ميديا” انه لم يصب أي فرد منهم بالفيروس ولم يصب أفراد عائلاتهم أيضا  لحرصهم على حماية أنفسهم وعلى حماية عائلاتهم منذ توليهم لهذه المهمة الانسانية. 

أحيانا، يتنقل الفريق إلى مستشفيات ومصحات ولايات مجاورة لجلب جثة متوفى من أبناء الجهة ودفنها في إحدى مقابر المدينة فيتكبدون مشقة التنقل وأحيانا الانتظار لساعات طويلة لاتمام الاجراءات.

جوهر رزيق 40 سنة، أحد أعضاء الفريق المكلف بدفن موتى  الكوفيد  في مدينة سيدي بوزيد، قال  أنه اختار التطوع للعمل ضمن فريق دفن موتى “الكوفيد”،  وقد تلقى الفريق تكوينا للقيام بهذا العمل . كما أن والوضع يتطلب منهم كفريق الحرص والحذر والالتزام التام بالبروتوكول الصحي في كل مراحل دفن الميت وخاصة تعقيم أنفسهم جيدا وهو ما ينفذونه بكل حذافيره لأنهم على دراية كبيرة بكل تطورات الوضع الوبائي وبعدد الضحايا وبوجع عائلات لفقدانهم أفراد أسرهم جراء هذا الفيروس اللعين.

فوزي عيوني كاتب عام بلدية سيدي بوزيد يؤكد في تصريحه لـ”كشف ميديا: أن   البلدية كانت طرفا رئيسيا في مقاومة هذا الوباء منذ بداية انتشاره من خلال اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة  وتعقيم الأماكن العامة والساحات والإدارات العمومية، ونظرا لتكاثر عدد الوفيات كانت البلدية طرفا بالاشتراك مع مصالح وزارة الصحة في توفير دورة تكوينية في دفن موتى “الكوفيد” وتم تأطير الفريق لتأمين عميلة رفع الجثث ودفنها من المصحات والمستشفيات وخصصت اعتمادات مالية لاقتناء أكياس الجثث والسترات الواقية والقفازات والكمامات ومواد التعقيم قدرت ب 80 ألف دينار سنويا وتلقى الفريق أيضا التلقيح لحمايتهم كفئة ذات أولوية في مواجهة الجائحة .


بقلم كوثر الشايبي

إشراف عام خولة بوكريم

أنتج هذا العمل بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا