21/06/21
كان يعايرني بيتمي، ويهينني بالضرب والشتم أمام طفلي، لم أشعر لمرة واحدة بأن مركز الشرطة يأخذ الشكاوى التي أتقدم بها ضدّه على محمل الجد”
(ل. خ) 26 سنة، متحصلة على تكوين جامعي ولم تواصل دراسلتها بسبب ظروفها الاجتماعية الصعبة. ومتزوجة منذ 3 سنوات، قضَت منهم حوالي السنتين في عنف متكرر وفق ما روت لـ”كشف ميديا”، وصل إلى حدّ محاولة القتل وكانت على وشك أن تخسر حياتها. إلا أنها فقدت جنينها خلال شهور حملها الأخيرة.
“على امتداد سنتين تقدمت بعدة شكاوى ضده، لكن الفرقة المختصة في جرائم العنف ضد المرأة لم تتعامل مع الأمر بجدية وكانت سببا في تمادي زوجي ومواصلته لتعنيفي. كما أنه لم يصدر أي حكم في القضايا المرفوعة ضده، بعد أن حاول قتلي “.
منذ انتشار جائحة كوفيد-19 حررت الفرقة المختصة في البحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل بمركز الأمن الوطني بسيدي بوزيد شهريا ما يعادل 120 محضر وأغلبها عنف مادي، وحرَرت الفرقة المختصة حوالي 3000 محضرا منذ تاريخ تأسيسها في فيفري 2018. وقد أحيل منها على العدالة حوالي 2900 محضر و100 محضر بصدد الإنجاز. وفق ما أفادنا به مصدر عن وزارة الداخية تحفظ عن ذكر اسمه بهذا المقال.
وبلغ عدد حالات العنف المسلط ضد المرأة حسب إحصائيات التقرير السنوي لسنة 2020 في ولاية سيدي بوزيد التي تم رصدها والتعهد بها 1758 حالة من بينها 984 حالة عنف مادي و440 حالة عنف جنسي و227 حالة عنف معنوي و 102 حالة عنف اقتصادي. وفق نفس المصدر.
تروي محدثتنا تفاصيل تعنيفها يوم رأس السنة الميلادية الأخيرة، حيث تعرضت لعنف شديد خلَّف لديها أضرارا جسيمة. وعندما توجهت للفرقة المختصة في البحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل لتقديم شكاية، تمت ممطالتها بين الفرقة والمحكمة ووجدت شكايتها في معتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد، مع أن الشاكية لا علاقة لها بجلمة تماما.
(ل. خ) تعرضت للعنف بجميع أنواعه، بما فيه العنف الاقتصادي، إذ يستغل زوجها صفته، ويفتك لها أموالها التي تقدمها لها عائلتها في شكل مساعدة بالقوة، علاوة على أنه يمتنع عن توفير حاجياتها.
كما عمدَ إلى التحيّل فيما يتعلق بممتلكاتهما كعائلة و كانت طول الوقت تتعرض للعنف اللفظي والمادي.
“كان يضربني ويشتمني بشكل متكرّر وأحياناً دون سبب يذكر. اعتداءاته المتكررة ضدي كانت سببا أيضا في موت جنيني”.
وقد خلّف العنف الذي سُلّط عليها أضرارا دائمة على مستوى الأسنان والرحم وفقرات العمود الفقري موثقة في عدد من الشهادات الطبية ورغم كثرة الشكاوى التي قدمتها ضد زوجها لم تنصف في كل مرة ولم تتمكن من نيل حقها.
ظلت قضية “النفقة” التي رفعتها (ل.خ) في المحكمة لمدة سنة ولم يصدر فيها حكم رغم أنها ليست لها مورد رزق وحتى قرار الحماية الذي صدر منذ منتصف شهر أفريل 2021 لم ينفذ بعد.
وتعتبر محدثتنا أن كل القوانين التي سنت لفائدة المرأة هي مجرد حبر على ورق مادام المسار القضائي يسير بمثل هذا البطء إذ لم يصدر أي حكم في 7 قضايا مرفوعة ضد زوجها متعلقة بالعنف ضد المرأة.
تواصلت”كشف ميديا” مع 5 نساء ضحايا عنف في ولاية سيدي بوزيد إلا أنهن رفضن رواية قصصهن بالتفصيل، وعبرَن عن خوفهن من تبعات تصريحاتهن على سلامتهن الجسدية من أزواجهن.
من جهتها أكدت رئيسة مركز “أسمعني للانصات وتوجيه النساء ضحايا العنف” بسيدي بوزيد ايمان دواحي أن الهدف من المركز هو تعزيز التصدي للعنف ضد المرأة ويوفر المركز المرافقة القانونية والصحية لضحايا العنف.
“المركز قد واصل العمل خلال فترة “الكوفيد” العمل وتم تسجيل 446 حالة عنف ضد النساء خلال فترة الحجر الصحي الشامل أثناء الموجة الأولى من انتشار فيروس “كورونا”
ونبهت دواحي الى خوف النساء من التبليغ على تعرضهن للعنف وعدم معرفتهن بحقوقهن القانونية والاجتماعية. وتشير إلى أن المركز يتابع مع المرأة ضحية العنف كل المراحل إلا أنها في بعض الأحيان تتراجع عن الشكوى في آخر مرحلة وتسقط حقها في التتبع كمتضررة. نظرا للضغوطات التي تمارس عليها من الأوساط العائلية والاجتماعية. والتأثير عليها بمنطق العرف والعيب أن تشتكي امرأة بزوجها.
وعلى الرغم من أن القانون عدد 58 لسنة 2017 الذي يتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة و”يهدف إلى وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة القائم على أساس التمييز بين الجنسين من أجل تحقيق المساوا ة واحترام الكرامة اﻹنسانية ، وذلك بإتباع مقاربة شاملة تقوم على التصدي لمختلف أشكاله بالوقاية وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا والتعهد بهم، إلا أن عديد الحقوقيين يرون أن هذا القانون باق حبر على ورق. رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على دخوله حيز التنفيذ.
الأستاذ عياض عمامي محامي بسيدي بوزيد وناشط في المجتمع المدني أكد من جانبه وجود بعض البطء في التعامل القضائي مع عدة قضايا خاصة فيما يتعلق بحقوق الفئات الهشة على غرار النساء ضحايا العنف الزوجي والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة.
“فيما يتعلق بقضايا العنف الاقتصادي أو العنف السياسي أو العنف عبر الانترنت تكون الإجراءات القانونية بطيئة خاصة إذا لم تتوفر شهادة طبية تتضمن مدة راحة طويلة أو عنف غير ثابت أو عنف غير جسيم تبقى القضية في رفوف المحكمة ولا يتم الفصل فيها في آجال معقولة ويمكن أن تمتد القضية الى فترة سنة”.
وبين عمامي أنه لا بد من احترام مبدأ ارادة الضحية في اختيار ما ستقوم به سواء قضية مدنية في النفقة أو مطلب حماية وهي قضايا ذات صعوبات تتمثل في عدم وصول الاستدعاء ومعدل فترة الحصول على قرار حماية في تونس يمتد من 3 أشهر الى 8 أشهر باستثناء القضايا الاستعجالية
القوانين لفائدة النساء موجودة الا أن هناك أشياء تحول دون نجاعتها وفاعليتها وهي نقص التكوين والتطبيق القضائي مازال بالعقلية القديمة “عقلية ما قبل القانون” وهو ما يتطلب تغيير العقليات والممارسات والسلوكات القضائية لتتلائم مع القانون.
أفادت المندوبة الجهوية للمرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في سيدي بوزيد هنية نصيري أن الدور المنوط بعهدة المندوبية يتمثل في التوجيه والإرشاد والمراقبة والمتابعة والحماية للمعنفات دون التدخل في قرارهن وأن فترة انتشار فيروس “كورونا” قد شهدت ارتفاعا لعدد النساء ضحايا العنف.
وأكدت أن كل الحالات التي ترد على مندوبية المرأة تحظ بالتعهد المطلوب سواء خدمات صحية أو اعانة عدلية أو مساعدات عينية أو ايواء بمراكز احاطة أو مساعدة على الإدماج الاقتصادي أو إدراج الأبناء في برنامج النهوض بالطفولة المبكرة.
وذكرت أن المندوبية الجهوية للمرأة والأسرة والطفولة وكبار السن قد قامت بسلسلة من الأيام التحسيسية والتوعوية حول “القانون الأساسي لمناهضة العنف ضد المرأة” و”مخاطر وأثار العنف المسلط على المرأة وكيفية التصدي له” و”جائحة الكوفيد 19 والإجراءات الصحية للتوقي منها” والقانون الأساسي عدد 58 لمناهضة العنف ضد المرأة”.
وبينت أن أهم إشكال في الجهة عدم توفر مراكز إيواء للنساء المعنفات وأشارت الى أن مشروع مركز الايواء بصدد الانجاز بمرحلة طلب العروض بطاقة استيعاب تقدر ب10 نساء برفقة أطفالهن ومقره بمعتمدية المكناسي وخصصت له 327 ألف دينار مبدئيا للتهيئة.
أنتج هذا العمل بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا