21/06/28
سليم (اسم مستعار)، 25 سنة، متحصل على شهادة عليا في الهندسة الميكانيكية، بدأت رحلته مع العمل مذ أن كان طالبا في الكلية. لكنه يعمل حاليا سائق تاكسي مع أخيه الذي يكبره سنا.
ينحدر سليم من عائلة متواضعة من الجنوب الغربي البلاد التونسية. ويشتغل أبوه عامل يومي وهو الان متقاعد يتقاضى منحة بسيطة لا تغطي المصاريف القارة الشهرية. ويتكفل سليم واخوه باعانة العائلة على بقية المصاريف.
ويطمحُ الى تغيير الوضعية الاجتماعية لعائلته فهو أملهم الوحيد. استطاع في البداية الحصول على وظيفة قارة بإحدى شركات التزويد الغذائية الكبرى لكن سرعان ما طرد من عمله أثناء جائحة كوفيد-19.
“خلال الموجة الأولى من انتشار فيروس كوفيد-19 في تونس، مرت الشركة بظروف صعبة من نقص في التزويد وغلق لبعض المحلات فاضطرت لتسريح بعض من العمال وكنتٌ من بينهم. كان حبل أمل وانقطع بشكل مفاجئ دون سابق إنذار”
اقترض سليم من أصدقائه مبلغاً ماليا وفتح محلا للألعاب الإلكترونية أين استطاع في البداية أن يجني القليل من المال ليساعد عائلته، لكن إقبال الشباب على المتجر قلّ بسبب قرارات الإغلاق وفترات الحجر الصحي المتواترة ولم يعد هذا المشروع مربحا. زد على ذلك مضايقات الشرطة له لأنه لا يمتلك رخصة لفتح هذا المحل. اضطر سليم للبحث عن عمل آخر لكن دون جدوى.
“في الأيام العادية لا يوجد عمل فما بالك زمن كوفيد-19، جميع الناس تعاني وهناك عائلات كانت تقضي الليل دون عشاء”.
في الأثناء بدأ يشتغل مع أخيه على سيارة التاكسي لكن من دون أي وثيقة أو رخصة قانونية. كان يشتغل وهو خائف من الشرطة فقد تكلفه هذه المخاطرة الكثير. كان يجوب الشوارع التي لا توجد بها دوريات أمنية. “يجب عليا الانتظار كثيرا الى أن يتم تعيين موعد لاجتياز الاختبار الذي يمكنني من الحصول على رخصة سياقة التاكسي” يضيفٌ متحسرا.
ومع عدم وجود راتب ثابت، تختلف المرابيح من يوم لآخر أحيانا يعمل سليم ويجني القليل من المال وأحيانا لا يربح شيئا، فقط معاليم البنزين ومصاريف السيارة. وهو ما جعله يعمل كامل أيام الأسبوع وحتى أيام العطل وفي الأثناء يبحث عن عمل اين يتقاضى فيه راتبا قارا.
سليم ليس الوحيد الذي تأثرت مداخيله بسبب جائحة كوفيد 19 إذ تشير الأرقام الرسمية إلى أن جائحة كوفيد 19 أثرت سلبا على سوق الشغل و تسببت في ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل. منذ بداية الجائحة إذ ارتفعت نسبة البطالة إلى 18% بعد الموجة الأولى في الثلاثي الثاني من سنة 2020 بعد أن كانت 15.1% في الثلاثي الأول وذلك حسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء.
وارتفع عدد العاطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا إلى 285.4ألف في الثلاثي الثاني من سنة 2020 أي بعد الموجة الأولى مقابل 258.6 في الثلاثي الأول من نفس السنة.
كل هذه المؤشرات دفعت بعض الشباب الى الهجرة لكن سليم قرَّر البقاء في تونس واتخذ اتجاه آخر لكي يربح المال.
موصلٌ “الأمانات الخطيرة”!
عمله كسائق تاكسي خوَّل له بناء شبكة علاقات مع مروجي المخدرات وعاملات الجنس حيث أصبح يستعمل التاكسي لإيصال المخدرات للزبائن. وبات “السائق الخاص” لبعض عاملات الجنس والمطلع لوحيد على أسرارهن.
أنا لست سعيدا بما أفعله لكن حتى هذه اللحظة هذا هو الحل بالنسبة لي لا احد سيقدم لي نقودا عندما لا اعمل،
يصف سليم عمله على سيارة الأجرة بصاحب المهمات الصعبة، يقود السيارة وبحوزته بعض المخدرات التي طلبتها منه احدى عاملات الجنس ويتجه نحو النزل الذي تعمل داخله ويقوم ينقلها إلى منزلها في الاثناء يتقاضى ثمن التوصيلة وتضيف الزبونة بعض البقشيش ثمن جلب المخدّرات، أو كما يصفها هو “ثمن المهمة” التي يعتبرها مخاطرة كبرى. “أنا لا أتاجر في المخدرات.. أنا أقوم بتوصيلها فقط” يضيف سليم.
لا تقتصر المهمات على نقل المخدرات فقط بل ينقل أيضا الخمر ليلاً من بائع بالسوق السوداء للزبائن عند تغلق كل محلات بيع الجعّة. وحسب ما حدَّثنا به لـكشف ميديا فإنَّ العمل على سيارة التاكسي كسائق غير مربح اذا لم تكن السيارة على ملكه وهذا ما دفعه إلى المغامرة ونقل الممنوعات بسيارة لا يملكها.
عمل صعب محفوف بمخاطرعديدة يقوم به سليم، إذ أن الشرطة تقوم دائما بتفتيش العربات ولم يستثن محدثنا من هذه العملية الروتينية للأمن، يبتلع سليم كمية المخدر التي بحوزته قبل أن توقفه الشرطة وحدث هذا في عديد المرات حسب قوله.
“في عديد المرات فتشت الشرطة سيارة التاكسي ولم تجد شيئا كنت ابتلع المخدرات مسبقا”
يبتسم سليم وينظر الى التاكسي متحسرا فهو يريد أن يتخلى عن هذا العمل لكن ليس لديه بديل الى حد اللحظة ينتظر أن تناديه احدى الشركات للعمل معهم فهو لم يكف يوما في تقديم طلبات العمل.
سليم كغيره من الشباب يطمح لحياة كريمة دون أي مخاطر لكن ظروف حياته جعلته يسلك طريقا لم يختر حسب ما عبر عنه.
تم إخفاء الهوية الحقيقية للمتحدث بطلب منه، حماية لمعطياته الشخصية وسلامته الجسدية و النفسية
بالشراكة مع « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا