كشف خبر


بعد التحاقها ببقية السلالات الخطيرة في تونس.. هل تختلف السلالة النيجيرية عن الهندية ؟

21/06/29

صحفية متخصصة في المجال الصحي

أعلن وزير الصحة التونسي، فوزي مهدي، عن رصد إصابة وحيدة بالسلالة النيجيرية لكوفيد 19، بعد تمكن خبراء التقطيع الجيني من التعرف على تركيبة الفيروس لمصاب من ولاية نابل شمال البلاد.

تسجل تونس بذلك دخول سلالة جديدة لأراضيها بعد تأكيد دخول كل السلالات التي صنفتها منظمة الصحة العالمية “بالمثيرة للقلق” وهي سلالات “ألفا” و”بيتا” و”دلتا” و”دلتا +” و”غاما”.

ظهرت السلالة النيجيرية لأول مرة في المملكة المتحدة ونيجيريا في أواخر العام 2020 ومن ثمة انتشرت حول العالم لتضرب عددا كبيرا من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا.

وكغيرها من السلالات المتحورة، تحتوي السلالة النيجيرية على عدد من الطفرات الخطرة التي تساعد الفيروس على الدخول إلى خلايا الجسم وتسرع انتشاره بين الناس.

تشبه السلالة النيجيرية السلالة ألفا (البريطانية) وتشمل أعراضها الحمى، السعال، الإحتفان الحلق، الشعور بالإرهاق والتعب، الصداع، وفقدان حاستي التذوق والشم.

يقول باحثون في جامعة إدنبرة (المملكة المتحدة) إن التحور الجديد لديه العديد من الطفرات المثيرة للقلق مثل طفرة E484K الموجودة في بروتين سبايك على السطح الخارجي للفيروس وقد ظهرت أيضا في جنوب إفريقيا والبرازيل ويعتقد أنها تساعد الفيروس في تجنب الأجسام المضادة، وفق ما نقلته صحيفة ذي غارديان البريطانية.

وهذا ما ذهب إليه الدكتور سيمون كلارك، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الدقيقة الخلوية بجامعة ريدينغ، في تصريح للصحيفة البريطانية، بقوله إنه في حين أن تأثير الطفرات على قدرة الفيروس التاجي في تكوين العدوى أو على شدة المرض لا يزال غير واضح، فإن طفرة E484K الموجودة في متغير جنوب افريقيا عرفت بتعزيز مقاومته لبعض اللقاحات.

ووفقا لدراسة أسترالية نُشرت بداية هذا العام على موقع BioRxiv، فإن طفرة E484 ستعزز مقاومة الفيروس للأجسام المضادة وبالتالي ستجعلها أقل مقاومة للفيروس بعشر مرات.

لماذا تتحور الفيروسات ؟

تقول فرانشيسكا موتابي، أستاذة متخصصة في العدوى والمناعة بجامعة إدنبرة البريطانية، في تصريح نشر بموقع منظمة الصحة العالمية،

 إن الفيروسات عند تكاثرها تقوم بنسخ المعلومات الجينية لتركيبتها. لكن عملية النسخ لا تكون دقيقة فتنتج عنها بعض الأخطاء مثل الاستبدالات أو الحذف أو أحيانا إدخال الأحماض الأمينية – اللبنات الأساسية للبروتينات. وتسمى هذه التغييرات بالطفرات.

بعض هذه الطفرات مفيدة للفيروس لأنها تسمح له بالبقاء على قيد الحياة في مضيفات جديدة أو بيئات جديدة. يمكن أن تعني البيئة الجديدة التهرب من استجابة مناعية من قبل المضيف أو دواء علاجي.

وتشير موتابي إلى أنه لا يمكن ملاحظة الطفرات في الفيروسات إلا عندما تغير خاصية مهمة للفيروس مثل قدرته على إصابة مضيفين مختلفين ومعدل انتقال العدوى والقدرة على التهرب من الجهاز المناعي للمضيف واللقاحات والعلاجات والتشخيص والتسبب في أمراض أو شدة المرض.

وتعمل اللقاحات على محاربة المتغيرات التي تطرأ على تركيبة الفيروسات عبر إدخال المعلومات الوراثية له مثل الحمض النووي والحمض النووي الريبي.

هذا يعني أنه يمكن تخصيص اللقاح لاستهداف متغيرات معينة تنشأ نتيجة للطفرات الجديدة. وهو ما يقوم به العلماء عند إنتاج لقاحات للانفلوانزا الموسمية بشكل دوري ومواكب للمتغيرات كل عام.

جدوى اللقاح أمام السلالات المتغيرة

على عكس الوضع الوبائي في تونس الذي اتسم ببداية ظهور متحورات للفيروس، فإن ظهور العديد من السلالات المتحورة في كل مرة حتى داخل الدول التي تلقت شعوبها التلاقيح بنسب كبيرة أثار بعض الجدل.

فقد لاحظ خبراء الصحة عودة تسجيل أعداد جديدة من الإصابات بمتغيرات أخرى للفيروس مما جعل البعض يظنون أن اللقاح غير قادر على التصدي للسلالات المتحورة، حيث كشفت وسائل إعلام بريطانية عن اكتساح سلالة دلتا لـ90 بالمئة من الإصابات الجديدة لكوفيد 19 داخل المملكة المتحدة في غضون أسابيع قليلة.

وهذا على الرغم من التطعيم المكثف للسكان، فقد تلقى ما يقرب من 60 بالمئة من البريطانيين حقنتين على الأقل.

أما معدل الإصابة في فرنسا، فبقدر ما هو منخفض بشكل عام ثبت أنه أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات بين الشباب. أي ما يعادل 42 حالة لكل مائة الف في عمر 20-29 سنة، مقابل 10 حالات في 80-89 سنة.

ويشرح الطبيب بنجامين دافيدو، أخصائي الأمراض المعدية في مستشفى ريموند بوانكاريه، أسباب عودة انتشار الإصابة بين الشباب لموقع LCI الفرنسي قائلا: “الطبيعة تأبى الفراغ واليوم ستؤثر على الأشخاص الذين يظلون أكثر هشاشة والذين ليس لديهم مناعة وأولئك الذين لم يتم تطعيمهم”.

وهو ما تم تأكيده في بريطانيا عند اكتشاف أن جميع حالات العدوى تتراوح أعمارهم بين 20 و 29 عاما وكلما تقدم العمر قلت حالات الإصابة بالكوفيد 19.

وكانت وسائل الإعلام البريطانية قد أشارت إلى أن ثلثي المصابين بمتغير دلتا هم غير محصنين باللقاح. فبتاريخ 14 جوان مثلا ثبت أن من بين 53163 شخصا مصابا بمتغير دلتا هناك 35521 شخصا غير ملقحين، أي ما يعادل 67 بالمئة غير محصنين تماما و25 لم يكملوا دورة التطعيم الخاصة بهم، بينما لم يتم التطعيم الكامل سوى 7.7 بالمئة.

لا يزال الوضع المرتبط بالمتحورات في تونس غير مقلق بالعودة الى عدد الإصابات المعلن عنها، ولكن المسارات التي اتخذتها هذه المتحورات في عدد من الدول الأوروبية ومن بينها تلك التي شهدت حملات تطعيم مكثفة قد تطلق جرس إنذار مبكر قياسا إلى النقص الشديد في الامكانيات وتباطئ حملة التطعيم.


إشراف عام خولة بوكريم

أنتج هذا العمل بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا