21/07/07
الحكومة لم ترحم الفئات الهشة من ذوي الاحتياجات الخصوصية، و التي لا تقدر على العلاج في القطاع الخاص.
تحدثت “كشف ميديا” مع عدد من ذوي الاحتياجات الخصوصية من معتمدية جلمة بولاية سيدي بوزيد حول جودة الخدمات الصحية فترة”الكوفيد” الإشكاليات الجديدة والتأثيرات الجانبية لأزمة “الكورونا” على صحتهم.
بلقاسم ايلاهي 48 سنة، أب لخمسة أطفال، فقد بصره تزامنا مع بداية انتشار فيروس “كورونا”، قال أن”نسبة كبيرة من الأشخاص توفوا جراء “الكوفيد” ومثلهم تضرروا حيث كان يمكنهم العلاج إلا أنهم أصبحوا ذوي اعاقة”.
“قصتي مع المرض انطلقت يوم 2 مارس 2020 أي في الشهر الذي تفشت فيه الكورونا في تونس. وذلك بحساسية في قرنية العين، وعندما ذهبت للعلاج قصد إجراء عملية في مستشفى بولاية ساحلية، تعرضت للطرد من المستشفى قبل أن استكمل علاجي، ولم يقدموا لي حتى الدواء”.
تعكّر الوضع الصحي لبلقاسم فترة الحجر الصحي الشامل خلال الموجة الأولى من انتشار فيروس “كورونا” سنة 2020، حيث لم يتمكن من إيجاد الدواء في الصيدلية بجلمة من ولاية سيدي بوزيد ولا يوجد بالمستشفى المحلي بجلمة طبيب مختص في أمراض العيون ولا يوجد أيضا طبيب خاص، مما أدى إلى تفاقم وضعه وأصابته إعاقة بصرية.
“لستٌ الكفيف الوحيد في المنطقة ويوجد مثلي عدد من ذوي الإعاقة البصرية وعدد من الذين مرضو في عيونهم، وبسبب عدم توفر الأدوية وعدم توفر الامكانيات وأطباء اختصاص أصبحوا ذوي اعاقة”.
يؤكد محدثنا أنه خلال فترة انتشار فيروس “كورونا” أصبح الجميع يلجأ للهروب من المسؤولية ويمتنعون عن تقديم الخدمات الصحية لكل الناس مهما كان مرضهم، متعللين بخوفهم من انتقال عدوى الفيروس.
مازال بلقاسم ايجلب أدويته من ولاية صفاقس، إذ يقطع مسافة 160 كلم عن طريق سيارة أجرة، قد يتعذر عليه أحيانا دفع مقابل لها. وقد يصله الدواء منقوصا. علما وأن أسعار الأدوية ارتفعت فترة كوفيد-19.
“أحتاجٌ لأكثر من ألف دينار شهريا حتى أدفع ثمن الدواء فقط، ولم أتمكن من إجراء عملية تكلفتها حوالي 16 ألف دينار، ولا على مداواة عيني في ظل ظروفي الاجتماعية الصعبة للغاية. الحكومة كانت السبب في إعاقات للمواطنين ولم ترحم الفئات الهشة من ذوي الاحتياجات الخصوصية”.
يذكر أن المستشفيات المحلية في ولاية سيدي بوزيد تعاني من عدم توفر الأدوية والافتقار لأطباء الاختصاص في المستشفيات. للمزيد اطلع على هذا التقرير الخاص بوضعية المستشفيات في الجهة
ولربما حال بسام زياني، 30 سنة، لا تختلف كثيرا عن بلقاسم، إذ يعاني بسام من اعاقة عضوية بعد أن تعرض لحادث مرّ عليه 5 سنوات. و يرى بسام أن الخدمات الصحية في الجهة غير متوفرة واحتياجاته الطبية أثقلت كاهله ماديا وغير متوفرة لا في معتمدية جلمة ولا في ولاية سيدي بوزيد.
“اضطر للتنقل إلى ولايتي سوسة أو من تونس لجلب الدواء، كما عمق الكوفيد مأساتنا، وزاد من تأزم وضع والخدمات الصحية المتردية أصلا في معتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد”.
فوزي غزلاني 49 سنة، ذو اعاقة عضوية، ياسف لأن لا يكون ذو الإعاقة مكانة في الدورة الاقتصادية التونسية ولا في أوليات الاهتمام الحكومي. كما لا يوجد قانون يحميه في تونس في كل المجالات لأنه يوجد قرار سياسي يمنع المعوق من نيل حقوقه.
“لا توجد خدمات صحية وقاطعنا الذهاب إلى المستشفيات فترة “الكوفيد” حيث أن الخوف من العدوى والعاملين في المستشفيات يرفضون ذوي الإعاقة لأنهم يتطلبون عناية أكبر من البقية والخدمات الصحية بدورها متردية ولا توجد خدمات صحية لا لفائدة ذوي الاعاقة ولا لغيرهم”.
وبين فوزي غزلاني أنه صحيا الدولة لم توفر لذوي الاعاقة حقوقهم حيث لا تتوفر الأدوية ويجبر ذو الإعاقة على شرائها رغم أن أغلب المعوقين ليس لهم دخل قار، كما لم يحظوا بالأولوية في التلقيح رغم وضعهم الصحي الحساس الذي يتطلب مراعاة أمراضهم واعطائهم الاولوية في التلقيح على غرار مجموعة من القطاعات، واجتماعيا ذوي الاعاقة لم يحصلوا أيضا على المنحة التي وفرتها الدولة لمساعدة عدد من القطاعات فترة “الكوفيد”.
2 بالمائة المخصصة لتشغيل ذوي الاعاقة غير مفعلة ولا يوجد تشغيل لذوي الإعاقة والدولة ترفع نسبة تشغيل ذوي الاعاقة دون أن تطبق ذلك على أرض الواقع.
من جانبه أفاد المنسق الجهوي للحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس “كورونا” بسيدي بوزيد رفيق نصيبي أن المركز الجهوي للتلقيح ضد “كوفيد 19” ينفذ ما يرد عليه من مناشير من وزارة الصحة ولا يوجد أي مانع لإعطاء الأولوية في التلقيح لذوي الاحتياجات الخصوصية.
المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كانت قد أصدرت بيانا في الخامس من جويلية من أجل حث أصحاب القرار والسلطات الوطنية لأخذ قرارات استعجالية لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة منها الإجراءات الوقائية و الصحية لمجابهة تفشي العدوى والتصدي لجائحة كورونا. واقترحت وضع الآليات و الترتيبات التيسيرية من أجل تعزيز تيسير تسجيل الأشخاص ذوي الإعاقة وعائلاتهم ضمن منظومة EVAX للتلقيح ضد الكورونا. كما دعت إلى تمكين الأشخاص ذوي الاعاقة من الأولوية في تلقي التلقيح.وشددت على ضرورة دعم منظومة الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة و عائلاتهم عن طريق إسناد منح بقيمة 200 دينار لكل شخص من ذوي الإعاقة/ حامل لبطاقة إعاقة و عاطل عن العمل أو من العائلات المعوزة .
المحامي والمختص في حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة بسيدي بوزيد عياض عمامي قال في حديثه لـ”كشف ميديا” إن الحق في الصحة هو من الحقوق الأساسية للأشخاص ذوي الاعاقة ومنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة والدستور التونسي والقانون التوجيهي عدد 83 لسنة 2005 المؤرخ في 15 أوت 2005 المتعلق بالنهوض بالأشخاص المعوقين وحمايتهم، التي تنص على أنه يجب أن يتمتع الأشخاص ذوي الاعاقة بأعلى مستويات من الصحة سواء في الحضر أو في الريف.
” جائحة “كورونا” التي تهدد الجميع تهدد بشكل أكبر الأشخاص ذوي الاعاقة بسبب العوائق السلوكية والبيئية والمؤسساتية خاصة وأن الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون من مشاكل صحية سابقة تجعلهم أكثر عرضة للاصابة بالفيروس
ويشير عمامي إلى أن ذوي الهمم يتعرضون الى تأثيرات كبيرة وهو ما يتطلب تدابير خاصة لفائدتهم تمنع اللامساواة والتمييز في الوصول الى الرعاية الصحية سواء في المستشفيات التي غير مهيأة لاستقبال وتقديم الخدمات لبقية الأشخاص فما بالك بالاشخاص ذوي الإعاقة وليس لديهم الاولوية في التلقيح ولا توجد في منظومة “ايفاكس” اشارة لذوي الاعاقة مع صعوبة في النفاذ الى المعلومات.
وأكد أنه لا بد من منع التمييز على أساس الإعاقة في الحصول على الرعاية الصحية وضمان وصول ذوي الاعاقة للمعلومات الخاصة بـ الجائحة والتنقل لفحصهم في بيوتهم عبر لجان متنقلة وتمكينهم من التلقيح أينما كانوا.
يذكر أن “كشف ميديا” حاولت الوصول إلى بعض النساء من ذوي الهمم لكن تعذر ذلك بسبب رفضهن الظهور في وسائل الإعلام، كما حاولنا الحصول على احصائيات رسمية لعدد الأشخاص ذوي الاعاقة في ولاية سيدي بوزيد من السلطات الرسمية و الجمعيات الناشطة في الجهة ولم تتوفر لدى أي منهم المعلومة
أنجز هذا العمل بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا