21/07/08
أعلنت الحكومة التونسية التوقيع على صفقة اقتناء لقاح “جونسون آند جونسون” الأميركي ذي الجرعة الواحدة (3 ملايين و581 ألف جرعة)، في محاولة لتلقيح أكبر عدد ممكن من المواطنين في ظل انتشار غير مسبوق لفيروس كوفيد 19 بسلالاته المتحورة الأكثر “إثارة للقلق”.
ولم تحدد الحكومة في بيانها الذي نشرته يوم 6 جويلية موعدا لتسلم جرعات اللقاح الأميركي وتركت الباب مفتوحا للتساؤل في الشارع التونسي.
ووفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز يبلغ إجمالي ما تم إتلافه من الجرعات حوالي 60 مليون جرعة.
ويخشى من أن يؤدي هذا الأمر إلى مزيد تأخير استلام اللقاحات التي حددتها الحكومة التونسية لمدة أشهر إضافية.
صفقة اقتناء اللقاح تثير الجدل في تونس
أثار خبر اقتناء كميات من لقاح جونسن اند جونسن ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، ولاقى فيديو أحد المدونين الذين خاضوا في مدى سلامة اللقاح تفاعلا لدى متصفحي هذه المواقع.
وتساءل المدون خليل قنطارة ما إذا كانت تونس ستتثبت بدورها من سلامة اللقاح الأميركي أسوة بالدول التي علقت استخدامه حتى يتم فحصه داخل مخابرها.
وردا على حملة التشكيك في سلامة لقاح جونسون اند جونسن تحاول مجموعات من النشطاء التصدي لكل المعلومات التي تقلل من نجاعة اللقاح عبر نشر معلومات علمية عن خصائصه والحث على تلقي التلقيح.
من بين هؤلاء النشطاء نشرت مجموعة تطلق على نفسها اسم اللجنة المدنية لمجابهة فيروس كورونا تدوينة على فيسبوك تضمنت بعض المعلومات المستقاة من النشريات العلمية وفق تعبيرهم. وتضمنت المعلومات تعريفا دقيقا للقاح ولظروف تخزينه وفعاليته.
وهو ما تؤكده كشف بعد القيام بالتحري في كل المعلومات التي تضمنتها تدوينة اللجنة المدنية.
فقد كشفت منظمة الصحة العالمية أن اللقاح قد خضع لتقييم خبرائها ومراجعة من قبل الوكالة الأوروبية للأدوية وإدارة الأغذية والعقاقير الأميركية وأكدت جميعها نجاعة اللقاح وسلامته.
وبينت المنظمة أن نسبة نجاعة اللقاح الأميركي بلغت 85.4 بالمئة في الوقاية من المرض الوخيم ودخول المستشفى.
ويتمتع لقاح جونسون آند جونسون بخصائص أبرزها أن فاعليته تتحقق بجرعة واحدة وأنه يمكن تخزينه في المبردات العادية، في حين تحتاج لقاحات أخرى درجات حرارة منخفضة للغاية.
وقال بول ستوفيلز، كبير المسؤولين العلميين في جونسون آند جونسون لبي بي سي: “ترى منظمة الصحة العالمية أن اللقاح ذي الجرعة الواحدة هو الخيار الأفضل في ظل أوضاع الوباء”.
في تصريح لـ كشف ميديا لفت محجوب العوني، الأستاذ علم الفيروسات بكلية الصيدلة بالمنستير وعضو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كوفيد-19، إلى سهولة استعمال هذا اللقاح الذي لا يتطلب مواد إضافية محفزة لإنجاز عملية التلقيح.
وأكد أن اللقاح الأميركي ” الأكثر استعمالا في العالم فعال بنسبة تصل إلى 70 بالمائة ضد السلالات المتحورة المرصودة في تونس ومن بينها خاصة المتحور الهندي (دلتا)”.
وعرف العوني التكوينات الجينية لهذا اللقاح، مشيرا إلى أن
“تونس قبل ان تصادق على شراء اي لقاح تتابع توصيات منشورات منظمة الصحة العالمية كما أن صلب اللجنة العلمية، هناك لجنة خاصة بالتقصي حول اللقاحات المضادة لكوفيد-19. كما ان تونس لن تقتني لقاحات قد تضر بصحة التونسين”.
تونس في صراع مع الوقت
كانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA)) قد ذكرت في بيان صحفي، أنها سمحت باستخدام دفعتين من اللقاح واعتبرت أن عدة دفعات أخرى غير مناسبة للاستخدام وأن البعض الآخر لا يزال قيد التقييم.
وإدارة الغذاء والدواء الأميركية هي الجهة المسؤولة على حماية وتعزيز الصحة العامة من خلال التنظيم والإشراف على سلامة الأغذية ومنتجات التبغ والمكملات الغذائية والعقاقير الطبية والأدوية واللقاحات والمستحضرات الصيدلانية البيولوجية.
وكشفت وكالة رويترز للأنباء أن وكالة الغذاء قد أجازت استخدام نحو عشرة ملايين جرعة من لقاج جونسون آند جونسون بهدف تصديرها إلى الخارج، كجزء من مخطط الرئيس الأميركي جو بايدن في مشاركة اللقاحات مع الدول الأخرى. ونقلت عن مصادر إن الجرعات موجودة بالفعل في قوارير وجاهزة للاستخدام.
وليس واضحا بعد ما إذا كان نصيب تونس من الجرعات المتفق عليها من لقاح “جونسون آند جونسون” يندرج ضمن هذه الكمية المجهزة للتصدير أم أنها ستكون في دفعات أخرى لاحقة والتي تنتظر موافقة إدارة الغذاء الأميركية.
وحاولت كشف الاتصال بأعضاء من اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا للتعرف أكثر على تفاصيل الصفقة وعن دوافع اختيار هذا اللقاح لكن لم يتسنى لها ذلك.
واجهت السلطات التونسية صعوبات بالغة في إلزام المخابر العالمية بالإيفاء بتعهداتها في موعد تسليم دفعات اللقاحات ما جعلها عرضة لانتقادات واسعة من المجتمع المدني والمواطنين. وقال الدكتور أنيس قلوز إن التلاقيح باتت “بضاعة نادرة في العالم”.
وعمليا يمكن للقاحات “جونسون آند جونسون” أن تكون بمثابة المنقذ للوضع الصعب الذي تعيشه تونس وبدأ يتفاقم بشكل أكبر في موجة جديدة كاسحة للوباء.
ستسمح الدفعة المتفق عليها وحدها من تلقيح نحو ثلث السكان وباختصار الآجال كونها لقاح ذي جرعة واحدة، كما ستمنح الحكومة إمكانية تحقيق الهدف الذي حددته في بداية حملة التطعيم في منتصف مارس من تلقيح نصف سكان البلاد العام الجاري.
وحتى الأسبوع الأول من شهر جويلية تجاوز عدد من تلقوا اللقاح المليونين من بينهم أكثر من 700 ألف ممن استكملوا التلقيح.
محاذير حول اللقاح الأميريكي
وفي شهر جوان الماضي، قالت وكالة الغذاء إنها ليست مستعدة بعد للترخيص لمصنع “ايمارجنت بايوسولوشنس” لتصنيع لقاح “جونسون آند جونسون” بعد التأكد من عدم استيفائه لشروط الصحة العامة، وذلك إثر قيامها بمراجعة شاملة لسجلات هذه اللقاحات وفق صحيفة ذو واشنطن بوست.
وقد أوضح الرئيس التنفيذي لشركة” اميرجنت”، روبرت كرامر، أن هناك 100 مليون جرعة من لقاح جونسون آند جونسون جاهزة لمراجعة إدارة الغذاء والدواء وإن المنظمين قد بدأوا عملية المراجعة.
وردا على موافقة وكالة التغذية على تصدير دفعتين من اللقاح الأميركي، قالت كاثي وينغل، كبيرة مسؤولي سلسلة التوريد العالمية في شركة جونسون آند جونسون في بيان صادر عنها: “تمثل قرارات اليوم تقدما في جهودنا المستمرة لإحداث فرق في هذا الوباء على نطاق عالمي”.
يذكر أن الجهة المكلفة بمراقبة الأدوية في أوروبا كانت قد أشارت إلى إيقاف استخدام دفعات من لقاح جونسون آند جونسون المخصص للمنطقة كإجراء احترازي. كما لم تسمح السلطات الكندية باستخدام نفس اللقاح المصنع في منشاة بالتيمور حتى تتأكد من سلامة الجرعات.
أنتج هذا العمل بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا