21/07/10
نفيسة غربالي، 50 سنة، من سكان منطقة “عين جفال” المتاخمة للمنطقة العسكرية المغلقة بجبل مغيلة من معتمدية جلمة بولاية سيدي بوزيد لم تسجل لتلقي التلقيح ضد فيروس “كورونا”، قالت باكية،
” لم أسجل ولن أسجل وإن متّ فلا رغبة لي في الحياة ما دمت أرى أولادي دون مستقبل فلا معنى لحياتي”.
زارت “كشف ميديا” المنطقة الجبلية “عين جفال” المتاخمة للمنطقة العسكرية المغلقة بجبل “مغيلة” لتسليط الضوء على مدى توفر الخدمات الصحية لفائدتهم/نَّ، ومشاركتهم/نَّ في التسجيل لتلقي التلقيح ضد فيروس كورونا.
تبعد منطقة “عين جفال” عن مدينة جلمة حوالي 30 كلم وتبعد عن المركز الجهوي للتلقيح ضد كوفيد 19 بمدينة سيدي بوزيد 75 كلم ويعيش أغلب سكان المناطق الجبلية ظروفا صعبة تجمع بين غياب وسائل النقل والافتقار للبنى التحتية علاوة على ظروف مادية قاسية. كما يعيشون في عزلة عن العالم نظرا لغياب لتوفر وسائل الاتصال والتكنولوجيا .
أفادت نفيسة غربالي أن الطريق الذي يسلكونه نحو المدينة في وضعية سيئة للغاية وكل مريض يتوجهون به للمستشفى يموت قبل الوصول جراء الطريق، والدواء غير متوفر ولا يتم تقديمه للمرضى دون تمييز بل أصبح الدواء يقدم ب “المعارف”.
“منطقة عين جفال” منطقة “تحت الصفر” مهمشة ومنسية ولا يتذكرونها إلا فترة الانتخابات”
وانتقدت تزاحم الرؤساء على الكراسي وتمتعهم برواتب تقدر ب10 و15 ألف دينار وشعبهم يموت على حد قولها.
ولا تتوفر له لا طرقات ولا أدوية في مستوصفات ولا بئر سقوي مما يجبر آلاف العائلات من سكان “عين جفال” ، على تقاسم مياه بئر سقوية واحدة وأحيانا ينقطع الماء لمدة أسبوع فيعاني سكان المنطقة من العطش ولا يقدرون لا على التنظيف ولا على الاستحمام .
من قال لك أنني على قيد الحياة؟، “أنا ميّتة ميّتة”.
الطريق المؤدية الى المنازل المنتشرة على سفوح مرتفعات وهضاب الجبل وعرة وغير مهيأة ولم تتدخل فيها الدولة أبدا هي مجرد مسلك مملوء بالحفر والحجر، فتهتز السيارة وتتمايل وهي تسلكه.
لم تكن ربح السويسي 70سنة، تعرف أي معلومة عن التسجيل في منظومة EVAX.TN ولا عن التلقيح.
“لم نسجل ولم نلقح ولا يوجد عندنا مرض “الكورونا”، ربما سيقوم أولادي بتسجيل والدهم الذي يبلغ من العمر 91 سنة ويعاني من عدة أمراض ليتلقى التلقيح”.
على مشارف الجبل يوجد مركز الصحة الأساسية “عين جفال” الذي تظل أبوابه مغلقة أمام السكان ولا يفتح إلاَّ يوما واحدا خلال الأسبوع ولا تتوفر فيه الأدوية وهو ينتصب مجرد “ذر رماد في العيون” .
تحدثت مليكة بعزوزي، 79 سنة، التي تعرضت للإصابة بفيروس كوفيد-19 بداية شهر ماي الفارط ، عن أعراض المرض من ارتفاع الحرارة والقشعريرة والشعور بالتعب وآلام في العضلات والعظام،
“مازلت أعاني من الأوجاع ولكنها لم تسجل لتلقي التلقيح ولا تعرف عن موضوع التلقيح لا القليل ولا الكثير.
وبدورها لا تعلم زهوة سويسي، 54 سنة، أي معلومة عن التسجيل ولا عن التلقيح، وتساءلت زهوة هل سيتم التلقيح في مدرسة المنطقة؟، أكدت أن عدد من أبناء “عين جفال” قد أصيبوا بفيروس “كورونا” من بينهم حماتها التي أصيبت بالفيروس وساعدها أبنائها وعدد من سكان المنطقة ماديا لتعالج عند الأطباء.
كما تعرضت احدى قريبات خديجة غربالي، 52 سنة، للاصابة ب”الكوفيد”، قالت أنهم لم يعرفوا أنها مصابة بالكورونا والطبيب هو الذي شخَّص اصابتها بعد أن تعكر وضعها الصحي، وأضافت أنهم لم يسجلوا لتلقي التلقيح رغم أنها تعرف من خلال التلفاز والأخبار انه يتوجب على كبار السن التسجيل والتلقيح.
لا تتوفر في المنطقة الجبلية “عين جفال” تغطية شبكة الاتصالات الا في مناطق محدودة ولا الانترنت ولا هواتف متطورة تمكن من التسجيل في منظومة التلقيح حيث يغادر شباب المنطقة للعمل في ولايات أخرى ولا يوجد في أغلب المنازل إلا كبار في السن ونساء أغلبهنَّ أمّيات وأطفال صغار غادر آبائهم المنطقة للعمل وتحصيل لقمة العيش.
قالت تقوى صغراوي، 32 سنة أن في عائلتها لم يصب أي فرد بالفيروس ولا في قريتها الجبلية حيث لا تتبادل العائلات الزيارات منذ بداية انتشار المرض.
يتصاعد الدخان من أجزاء من جبل “مغيلة” منذ أسابيع إثر نشوب حريق أتى على مساحات من النباتات الغابية والأشجار بسبب أنشطة الجيش الوطني في إطار مهامه الروتينية في المنطقة العسكرية المغلقة التي تشهد منذ سنة 2014 تحركات لعناصر ارهابية وشهدت كذلك عدد من العمليات الارهابية التي استهدفت عناصر الجيش الوطني ومواطنين من سكان الجبل. تعد هذه المنطقة من الأماكن المعزولة في ولاية سيدي بوزيد على كل ماهو خدمات عامَّة.
وحول حق سكان المنطقة في الرعاية الصحية وفي التلقيح خاصة، أفاد المنسق الجهوي للحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد 19 رفيق نصيري، أن الفرق المتنقلة بولاية سيدي بوزيد قدمت خدمات التلقيح في أربع نقاط الأسبوع الفارط في معتمديات المزونة وأولاد حفوز وسوق الجديد والمكناسي ويوجد برنامج لتكون الفرق المتنقلة متواجدة بكل المعتمديات أسبوعيا خاصة في المعتمديات والأرياف التي لا يتواجد بها مراكز قارة مفتوحة على غرار معتمدية جلمة التي لم تشهد إقبالا على التسجيل لتلقي التلقيح ومن بين أقل المعتمديات التي بها نسبة مسجلين ضئيلة مقارنة بعدد السكان.
وأكد أنه تم تقديم مطلب لفتح مركز تلقيح قار بجلمة منذ أكثر من شهر ومن المنتظر فتحه قريبا.
وعلى الرغم من أن إجابة المنسق الجهوي للحملة الوطنية للتلقيح عن سؤال لماذا لم يدرج سكان عين جفال في قائمة الملقحين، قد تبدو مقنعة في الظاهر، إلا أنها في الباطن تخفي عجزا رسميا عن الإلمام بواقع السكان المضني في تلك المنطقة. لأن التسجيل في منظومة EVAX قد تكون رفاهية لدى سكان لا تتوفر لديهم وسائل الاتصال بشكل كبير. علاوة على أن لا يوجد في أغلب المنازل إلا كبار السن ونساء أغلبهنَّ أمّيات وأطفال صغار غادر آبائهم المنطقة للعمل وتحصيل لقمة العيش في ولايات أخرى.
كتب هذا المقال بصيغة حساسة للجندر
أنتج هذا العمل بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا