كشف خبر


ما حقيقة تغلّب المتحوّر “إبسيلون” على اللقاحات؟

21/07/11

صحفية متخصصة في المجال الصحي

مقال تفسيري

طفت على السطح سلالة متحورة جديدة لفيروس كوفيد 19 في الولايات المتحدة الأميركية، سرعان ما انتقلت إلى بقية دول القارة ومنها إلى أوروبا بعدد إصابات لا يزال غير معلوم.

تصف السلالة الجديدة “ايبسلون” التي تنسب الى ولاية كاليفورنيا حيث بدأت بالتفشي في نهاية 2020، كمصدر إضافي للقلق لدى العلماء لا سيما في مقاومتها للقاحات.

في شهر جانفي الماضي اكتشف الأطباء في مستشفى Cedars-Sinai في لوس أنجلوس المتغير في حوالي نصف مجموع العينات التي اختبروها. وفي الشهر التالي، استأثرت السلالة بنسبة 15 في المائة من حالات الإصابة بالفيروس في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وذكر المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) على موقعه على الإنترنت أن قابلية انتقال متغير إبسيلون كانت أعلى بنسبة 20٪ من السلالة الأصلية لفيروس كورونا، وهو ما دفعه لتصنيفها رسميا كمتغير مثير للقلق نتيجة لهذا الارتفاع المفاجئ في الحالات في كاليفورنيا.

بحسب أحدث التقارير الدولية المتخصصة وصل الفيروس إلى 40 دولة.

ونقلا عن قاعدة بيانات GISAID التي تسرد المتغيرات وتطورها حول العالم، تنتشر سلالة كاليفورنيا بشكل رئيسي في أمريكا الشمالية وبشكل أوسع في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. لكن هذه الطفرة تنتشر أيضا في أوروبا: فقد تم رصدها في الدنمارك وبريطانيا وأيرلندا وهولندا. 

مقاومة التلاقيح

علاوة على سرعة انتشارها في عدة دول نشأت مخاوف جدية من حدة مقاومة هذه السلالة  الجديدة للتلاقيح التي وافقت عليها منظمة الصحة العالمية.

وهو ما ذهب إليه أحد تقارير الموقع الأميركي “مايو كلينك” المتخصص الذي أشار إلى أن سلالة إبسيلون (B.1.427) تنتشر بسهولة أكبر وتقلل من فعالية الأجسام المضادة التي أنتجها الجسم بعد التعرض لعدوى سابقة بمرض كوفيد 19 أو بعد تلقي اللقاح.

ووفق آخر تحديث لوزارة الصحة في تونس لم تسفر عمليات التقطيع الجيني عن اكتشاف أي إصابات بالسلالة الجديدة في البلاد.

ويفسر الأستاذ في علم الفيروسات والعضو في اللجنة العلمية لمجابة كورونا، محجوب العوني، لـ”كشف ميديا” سبب شراسة هذه السلالة بقوله

” للسلالة الكاليفورنية خاصية مختلفة عن بقية السلالات وهي احتواؤها على 3 طفرات تجعلها مقاومة للأجسام المضادة والتلاقيح”.

الأستاذ في علم الفيروسات والعضو في اللجنة العلمية لمجابة كورونا، محجوب العوني

وأضاف أن “هذه الخصائص تبعث على مزيد من الخوف وعلينا التصدي لدخولها إلى تونس عبر مراقبة الحدود وضرورة حصر البؤر التي يثبت فيها وجود حالات إصابة بالسلالة الكاليفورنية ومتابعة المرضى ومخالطتهم”.

ومصدر قلق الخبراء عموما أن سلالة إبسيلون تتضمن ثلاث طفرات في بروتين “سبايك”، الذي يستخدمه الفيروس الارتباط بالخلايا الأخرى والدخول إليها وبالتالي تكرار نفسه.

وبروتين “سبايك” تعيد اللقاحات تكوينه في الجسم مثل ما هو معتمد لدى لقاحي “فايزر” و”مادرنا” لتدريب جهاز المناعة على إنتاج الأجسام المضادة والخلايا المناعية استجابة لذلك.

وفي حال تغير بروتين “سبايك” بسبب الطفرة، يصبح من الممكن أن تضعف فعالية التطعيم وقدرته على منع العدوى اللاحقة. وهذا ما كشفت عنه كلية الطب بجامعة واشنطن من أن “الطفرات تعطي هذا النوع من فيروس كورونا المثير للقلق وسيلة للتهرب تماما من الأجسام المضادة”.

ما مدى خطورة إبسيلون؟

قرَّر مركز السيطرة على الأمراض تخفيض تصنيف إبسيلون من متغير مثير للقلق إلى متغير مهم في 29 جوان الماضي بسبب زيادة البيانات التي تفيد بأن اللقاحات والعلاجات الأخرى كانت فعالة ضده.

وتم تخفيض التصنيف بعد انخفاض عدد الحالات المكتشفة التي وصلت إلى نسبة 1 في المائة فقط من العينات التي تم اختبارها في الولايات المتحدة.

ولم ينتشر المرض بالسلالة الجديدة أبدا في بريطانيا، حيث تم اكتشاف 20 حالة فقط حتى الآن، وفقا لـ GISAID. لذلك لم تحدد هيئة الصحة العامة في بريطانيا انتماء إبسيلون إلى المتغيرات المثيرة للقلق أو المتغيرات قيد التحقيق وقامت فقط بإدراجه على أنه قيد المراقبة في الوقت الحالي.

كما أدرج مركز الاتحاد الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها متغير إبسيلون ضمن المتغيرات ذات الأهمية، مع الإشارة إلى أنه لا ينتقل إلا بشكل متقطع خارج القارة الأميركية، وينحصر إلى حد كبير بين القادمين من الخارج.

ويرى فريق من الباحثين أنه نظرا لأن إبسيلون لم يعد منتشرا بشكل خاص، سواء على مستوى العالم أو في الولايات المتحدة حيث ظهر لأول مرة، فلا يخشى أن يتسبب البديل في مشاكل كبيرة في فعالية اللقاحات.

موقف منظمة الصحة العالمية

تجدر الإشارة إلى أن هذه السلالة الكاليفورنية ليست مدرجة في قائمة “المتغيرات المثيرة للقلق” التي وضعتها منظمة الصحة العالمية لأن انتشارها لا يزال محدودا. لكن هذه الطفرة لا تزال مصنفة ضمن “المتغيرات التي يجب تتبعها ومراقبتها” لأنها “تعرض تعديلات جينية من المعروف أنها تؤثر أو من المتوقع أن تؤثر على خصائص الفيروس مثل قابلية الانتقال، وشدة المرض. 

ويحذر طبيب القلب وعالم الأوبئة، دكتور كريستوفر لابوس، في لقاء لتلفزيون CTV News، من تباطئ عملية التطعيم في العالم والتي تؤدي بالضرورة إلى مزيد ظهور السلالات المتحورة وانتشارها.

وأكد لابوس أنه يتعين الانتباه إلى أن هناك العديد من الدول التي لم تستطع توفير اللقاح لشعوبها لذلك “لا يمكننا الحديث عن الكوفيد كونه مشكلة محلية وإنما هو مشكلة عالمية”.

وأضاف الدكتور “طالما لم يتم تلقيح بقية دول العالم سيظل الفيروس موجودا وستتفشى السلالات الجديدة خارج البؤر التي نشأت فيها.إذا أردنا أن لا نرى إصابات بسلالات إبسيلون علينا تلقيح كامل الكوكب”.


إشراف عام خولة بوكريم

أنتج هذا العمل بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا