كشف صحي


ماذا أعدَّت تونس لتأمين الأطفال ضد عدوى كوفيد 19 قبل العودة المدرسية؟

21/07/24


صحفية متخصصة في المجال الصحي

اليوم وقد أصبحت “دلتا” السلالة الطاغية لإصابات كوفيد 19 في كل أنحاء العالم، لم يعد الأطفال في مأمن من التقاط العدوى وتدهور حالتهم الصحية بعد أن ثبت أنها السلالة الأسرع والأكثر شيوعا لدى الفئات العمرية الأصغر سنا.

التطور السريع في عدد إصابات الأطفال دفع بالكثير من الدول إلى إدماج من تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة في عملية تلقيح مواطنيها في محاولة لحماية الحالات الصحية الأضعف ومزيد حصر العدوى.

تونس أيضا بدخول السلالة الهندية إلى أراضيها شهدت تزايدا ملفتا لحالات العدوى في صفوف الأطفال، حيث بلغت أكثر من ثلاثة آلاف إصابة خلال أسبوع واحد مع تجاوز الوفيات 52 وفاة منذ بداية الجائحة.

 وتستعد تونس لاستئناف العودة المدرسية بعد أقل من شهرين وهو ما قد يهيئ الظروف لانتشار أكبر للعدوى بين التلاميذ. ورغم تحذير جهات علمية ونقابية من مغبة المخاطرة بالأطفال والمراهقين دون تلقيح لم تبادر السلطات التونسية بعد في ضبط أي خطط لتأمين هذه الفئة العمرية الهشة.

يعد المتحور دلتا من الفيروس التاجي وهو الأكثر قابلية للانتقال حتى الآن. فقد وجد تحليل لهيئة الصحة العامة بانجلترا نشر في موقع “بيزنيس إنسايدر” أن هذه السلالة مرتبطة بزيادة خطر انتقال العدوى في المنزل بنسبة 60٪ مقارنة بمتغير ألفا.

ووجد باحثون اسكتلنديون أيضا أنَّ حالات دلتا كانت موجودة في الغالب في الفئات العمرية الأصغر. كما توصلت دراسة بريطانية لا تزال قيد المراجعة، إلى أن عدوى فيروس كورونا أصبحت الآن أكثر شيوعا بخمس مرات بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 12 عاما والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاما مقارنة بالأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما.

وبحسب الصحة العامة في إنجلترا فإن متغير دلتا الآن يمثل ما يصل إلى 99٪ من حالات الإصابة بفيروس كورونا في عموم بريطانيا. 

مخاوف من العودة المدرسية دون تطعيم الأطفال

صرَّح كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي بأن العودة المدرسية لا تزال موضوع نقاش وحوار إلى حد الآن، مشيرا إلى الصعوبات البالغة التي رافقت السنة الدراسية المنقضية والتي تسببت في خسارة الأرواح في صفوف التلاميذ والمعلمين.

ويرى اليعقوبي أن:

“تطبيق البروتوكول الصحي غير ممكن مع تغير الأوضاع وانتشار المتحور دلتا، وهو ما يحتم التفكير في عودة مدرسية بضمانات وشروط جديدة”.

واقترح النقابي بأن تخصص الحكومة بالتنسيق مع هيئات الصحة المدرسية نسبة من التلاقيح لمن سنهم فوق 12 عام والبالغ عددهم حوالي 5ر1 مليون تلميذ.

وبدوره حثَّ محمد الدوعاجي، رئيس جمعية طب الأطفال، على برمجة التلقيح منذ الآن للفئة العمرية التي تتراوح بين 12 و18 سنة لضمان عودة مدرسية آمنة.

وحذَّر الدوعاجي من نقل عدوى الفيروس للرضع قائلا:

السلالة الجديدة انتشارها أسرع من بقية السلالات وشحنتها الفيروسية أقوى بكثير وهو ما يتسبب في الحالات المتعكرة للرضع الأقل من سنة أو سنتين”.

تطعيم الأطفال يساعد في وقف الوباء

يوصي المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بأن يحصل كل شخص يبلغ من العمر 12 عاما أو أكبر على تطعيم ضد كوفيد 19 للمساعدة في الحماية منه. 

ويؤكد المركز أن التطعيم على نطاق واسع هو أداة حاسمة للمساعدة في وقف الوباء وهو قادر على منع الأطفال من تفاقم حالتهم حتى في حال التعرض للعدوى بالمرض. 

وتقول العالمة الأمريكية في الوبائيات والأمراض المعدية، ماريا فان كيركهوف، عبر الصفحة الرسمية لمنظمة الصحة العالمية على فيسبوك:

العالمة الأمريكية في الوبائيات والأمراض المعدية، ماريا فان كيركهوف

 “يتعرض الأطفال عادة إى إصابات خفيفة ومعتدلة وكثيرون ممن أصيبوا بعدوى الكوفيد لم تظهر عليهم لأعراض وهذا يعني أنه يعتبرون دون مرض على الإطلاق”.

و استدركت بأن ذلك لا ينطبق على جميع أطفال العالم “نحن نعلم أن بعض الأطفال تتفاقم حالتهم والبعض الآخر يلقون حتفهم جراء العدوى وشدة الإصابة”.

وأردفت أنه من حسن الحظ أن تفاقم الإصابة بالكوفيد لدى الأطفال تعد نادرة نسبيا لكن لا يمكن تجاهلها “لأننا نعلم أن الذين تشتد حالتهم هم معرضون لخطر بالغ”.

ذكر تقرير لموقع Europe1 أن موقف الجمعية الفرنسية لطب الأطفال تطور بشكل خاص بعد تلقي أول بيانات عن آثار التطعيم في صفوف الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية.

فبعد أن قصرت الجمعية تلقيح الأطفال المعرضين للخطر أو الذين على اتصال مع الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة، أصبحت تعتبر أن منافع التطعيم تفوق مخاطره.

فبعد تطعيم ما يقرب من 52 مليون جرعة للشباب الأمريكي الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما، تبين أن الأثر الجانبي الوحيد الذي تم تحديده هو ظهور التهاب عضلة القلب بنسبة 1 لكل 20 ألف طفل ملقح و1 لكل 100 ألف فتاة. 

ويؤكد روبرت كوهين، رئيس الجمعية الفرنسية لطب الأطفال، أن “التهاب عضلة القلب من الأمراض التي تؤدي غالبا إلى دخول المستشفى ولكن ليست بالغة الخطورة”. وقد تحدث فقط بعد الجرعة الثانية للقاح. كما أكد أن جميع المراهقين تعافوا بسرعة دون أي عواقب جانبية.

وبينت بحوث أن المراهقين يلعبون دورا أكبر من الأطفال الأصغر سنا في نشر الفيروس، وهو ما أكده الدكتور آدم كوتشار سكي، من مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي لبي بي سي “هنالك دليل بالتأكيد على إمكانية انتقال العدوى في المراهقين الذين يدرسون في المرحلة الثانوية، وبالتالي فإن التطعيم قد يكون له تأثير على انتقال العدوى بشكل عام”.


بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا

إشراف عام خولة بوكريم