21/07/30
تعيش تونس على وقع التدابير الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية عشية 25 جويلية و ذلك بموجب تفعيل الفصل 80 من الدستور و قد اعتبرت الأزمة الصحية التي تعيشها البلاد إحدى عناصر الخطر الداهم الذي يهدد البلاد .
التعاطي مع جائحة كورونا في الآونة الأخيرة قد اقترن باخفاقات كبيرة في السياسات المعتمدة مما قاد إلى منعرج خطير تمثل أساسا في شح مادة الأوكسجين الطبي و عدم توفر التلاقيح و ارتفاع نسبة الوفيات و بلوغ النسبة القصوى للإشغال في أسرة الانعاش و أسرة الأوكسجين .
سياسات الدولة الصحية بلغت نسبة من الإخفاق في ظل عدم انسجام بين رأسي السلطة التنفيذية و عدم توحيد المجهودات وصلت إلى حد فضيحة عيد الاضحى التي أطاحت بوزير الصحة فوزي المهدي و المتمثلة في اليوم المفتوح للتلقيح لمن سنهم فوق 18 سنة، دون تنظيم محكم أو تفير كميات تلاقيح وإطار طبي قادر على تنفيذ العملية .
25 جويلية 2021 كان الحد الفاصل بين السير العادي للمؤسسات الدستورية و التسيير الاستثنائي وذلك من خلال تجميد عمل البرلمان و إنهاء مهام رئيس الحكومة هشام المشيشي و مسك رئيس الجمهورية بدفة الحكم بموجب التدابير الاستثنائية المعلنة .
وفي 26 جويلية أصدرت رئاسة الجمهورية بلاغا تم بموجبه تعطيل العمل بالإدارات المركزية و المصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية لمد يومين ، غير أنه تم استثناء الأعوان العاملين بالهياكل و المؤسسات الصحية العمومية و المنشآت الخاضعة لإشراف وزارة الصحة .
و عليه فإن وزارة الصحة كلّفت المديرين العامين والمديرين بالإدارة المركزية و الادارات الجهوية للصحة إلى تحديد قائمات اسمية في الأعوان الراجعين إليهم بالنظر المعنيين بالحضور الفعلي و قائمات في العاملين عن بعد .
يبدو أن التدابير و الإجراءات الاستثنائية قد استثنت المرافق الصحية نظرا لحساسية المرفق. لأن الوباء لا ينتظر ولا يتأثر بالإجراءات السياسية ، و في نفس الفترة لا تزال الاحصائيات مرتفعة .
ما يلاحظ بعد 25 جويلية أن الرأي العام قد انشغل بالسياسة و تداعيات القرارات الأخيرة على سير دواليب الدولة على حساب متابعة انتشار الوباء و مراقبة سير التدابير الوقائية و العلاجية في مجابهة كورونا ، فبعد أن كانت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام تتناقل كل أخبار الوباء مركزيا و جهويا و محليا صارت الأخبار شحيحة على الأقل لفترة 48 ساعة بعد تاريخ اعلان 25 جويلية .
في الثامن والعشرين من شهر جويلية أصدر رئيس الجمهورية أمرا رئاسيا يقضي بإحداث قاعة عمليات لإدارة جائحة كوفيد 19 يتولى تنسيق مهامها إطار سام من وزارة الداخلية تحت قيادة المدير العام للصحة العسكرية وتضم ممثلين عن وزارات الدفاع الوطني والداخلية والشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والصحة والنقل واللوجستيك والشؤون المحلية والبيئة. ويمكن أيضا الاستعانة بكل شخص تكون مساهمته مفيدة.
وتتمثل مهام قاعة العمليات في متابعة تطور الوضع الصحي بالبلاد الناتج عن جائحة كوفيد 19 ، متابعة مدى تطبيق الإجراءات الصحية والقرارات الصادرة لمجابهة الجائحة، متابعة المخزون الاستراتيجي لمستلزمات مجابهة الجائحة من مواد صيدلانية ومعدات طبية وغيرها، متابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتلقيح، التنسيق مع مختلف الهياكل المعنية للوقوف على الإشكاليات والعمل على تذليلها تقديم الاقتراحات ذات الصلة للمساهمة في اتخاذ القرارات.كما ستتولى قيادة قاعة العمليات لإدارة جائحة كوفيد 19 رفع تقارير أسبوعية إلى رئيس الجمهورية حول نشاطها.
هذا الأمر عكس ما ذهب إليه رئيس الدولة سابقا من حرصه على إشراف الادارة العامة للصحة العسكرية على السياسات الصحية في مجابهة انتشار الوباء و لكن خلافا بينه و بين رئاسة الحكومة قد حال عن ذلك ، و لعل هذه القاعة المحدثة بهذا الشكل كانت لها مثيلاتها في الفترة الأولى من ظهور الوباء في مارس 2020 غير أن عدم الاستقرار الحكومي قد أربك سير مثل هذه اللجان المركزية .
على أرض الواقع اتصلنا بعدد ممن مراكز التلقيح في ولاية المنستير التي حافظت على سيرها الطبيعي في تمكين المواطنين من الجرعات حسب منظومة ايفاكس غير متأثرة بالوضع السياسي في البلاد ، و الإطار الطبي من أطباء وممرضين، يلازم مكانه في تقديم الجرعات غير أنه يلاحظ انخفاض في عدد الوافدين على غرار المركز الجهوي للتلقيح بحمام سوسة الذي سخر إمكانيات كبيرة في القاعة المغطاة غير أن عدد الإرساليات كان محدودا و لا يتطابق مع طاقة الاستيعاب الحقيقية التي يقدر على تناولها المركز .
المتطوعون من كافة الجمعيات ( الهلال الأحمر، تنسيقية عزيمة، الكشافة التونسية ) مسخرون لاستقبال المواطنين في عديد المراكز ، في المقابل يمكن أن نلاحظ خلال اليومين الأخيرين عدم تحول الإدارات الجهوية إلى المناطق لتمكين المواطنين من الجرعات ضمن الوحدات الصحية المتنقلة ويمكن أن نعزو ذلك إلى الظروف الاستثنائية التي تمر بها الإدارة التونسية .
و على خلاف كافة الوزارات المعطلة بحكم التدابير الاستثنائية المعلنة برزت على الصفحة الرسمية لوزارة الصحة أنشطة الوزير بالنيابة محمد الطرابلسي الذي عقد لقاء مع مدير مكتب تونس لمنظمة الصحة العالمية لتنسيق الجهود في مقاومة جائحة كوفيد 19 معلنا بالمناسبة عن برنامج مساعدة جديد يتمثل بالخصوص في تقديم 4 مولدات أكسجين و 240 مكثف أكسجين لفائدة المؤسسات الإستشفائية لكامل جهات البلاد إضافة إلى توفير معدات وكواشف مخبرية لفائدة معهد باستور واقتناء 5 ملايين كمامة طبية من المنتظر أن تصل إلى تونس خلال الأسبوع الأول من شهر أوت المقبل.
و بخصوص دفعات التلاقيح ضد كوفيد-19 المبرمجة في إطار منظومة كوفاكس أوضح مدير مكتب تونس لمنظمة الصحة العالمية Yves Souteyrand أنه من المنتظر وصول خلال الأيام القليلة القادمة 156 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا و 200 ألف جرعة من لقاح فايزر .
و يذكر أن نسبة التحاليل الإيجابية تتخذ منحى نحو الانخفاض بعد أن بلغت ذروتها نهاية شهر جوان و بداية شهر جويلية حيث تجاوز 37 % .
وسجلت وزارة الصحة إلى حدود 28 جويلية 2021 عدد 1081214 مواطنا استكملوا عملية التلقيح ، و في انتظار المؤشرات الجديدة التي يمكن الاطلاع عليها يمكن أن نحدد مدى نجاعة السياسات الصحية المتبعة في ظل التدابير الاستثنائية .
بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا