21/08/05
بعد اكتشاف أول إصابة بالفطر الأسود في تونس زادت المخاوف من انتكاسة جديدة للوضع الصحي في البلاد وتكرار السيناريو الهندي الذي تجاوزت خلاله أعداد المصابين بالفطر الأسود 8800 حالة نهاية شهر ماي الماضي وفق السلطات الصحية الهندية.
وسط ضبابية في المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي، ربطَ الكثيرون بين الفطر الأسود وفيروس الكوفيد واعتقد منهم أن هذا المرض هو متحور جديد أشد فتكا وانتشارا. فما هي حقيقة ما يتم تداوله وهل يرتبط الفطر الأسود فعلا بالإصابة بالكوفيد مباشرة؟
الفطر الأسود مرتبط بنقص المناعة
صرَّح الدكتور رمزي المعتمري، طبيب بقسم الفك والوجه بالمستشفى الجامعي سهلول، أنَّ أول إصابة بالفطر الأسود في تونس كانت لسيدة خضعت إلى عملية استئصال للأنسجة المتعفنة من الأنف في أواخر جويلية الماضي.
وأرجع المعتمري الإصابة بالفطر الأسود إلى معاناة المصابة من نقص المناعة جراء مرضى السكري والقصور الكلوي.
وأكَّد عضو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، أمان الله المسعدي، أنّ المناعة الضعيفة توفر أرضية ملائمة لظهور الفطر الأسود.
واستبعد المسعدي في تصريحه لوكالة تونس إفريقيا للأنباء الارتباط المباشر بين انتشار وباء الكوفيد و ظهور هذا المرض. وأشار إلى أن تونس تسجل سنويا بين إصابة أو إصابتين بالفطر الأسود.
تضعف مناعة المصابين بالكوفيد جراء البروتوكول العلاجي الذي يستخدمه الأطباء في الحالات المتقدمة أو الحرجة، حيث يتلقى المقيمون في أقسام الإنعاش جرعات عالية من الكورتيزون أو الستيرويد القشري الذي يرفع نسبة السكري ويحفز نمو الفطريات داخل الجسم.
ولكن الدكتور سهيل العلويني، مستشار منظمة الصحة العالمية في تونس، قلل من المخاوف المرتبطة بظهور أولى الإصابات في مستشفى سهلول.
وفسَّر العلويني أن الأطباء يعتمدون طريقة العلاج بجرعات الكورتيزون في محاربة الكوفيد للتغلب على مخلفات الفيروس في الرئتين. وهو ما يفتح “المجال لهذا الفطر وغيره من الفطريات للنمو”.
وأوضح أن “أكثر المرضى تأثرا هم من يعانون من مرض السكري مع ضعف مكتسب في المناعة”.
حتى من ليسَ لديهم أعراض معرضون للمرض
كشفت دراسة لمستشفى داياناند الطبية الهندية، نشرها موقع هندوستان تايمز، أن مرضى كوفيد الذين لم تظهر عليهم أعراض، والذين لا يحتاجون إلى العلاج في المستشفى أو دعم بالأكسجين قد أصيبوا بدورهم بالفطر الأسود.
ويقول دكتور راجيش ماهاجان، الذي يرأس الدراسة:
“لقد وجدنا أن إعادة استخدام الأقنعة القديمة التي غالبا ما تعج بالبكتيريا والرطوبة هي المسؤولة عن زيادة حالات الفطريات السوداء بين مرضى كوفيد المتعافين الذين تضررت مناعتهم”.
وأضاف أنَ
“فطر الغشاء المخاطي ليس ظاهرة غير معروفة لأن الفطر موجود في البيئة. وفي وقت سابق، كنا نستقبل حالات من المرض. ومع ذلك، فقد زاد انتشاره وسط الوباء، خاصة بين المرضى الذين يعانون من مرض السكري غير المنضبط”.
ونبه جراح آخر في الدراسة من أن الإفراط في استخدام مثبطات المناعة، خاصة عند تناوله دون استشارة أخصائي، كان مسؤولاً أيضا عن ارتفاع الحالات وسط مرضى كوفيد.
علاجات الفطر الأسود تتغير وفق مراحله
يدخلٌ الفطر العفني الجسم عن طريق الجهاز التنفسي، فيصيب الأنف والفم والعين والرئتين، وقد يبلغ انتشاره الدماغ.
في حال تم اكتشاف الإصابة بالمرض مبكرا، يستخدم الأطباء الحقن الوريدي المضاد للفطريات لعلاجه لمدة تصل إلى 8 أسابيع.
ويقول الأطباء في الهند، وفق تقرير لبي بي سي إن أغلب الحالات تصلهم متأخرة جدا.
وعادة ما يكون لدى المرضى الذين يعانون من عدوى فطرية أعراض انسداد ونزيف في الأنف وتورم وألم في العين وتدلي الجفون وظهور بقع سوداء من الجلد حول الأنف وقد يصل الأمر إلى حد فقدان البصر في النهاية.
وفي حالات كهذه لا يكون أمام الأطباء غير التدخل الجراحي لاستئصال العين أو الأنف أو الفك الأعلى منعا لوصول العفن إلى الدماغ.
ولتفادي تعكّر حالة الإصابة بالفطر الأسود، قال الدكتور لاكسمان جيساني، استشاري الأمراض المعدية في مستشفيات أبولو نافي مومباي، “يجب على المرضى، خاصة المصابين بداء السكري، والذين يتناولون مضادات المناعة أو يتعرضون لأي حالة تؤثر على جهاز المناعة اتخاذ احتياطات مثل التحكم في مستويات السكر في الدم ومراقبته بانتظام واستخدام الأدوية المضادة للفطريات فقط عندما يصفها الطبيب”، وفق موقع financial express.
كما قدَّم الدكتور أشفين أغاروال، المدير التنفيذي لمجموعة الدكتور أغاروال لمستشفى العيون بعض الإجراءات الاحترازية التي يجب على الأشخاص اتباعها ، قائلاً: “بالنظر إلى الصلة القوية والمتنامية بين الكوفيد والعيون، يجب على الأشخاص البدء في استخدام النظارات الواقية وحماية الوجه، مع اتباع الإرشادات الأخرى مثل ارتداء الأقنعة والحفاظ على التباعد الجسدي وغسل اليدين بالصابون بشكل متكرر”.
بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا