21/08/09
انتظم اليوم 8 أوت بمختلف جهات الجمهورية اليوم الوطني المفتوح للتلقيح المكثف ضد كوفيد 19 بعد أن أعلنت رئاسة الجمهورية منذ 5 أيام عن توفر 6 ملايين جرعة تلقيح في شكل هبات ومساعدات من دول عربية وأوروبية
و قد أعلنت وزارة الصحة عن تخصيص هذا اليوم لمن فاق سنهم الأربعين عاما في 335 مركز تلقيح الموزعة على معتمديات تونس ، و يذكر انها المرة الثانية التي تفتح فيها مراكز التلقيح للعموم بعد اليوم الوطني الذي أعلنت عنه وزارة الصحة يوم عيد الأضحى والذي اعتبر فاشلاً تنظيميا و عجّل بإقالة وزير الصحة السابق فوزي مهدي وحتى باتخاذ قرار الاجراءات الاستثنائية من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد.
إقبال كثيف و”تدافع” على التلقيح
و قد عرفت معتمدية ڤرمبالية من ولاية نابل إقبالا كثيفا من المواطنين/ات منذ الساعات الأولى للصباح على مركزي التلقيح المخصصين للغرض ، هذا الإقبال تسبب حالة من الفوضى و التزاحم في غياب شبه كلي للتباعد الجسدي و تطبيق البروتوكول الصحي أثناء فتح أبواب المراكز .
المشهد في ڤرمبالية لم يكن مختلفا عن بقية المناطق ، في أعداد الوافدين/ات على مراكز التلقيح التي تجاوزت المئات في الساعات الاولى لفتح المراكز ، قابله ضعف في التنظيم و قلة وعي الكثيرين/ات الذين تزاحموا و تدافعوا في نفس التوقيت بهدف الحصول على جرعة أولى من لقاح استرازينيكا المخصص لهذا اليوم.
وقد تكفل فرع الكشافة التونسية بڤرمبالية رفقة عدد من جمعيات المجتمع المدني وقوات الأمن بالإشراف على عملية تنظيم الصفوف و مساعدة كبار السن و التسجيل لغير المسجلين عبر منظومة evax.tn .
و تقول فاطمة عضوة بالكشافة التونسية:
” لدينا مجموعة متكونة من 26 متطوعا أشرفت على عملية التنظيم على مدار يوم كامل، وهو ما يعتبر عدد صغير مقارنة مع العدد الكبير من الوافدين/ات و طول ساعات فتح المراكز ” .
اعتماد “ايفاكس” عمق أزمة الاكتظاظ
ومنذ الدقائق الأولى لانطلاق عملية التلقيح ، توقف عمل منظومة ايفاكس سواء عبر الموقع الرسمي أو عبر الارساليات القصيرة ، فلم يتمكن الكثيرون من التسجيل رغم وعود وزارة الصحة بأن غير المسجلين يمكنهم التحول إلى مراكز التلقيح و التسجيل هناك على عين المكان ، ممَّا تسبب في حالة من الفوضى و الاستياء لدى المواطنين/ات و المتطوعين/ات في مراكز التلقيح بڤرمبالية، لتعثر مهمّة تسجيل الأشخاص الذين لم يتمكنوا من التسجيل سابقا عبر منظومة ايفاكس، و يجدر الإشارة إلى ان هذا العطب التقني تم تداركه بعد ساعات لاحقة لتستأنف العملية بطريقة عادية أثناء منتصف النهار .
و بالحديث مع عدد من المواطنين ، تسائل الكثيرون عن الرسائل النصية التي تصل بعض المواطنين/ات دون الآخرين لاعلامهم بتوقيت ومكان تلقيهم الجرعة الاولى من التلقيح ، وهو الأمر الذي لم ينطبق على الكثير منهم على الرغم أن جميعهم مسجلون مسبقا. وهو ما عايناه على عين المكان بين شقيقتين مسجلتان منذ ما يزيد عن الشهر ، إحداهن تم إعلامها أنها مدعوة للتلقيح اليوم بمركز تلقيح المدرسة الإعدادية الحبيب بوڤطفة و الأخرى لم تصلها أي رسالة من وزارة الصحة .
معضلة الرسائل من منظومة evax.tn كانت سببا رئيسيا في حالة الغليان ، حيث أن المشرفين على عملية التنظيم وقوات الأمن أغلقوا النهج المؤدي إلى مركز التلقيح الذي كنا متواجدين به وسمحوا فقط بالمرور للأشخاص الذين تمت مراسلتهم ، و هو ما أثار دهشة و استغراب الكثيرين خصوصاً و ان وزارة الصحة كانت قد أعلنت أن هذا اليوم مفتوح للجميع دون سابق استدعاء أو إعلام .
الأعداد الكبيرة للوافدين/ات على مراكز التلقيح ، جعلت كثيرين يعودون أدراجهم بعد دقائق قليلة من وصولهم ، خوفا من تفشي فيروس كوفيد 19 بين هذه التجمعات البشرية و بسبب عدم قدرتهم على تحمل الانتظار و الوقوف تحت أشعة الشمس خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة لهذا اليوم حسب تعبيرهم.
” لن أستطيع الوقوف لساعات تحت الشمس الحارقة، ولم آتي إلى هنا للعودة مصابة بالفيروس ، سأعود في وقت لاحق لعل الأمور تتحسن، وأستطيع التمتع حينها بحقي في التلقيح”.
كلمات رددتها أحد المواطنات و هي تحاول الخروج من بين الحشود متجهة لسيارة ابنها الذي ينتظرها على بعد أمتار و تقاسيم وجهها تعبر عن غضبها بعد الدقائق العصيبة التي عاشتها في صف امتد لعشرات الأمتار.
هذا المشهد لم يكن الوحيد أمام مركز التلقيح ، فكثيرون لم ينزلوا من سياراتهم و عادوا أدراجهم على الحال وآخرون وقفوا يراقبون من مسافة بعيدة ثم غادروا دون الوصول الى الطوابير.
لكن هذا المشهد يتغير كليا عند الوصول الى باب المدرسة الإعدادية أين تجرى عملية التطعيم ، فهناك نصبت الخيام و وضعت الكراسي للجلوس ، كما يتم توزيع قوارير المياه على المواطنين الذين أنهكهم الوقوف و التزاحم للوصول الى نقطة النهاية و الحصول على رقم لدخول الأقسام لتلقي جرعة التلقيح و مغادرة المركز .
و في حديثنا مع أحد المواطنين الملقحين و هو يهم بالخروج عبّر عن فرحته بتلقيه الجرعة الأولى من لقاح استرازينيكا رغم التعب والانتظار الذي اعتبره أمرا عاديا نظرا لهذا الإقبال الكثيف، متوجها بالشكر إلى الإطار الطبي وشبه الطبي الذي كان مرابطا داخل الأقسام وأعضاء المجتمع المدني المتطوعين الذي يقومون بدورهم على رغم حرارة الطقس و طول ساعات العمل.
كثير من المواطنين الذين تحدثت إليهم “كشف ميديا” عبّروا عن أملهم في أن تتواصل حملة التلقيح المفتوح مدة أطول ليتم تلقيح أكبر عدد ممكن في اقرب الآجال و العودة الى نسق الحياة الطبيعي.
و من المهم الإشارة إلى أن الإقبال على مراكز التلقيح لم ينقطع على امتداد الساعات التي أعلنت عنها السلط المعنية لفتح مراكز التلقيح لكن أعداد المواطنين/ات أمام مراكز التلقيح تراجعت مع مرور الوقت. وقد بلغ عدد المدعوين إلى التلقيح في معتمدية ڨرمبالية 9879 يوم 8 أوت، في حين تم تلقيح 6080 مواطنا.
بدعم من منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا