كشف خبر


هل باتت الجرعة الثالثة للكوفيد ضروريّة في ظل تراجع فعالية اللّقاح؟

21/08/23


صحفية متخصصة في المجال الصحي

مقال تفسيري

في الوقت الذي استكملت فيه دول كثيرة تلقيح نسبة هامة من مواطنيها ضد الكوفيد المستجد، ناهز عدد من أتموا الجرعة الثانية من التلقيح في تونس مليوني وثلاثة آلاف قبل أسبوع من نهاية شهر أوت.

وبعد صدور مجموعة من الدراسات الجدية التي تؤكد تراجع فعالية اللقاح بعد مرور فترة من الزمن، قررت بعض الدول الشروع في فرض الجرعة الثالثة لقطع الطريق أمام موجات عدوى جديدة قد تكون أكثر خطورة من السابق. كما تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا غير دقيقة وأخرى مضللة عن أهمية الجرعة الثالثة.

من هي الفئات التي سيتم تطعيمها؟ فما هي الدول التي ستشرع في تطعيم سكانها بالجرعة الثالثة؟

من جهته قال الدكتور حاتم الغزال المتخصص في علم الأجنة :

أعتقد أن التوجه سيكون في الأخير نحو الجرعة ثالثة في كل الدول لكون الدراسات توفر لنا كل يوم معلومات جديدة تصب كلها في هذا الاتجاه.

وتابع الدكتور في تدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسيوك:

  لا تزال هناك موجات قادمة في كل الدول مهما كانت نسبة الملقحين فيها ولكنها ستجد شعبين مختلفين في كل دولة: شعب الملقحين وستمر الموجة دون أن تخلّف فيهم أضرار تذكر. وشعب غير الملقحين وبحسب نسبتهم ستكون نسبة الوفيات وامتلاء المستشفيات .

تراجع فعالية اللقاحات مع الوقت

كشفت دراسة بريطانية، أجرتها جامعة أكسفورد، أن لقاح فايزر-بيونتيك أكثر فاعلية في مكافحة العدوى المرتبطة بمتغير دلتا للفيروس التاجي من لقاح أكسفورد/أسترا زينيكا، لكن فعاليته تتراجع بشكل أسرع.

فبعد فحص 700 ألف مشارك في الدراسة، التي نشرتها صحيفة لوفيغارو الفرنسية، وجد الباحثون الشخص الذي تلقى جرعته الثانية من لقاح فايزر قبل شهر من الإصابة به يمتلك حماية بنسبة 90 بالمئة من متغير دلتا مقارنة بالشخص غير الملقح. وتنخفض هذه النسبة إلى 85 بالمئة بعد شهرين ثم إلى 78 بالمئة بعد ثلاثة أشهر من التطعيم.

أما الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من لقاح أسترازينيكا يتمتعون بالحماية بنسبة 67 بالمئة بعد شهر واحد و65 بالمئة بعد شهرين و 61 بالمئة بعد ثلاثة أشهر. 

صورة لـكشف ميديا أوت 2021-نور الدين أحمد

وتشير الدراسة البريطانية إلى أن فعالية اللقاحين تصبح متساوية بعد انقضاء أربعة أو خمسة أشهر.

ويصر الباحث الدكتور كوين بويلز، الذي عمل على الدراسة، على حقيقة أنه على الرغم من “هذه الانخفاضات الطفيفة في الحماية”، فإن “الفعالية الكلية (للقاحين) لا تزال عالية جدا” ، مشددا على أن الباحثين درسوا الحماية الشاملة وليس مستوى الحماية ضد الأعراض الخطيرة للمرض.

كما وجدت دراسة أخرى، أجرتها مايو كلينيك ونشرت تفاصيلها على موقعها الرسمي، أن الفعالية انخفضت من 76 بالمئة إلى 42 بالمائة بين أولئك الذين تلقوا لقاح فايزر ومن 86 بالمئة إلى 76 بالمائة بين الذين تلقوا لقاح موديرنا.

وتوصلت دراسة ثالثة، نشرت في موقع MMWR التابع لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC الأمريكي، إلى أن فعالية اللقاح ضد عدوى كوفيد بين المقيمين في دور رعاية المسنين انخفضت من 75 بالمئة في مارس إلى 53 بالمئة في أوت. 

الفئات المعنية أكثر بالجرعة الثالثة

نشر المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها تقريرا كشف فيه أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي بشكل معتدل إلى شديد قد لا يبنون نفس المستوى من المناعة لسلسلة اللقاحات المكونة من جرعتين مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون من نقص المناعة.

وأوصى المركز الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة بتلقي جرعة إضافية للتأكد من حصولهم على حماية كافية ضد الكوفيد.

كما نبَّه المركز الأمريكي من أن الجرعة الثالثة للقاح الذي يعتمد الحمض النووي الريبي، مثل فايزر وموديرنا، ينبغي أن تكون بعد انقضاء 28 يوما على الأقل من تلقي الجرعة الثانية.

من يحتاج إلى لقاح إضافي: 

  • – من يتلقى علاج فعال للسرطان لأورام أو سرطانات الدم
  • – من أجريت له عملية زرع أعضاء ويتناول أدوية لتثبيط جهاز المناعة
  • – من تلقى عملية زرع خلايا جذعية خلال العامين الماضيين أو كان يتناول أدوية لتثبيط جهاز المناعة
  • – من يعاني من نقص المناعة المعتدل أو الشديد
  • – من يشكو من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية المتقدمة (الايدز) أو غير المعالجة
  • – من يتلقى علاجا يعتمد جرعات عالية من الأدوية المضادة للالتهاب (الكورتيكوستيرويدات) 
https://www.youtube.com/watch?v=1js7Hhkf9Ys
في هذا الفيديو تشرح الدكتورة كريستيان ايربهاردت عن مركز التلقيح بالمستشفى الجامعي بجنيف الحاجة للجرعة الثالثة

يذكر أن التجارب السريرية الحالية بينت أن الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة والذين لديهم حماية منخفضة أو ليس لديهم حماية بعد جرعتين من اللقاح قد يكون لديهم استجابة أفضل بعد جرعة إضافية من نفس اللقاح.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك معلومات محدودة حول مخاطر تلقي جرعة إضافية من اللقاح ولا يزال العلماء والباحثون في مرحلة تقييم لسلامة وفعالية وفائدة الجرعات الإضافية من لقاح الكوفيد لدى الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة.

وتم الإبلاغ إلى الآن على أن أعراض الجرعة الثالثة كانت خفيفة ومعتدلة وهي مشابهة لأعراض الجرعتين الأوليين ومنها التعب والألم في مكان الحقن.

الولايات المتحدة وبريطانيا تستعدان للجرعة الثالثة

أعلن مسؤولو الصحة في الولايات المتحدة أن الأمريكيين سيتلقون جرعات معززة للقاح الكوفيد بداية من 20 سبتمبر 2021. 

وعبر بيان مشترك، قالت الدكتورة روشيل والينسكي، مديرة مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ودكتور جانيت وودكوك، مفوضة إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية بالنيابة، نحن على استعداد لتقديم جرعات معززة لجميع الأمريكيين بدءا من 20 سبتمبر وبدءا من 8 أشهر بعد تلقي الجرعة الثانية.

وفسر البيان أن الوقت المحدد لتلقي الجرعة الثالثة مناسب ويحترم الوقت الفاصل بين الجرعات “في ذلك الوقت، من المحتمل أن يكون الأفراد الذين تم تطعيمهم بالكامل في وقت مبكر من بدء التطعيم، بمن في ذلك العديد من مقدمي الرعاية الصحية وكبار السن، مؤهلين للحصول على جرعة معززة”.

ويؤكد مسؤولو الصحة أن لقاحات الكوفيد المرخصة “فعالة بشكل ملحوظ في الحد من الأشكال الخطيرة للمرض ودخول المستشفى والموت، حتى ضد متغير دلتا المنتشر على نطاق واسع”، لكن من الواضح أن الحماية من الفيروس تبدأ في الانخفاض بمرور الوقت.

وجاء في البيان أن “الحماية الحالية ضد الكوفيد يمكن أن تتضاءل في الأشهر المقبلة، خاصة بين أولئك المعرضين لخطر أكبر أو الذين تم تطعيمهم خلال المراحل السابقة من إطلاق التطعيم”. 

لهذا السبب، يرى أخصائيو الصحة أنه ستكون هناك حاجة إلى جرعة معززة لزيادة الحماية التي يسببها اللقاح إلى أقصى حد وإطالة أمد متانتها، وفق ما نقلت “سي ان ان”.

الحكومة البريطانية بدورها كانت قد أعلنت سابقا أنها حصلت على 60 مليون جرعة جديدة من لقاح فايزر من أجل إعداد برنامج معزز للأشخاص الأكثر ضعفا في الخريف.


إشراف عام خولة بوكريم

بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا