21/08/27
جولة صغيرة في شوارع تونس يمكن أن تكشف للعيان عدم التزام المواطنين/ات بإجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة. يعزو البعض حالة التراخي هذه إلى قناعة الناس بزوال خطر العدوى بعد تقدم عملية التلقيح في البلاد.
وعلى الرغم من بعض البروتوكولات الصحية التي لا زالت سارية المفعول في المطاعم والنزل، والفضاءات العامة، إلا أن مظاهر عدم احتراما هي المكشوفة للعيان أكثر.
يؤكد دكتور رفيق بوجدارية، رئيس قسم الاستعجالي بمستشفى “عبد الرحمان مامي”، ذلك بقوله “بعد الأيام المفتوحة للتلقيح، لاحظنا أن هناك تراخي وتراجع في ارتداء الكمامة في المقاهي والأماكن العامة”.
وتابع “الخطر لا يزال واردا وقائما لأن المواطنين لا يحترمون إجراءات التباعد، خاصة خلال السهرات وفي الأماكن المكتظة”.
وأعرب الدكتور رفيق عن خشيته من أن يعيد “هذا الاستهتار” البلاد إلى تسجيل أرقام مرتفعة من الإصابات بالكوفيد.
الكمامة ضرورية حتى بعد تلقي التطعيم
وسط الارتفاع الأخير في الحالات الجديدة الناجمة عن متغير دلتا شديد العدوى في دول كثيرة حول العالم، تحث منظمة الصحة العالمية الأشخاص الذين تم تطعيمهم على الاستمرار في ارتداء الكمامة.
المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) بدوره يوصي بالاستمرار في ارتداء الكمامة للتقليل من خطر الإصابة بمتغير دلتا ونشره للآخرين خاصة ممن يعانون من ضعف المناعة.
وينصح المركز بضرورة ارتداء قناع على “الأنف والفم على متن الطائرات والحافلات والقطارات وغيرها من وسائل النقل العام التي تسافر إلى الولايات المتحدة أو داخلها أو خارجها”.
وفي تونس تشدد الدكتورة جليلة بن خليل، الناطقة الرسمية باسم اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا، على أهمية الكمامة حتى بعد التلقيح.
وفي حديثها لـ”كشف ميديا” أوضحت الدكتورة أن “الملقح يمكن أن يتسبب في نقل العدوى لغيره خاصة وأن تونس لم تحقق بعد العدد المأمول من الملقحين” (العدد الذي يضمن المناعة الجماعية للسكان).
لكن في الشارع التونسي لا يزال هناك تباين في اعتبار الكمامة جزءا من حياتنا اليومية، وأن هذا السلوك يفتقد حتى الآن إلى إجماع بين التونسيين.
تحرص صفية الخماسي، موظفة بوزارة المالية، على المحافظة على الكمامة داخل عملها وحتى خارجه. وتقول لكشف ميديا:
أدرك جيدا أن اللقاح لا يمنع الإصابة بالفيروس وذلك يعني أنني لا أزال معرضة لالتقاط العدوى ونشرها.
وتضيف على ذلك
لأنني أخالط الكثير من المواطنين بشكل يومي، خلال عملي، أحرص دائما على ارتداء الكمامة حتى أحمي أسرتي والآخرين .
ويبدو هذا الموقف مخالفا تماما لرأي فهمي عزوزي الذي يدير مطعما في الشارع الرئيسي بمدينة باردو والذي سمح لعماله بنزع الكمامات بعد أن تلقوا اللقاح المضاد لكوفيد 19 كما أبدى تسامحا مع الحرفاء الذين نزع أغلبهم الكمامات.
ويقول عزوزي لـ”كشف ميديا”:
من الصعب جدا أن تتحمل العمل في درجة حرارة عالية بكمامة طوال النهار. نحن ننتظر التلقيح حتى تعود الحياة الاقتصادية الى طبيعتها هذا هو الهدف الأساسي من التلقيح.
وفي كل الحالات تؤكد دكتورة جليلة أنه يمكن نزع الكمامة في حالة وحيدة وهي عند “التأكد من مرافقة أشخاص قد أتموا تلقيحهم مع ضرورة انقضاء 15 يوم عن الجرعة الثانية للقاح، شرط وجودهم في حلقة محددة بعيدا عن الاحتكاك بغير الملقحين في الشارع أو في وسائل النقل العمومية”.
وعمليا سيكون من الصعب التأكد دائما من كل هذه العوامل من أجل السلامة الصحية.
ناشرون صامتون للفيروس
أثبتت الكثير من الدراسات أن التلقيح ضد الكوفيد لا يمنع الإصابة بالمرض ويمكن للملقح أن يصاب بالفيروس وقد يتسبب في نقل العدوى إلى أشخاص آخرين. ولأن اللقاح يخفف الأعراض ويحفظ المرضى من تفاقم الحالة عند الإصابة التي قد لا يتفطنون إليها، يصبح الأشخاص الذين تم تطعيمهم/نَّ ناشرين صامتين للفيروس ويحافظون على انتشاره في مجتمعاتهم/نّ، مما يعرض الأشخاص غير المحصنين للخطر.
قالت ميتشال تال، أخصائية المناعة في جامعة ستانفورد، لنيويورك تايمز، “يعتقد الكثير من الناس أنه بمجرد تلقي التطعيم، لن يضطروا إلى ارتداء الكمامة بعد الآن. يجب أن يعلموا أنه عليهم الاستمرار في ارتداء الكمامة لأنهم لا يزالون يشكلون خطرا على غيرهم”.
في معظم التهابات الجهاز التنفسي، بما في ذلك فيروس كوفيد المستجد، يعتبر الأنف هو المنفذ الرئيسي للدخول. يتكاثر الفيروس بسرعة هناك ويدفع جهاز المناعة لإنتاج نوع من الأجسام المضادة خاصة بالغشاء المخاطي وهي الأنسجة الرطبة المبطنة للأنف والفم والرئتين والمعدة. إذا تعرض نفس الشخص للفيروس مرة ثانية، فإن تلك الأجسام المضادة وكذلك الخلايا المناعية التي تتذكر الفيروس توقفه سريعا في الأنف قبل أن تتاح له فرصة الانتقال إلى مكان آخر في الجسم.
في المقابل، يتم حقن لقاحات الفيروس التاجي في العضلات لتنشيط جهاز المناعة حتى ينتج الأجسام المضادة.
تنتشر بعض هذه الأجسام المضادة في الدم إلى الغشاء المخاطي للأنف وتقف هناك للحراسة ولكن ليس من الواضح، إلى الآن، مقدار تجمع الأجسام المضادة التي يمكن تحريكها أو مدى سرعتها. ويظل هناك احتمال دائما بأن تتكاثر الفيروسات في الأنف وتنتقل إلى الآخرين عبر التنفس أو العطس والسعال.
وقالت ماريون بيبر، عالمة المناعة في جامعة واشنطن في سياتل:
إنه سباق! يعتمد على ما إذا كان الفيروس يمكن أن يتكاثر بشكل أسرع أو أن الجهاز المناعي يمكنه التحكم فيه بشكل أسرع.
ويفسر الخبراء أن هذا هو السبب في اعتبار لقاحات الغشاء المخاطي، مثل رذاذ الأنف أو اللقاح الفموي لشلل الأطفال، أفضل من الحقن العضلي في درء فيروسات الجهاز التنفسي، وفق الصحيفة الأمريكية.
كما أشارت الدكتورة إيفون مالدونادو، ممثلة الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، إلى أنه حتى الأشخاص الذين ليس لديهم أعراض يمكن أن يكون لديهم كميات كبيرة من فيروس كوفيد 19 في أنوفهم.
ظهور متغيرات جديدة يعني مخاطر جديدة
يصبح الحرص على ارتداء الكمامة إجراء بالغ الأهمية إذا كان للشخص، الذي يخالط الناس باستمرار خارج البيت، أطفال غير مؤهلين بعد لتقلي التطعيم أو أقارب من ذوي المناعة الضعيفة.
وطالما لم يتمكن العالم من السيطرة على انتشار الوباء، يظل الفيروس في حالة تحور دائم.
وقد أشار تقرير نشر في موقع healthline المتخصص في الصحة إلى أن انتشار المتغيرات الجديدة، بما في ذلك متحور دلتا، قد يؤدي إلى تراجع فعالية لقاحات الكوفيد.
وذكرت تيريزا موراي أماتو، رئيسة طب الطوارئ في نيويورك أنه “على الرغم من أن فرصة الإصابة بالفيروس منخفضة بمجرد أن يتم تطعيم الفرد، فإنها ليست منعدمة”.
ولفتت قائلة
“نحن نعلم أن التطعيم وارتداء الكمامات يقللان من انتشار الوباء. وكلما تمكنا من تقليل انتقال العدوى، تتراجع فرصة ظهور متغيرات جديدة”.
كتب هذا المقال بصيغة حساسة للجندر
بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا