21/09/07
تراقب منظمة الصحة العالمية تطور متحور جديد لكوفيد 19 يُعرف باسم “مو” باهتمام بالغ، وسط خشية العلماء أن يكون المتحور الجديد أكثر مقاومة للقاحات.
فبعد النجاح في تطعيم أكثر من 40 بالمئة من سكان العالم، بجرعة لقاح واحدة على الأقل، إلى حدود يوم 5 سبتمبر 2021، تخشى المنظمة أن تذهب كل جهود التلقيح هباء إذا ما أثبت العلم قدرة المتحور الذي بات يعرف علميا باسم “”B.1.621 على اختراق المناعة وإصابتها بشدة رغم تلقيها للقاح.ظهر المتحور “مو” لأول مرة في كولومبيا، بداية هذا العام، وتمت إضافته إلى قائمة المتحورات الخاضعة لمراقبة منظمة الصحة العالمية في 30 أوت بعد رصده في 40 دولة، (لم يثبت وجوده على الأراضي التونسية حتى الآن) واكتشاف امتلاكه لمج
وكان تقرير النشرة الأسبوعية لمنظمة الصحة قد كشف أن البيانات الأولية تشير إلى أن المتحور “مو” قد يتجنب الدفاعات المناعية بطريقة مماثلة لمتغير “بيتا” الذي اكتشف لأول مرة في جنوب إفريقيا، لكن هذا يحتاج إلى تأكيد من خلال مزيد من العمل والدراسة بدقة أكبر.
ويحرص العلماء بشكل خاص على معرفة ما إذا كان متغير “مو” أكثر قابلية للانتقال أو يسبب مرضا أكثر خطورة من متغير “دلتا” السائد في معظم أنحاء العالم.
هل يقدر متغير مو على مقاومة اللقاحات
تشير العديد من الدراسات التي حللت هذا المتغير عن كثب إلى خطرين رئيسيين.
فقد أظهر “مو” تفوقا على الأجسام المضادة التي يكتسبها الجسم بعد العدوى أو ما بعد اللقاح. وبالتالي يمكن أن يقلل من فعالية أنواع معينة من اللقاحات، ولا سيما تلك التي لم تستخدم الحمض النووي الريبي كلقاح أسترازينيكا على سبيل المثال.
ومن ناحية أخرى، بينت بعض الأبحاث إلى أن هذا المتغير يحتمل أن يكون معديا أكثر بقليل من السلالة الأصلية لكوفيد 19، وله خصائص لقابلية الانتقال مشابهة لمتغير دلتا. ومع ذلك لا تزال الدراسات إلى الآن تفتقر إلى حد كبير من الدقة لتأكيد ذلك.
ولقد أشار تقرير لصحيفة “ذي غارديان” البريطانية، إلى اكتشاف ما لا يقل عن 32 حالة من متغير مو في المملكة المتحدة حدثت نتيجة انتقال العدوى من قبل مسافرين.
وكانت هيئة الصحة العامة في إنجلترا قد أعلنت أن معظم هذه الحالات تم العثور عليها في لندن لدى أشخاص في العشرينات من العمر، تلقى بعضهم جرعة واحدة أو جرعتين من لقاح كوفيد.
ويؤكد العلماء أنه في الوقت الحالي لا يوجد دليل على أن متغير مو يتفوق على متغير دلتا ويبدو من غير المحتمل أن يكون أكثر قابلية للانتقال.
متحور مو يجتاح كولومبيا
منذ ظهوره في جانفي 2021، أصبح “مو” هو السلالة السائدة في كولومبيا ومصدر الموجة الثالثة الفتاكة للوباء الربيع الماضي داخلها.
وقد صرحت مارسيلا ميركادو، مسؤولة من المعهد الوطني للصحة في كولومبيا لوسائل الاعلام بأن
“أكثر من 60 بالمئة من وفيات الكوفيد التي تم رصدها في البلاد ثبت ارتباطها بمتحور مو”.
وبحسب البيانات الرسمية فإن عدد الإصابات والوفيات في كولومبيا وصل إلى مستوى قياسي بين أفريل وجوان 2021، مع ما يصل إلى 700 حالة وفاة يوميا ما جعل نظام الصحة العمومية على حافة الانهيار.
ورغم تجاوز كولومبيا الآن المرحلة الأكثر خطورة من الوباء، وفق تقارير إعلامية، فإنه لا تزال لديها أرقام وفيات تناهز معدل الـ100 وفاة و2000 إصابة في اليوم الواحد.
ويرجع “هذا التحسن إلى حملة التطعيم الحالية”، وفق مسؤولة الصحة الكولومبية. فقد تمكنت البلاد من تطعيم حوالي 30 بالمئة من مجموع 50 مليون ساكن، بحسب آخر تحديث في الأسبوع الاول لشهر سبتمبر.
مع ذلك هناك تحذيرات من أن تبلغ العدوى ذروتها في أكتوبر مع امكانية أن يغذي المصابون الجدد الوباء مرة أخرى.
وما يزيد الوضع تعقيدا أنه علاوة على متغير “مو”، تشهد كولومبيا انتشارا لمتغيرات دلتا وألفا وغاما في البلاد. ومنذ مارس 2020، تم تسجيل ما يقرب من 125 ألف حالة وفاة بسبب الكوفيد في كولومبيا، مقابل 9ر4 مليون مصاب.
“جائحة جديدة” بين غير الملقحين
بقاء نحو 60 بالمئة من سكان العالم دون تطعيم لا يزال يشكل خطرا شديدا لظهور طفرات ومتحورات أكثر حدة لفيروس كوفيد 19.
فارتفاع معدلات الإصابة على مستوى العالم مرة أخرى وانتشار متحور دلتا شديد العدوى – خاصة بين غير الملقحين – في المناطق التي خففت من تدابير مكافحة انتشار الوباء يمكن أن يتسبب في ظهور بؤر أخرى أشد فتكا.
وفي تونس سيكون من المهم الاستمرار في تكثيف حملات التطعيم ودفع المواطنين إلى أهمية الاقبال على مراكز التلقيح لا سيما مع تأكيد العلماء بان اللقاح يظل السبيل الوحيد للحد من الجوائح وخطروتها على الصحة العامة.
والتحدي الأكبر امام الحكومة هو بلوغ الهدف المحدد بتطعيم نصف سكان البلاد مع منتصف شهر اكتوبر ما يحد من خطر تفشي العدوى في الوسط المدرسي ومؤسسات العمل ويحد من آثارها في فترة نزلات البرد الموسمية.
وللدلالة على أهمية التطعيم أعلن المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) أن أكثر من 99 بالمئة من وفيات الكوفيد و97 بالمئة من حالات الإقامة بالمستشفيات هي بين الأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم.
كما قال منسق البيت الأبيض، جيف زينتس، للأسوشيايتد برس، إن الوباء الآن “يهدد في الغالب الأشخاص غير المحصنين”.
وحاليا، تعتبر منظمة الصحة العالمية أن هناك أربع متغيرات مثيرة للقلق: المتحور ألفا الموجودة في 193 دولة والمتحور بيتا الذي انتشر في 141 دولة والمتحور جاما الذي انتشر في 91 دولة والمتحور دلتا الذي انتشر في 170 دولة.
وتدرج المنظمة خمس متحورات من بينها متحور “مو” ضمن المتحورات الخاضعة للمراقبة.
بالشراكة مع منظمة صحافيون من أجل حقوق الإنسان/الشؤون الدولية كندا