21/09/18
عند التعافي من الكوفيد 19 يعتقد المرضى أن الكابوس قد انزاح أخيرا. لكن يبدو أن الفيروس أشد عنادا ورفضا للهزيمة، إذ يصر في كثير من الأحيان على ترك آثار مزعجة ومنهكة حتى بعد مغادرته للجسم.
ويتفاجأ الكثير من المتعافين بأن الأعراض تستمر معهم لفترة طويلة قد تمتد إلى أسابيع أو شهور.
حاول خالد نصراوي، مصور صحفي، استئناف عمله بعد التعافي من الفيروس الذي أنهك جسده لكنه لم يتمكن بعد من استعادة نسق الحياة المهنية المعتاد. واضطر بعد أسابيع من المرض الى تأجيل بعد الأعمال الملعقة منذ فترة خضوعه للحجر الصحي.
قال خالد لـ”كشف ميديا :
عانيت من الأوجاع العضلية خلال فترة الإصابة بالكوفيد ولم تنته بمجرد انتهاء المرض وإنما استمرت معي طوال ثلاثة أسابيع، رافقه شعور شديد بالتعب والإجهاد والإرهاق.
يقول أستاذ فوزي العداد، طبيب أمراض القلب والشرايين بمستشفى عبد الرحمان مامي:
75 بالمئة من المرضى تستمر لديهم أعراض متلازمة ما بعد الكوفيد، خلال الستة أشهر التي تلي الإصابة بالمرض.
وفسر العداد أن الأعراض قد تشمل الإرهاق وضيق التنفس وأوجاع بالصدر، خاصة عند بذل الجهد، وتسارع نبضات القلب”.
وهو ما اكتشفه خالد عندما حاول ممارسة بعض التمارين الرياضية، مضيفا “لقد فشلت في ممارسة الرياضة وصرت أشعر بصعوبة بالغة في التنفس كلما قمت بنشاط يتطلب بعض الجهد”.
أثرت أعراض ما بعد الكوفيد على وتيرة عمل خالد الذي يتطلب التركيز لساعات متواصلة.
ويقول المصور الصحفي الشاب:
لم أعد أقدر على البقاء طوال النهار خارج البيت، خاصة خلال الأسبوعين الأولين للتعافي وصرت أقضي نصف يوم كحد أقصى في العمل ثم سرعان ما أعود إلى البيت لأنام وآخذ قسط من الراحة.
ويرجع طبيب أمراض القلب كل هذه الأعراض إلى اضطراب الحالة النفسية بسبب الخوف والتوتر والقلق جراء الإصابة بالفيروس. وتابع “لاحظنا نسبة إصابة أكبر بمتلازمة ما بعد الكوفيد خلال الموجة الأولى للمرض”.
ورجح أن انخفاض الإصابة لهذه الأعراض الآن هو نتيجة لإدراك المرضى اليوم بأن الإصابة بالفيروس لا تعني بالضرورة الدخول إلى المستشفيات أو غرف الإنعاش.
كما يؤكد العداد أن “نسبة تعكر حالة المرضى بعد التعافي من الكوفيد تظل ضعيفة جدا”.
وأشار إلى أن من غادروا غرف الإنعاش أو تلقوا الأكسجين معرضون أكثر من غيرهم للمعاناة من بعض الأعراض خلال الشهر الأول من التعافي.
ما هي متلازمة ما بعد الكوفيد
على الرغم من أن معظم الأشخاص المصابين بالفيروس يتحسنون في غضون أسابيع من المرض، فإن بعض الأشخاص يعانون من حالات ما بعد الكوفيد لفترة أطول.
يعرف المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) حالات ما بعد الكوفيد أو متلازمة ما بعد الكوفيد بأنها مجموعة واسعة من المشكلات الصحية الجديدة أو العائدة أو المستمرة التي يمكن أن يواجهها الأشخاص أربعة أسابيع أو أكثر بعد الإصابة الأولى بالفيروس المسبب للمرض.
ويشير المركز إلى أنه حتى الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض المرض في الأيام أو الأسابيع التي تلت إصابتهم بالعدوى يمكن أن يصابوا بهذه المتلازمة.
وقد تُعرف حالات ما بعد الكوفيد هذه أيضًا باسم كوفيد الطويل أو كوفيد طويل المدى أو كوفيد الحاد أو التأثيرات طويلة المدى للكوفيد أو كوفيد المزمن.
وقد أفادت منظمة الصحة العالمية، خلال تقرير نشرته في مارس 2021، أن حالات الكوفيد الطويلة تؤثر على 10 إلى 15 بالمئة من المصابين، أو ما يقرب من 11.5 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.
أعراض المتلازمة
تصف المبادئ التوجيهية لأخصائيي الرعاية الصحية في بريطانيا متلازمة كوفيد بأنها أعراض تستمر لأكثر من 12 أسبوعًا بعد الإصابة – شديدة أو خفيفة – ولا يمكن تفسيرها بأي سبب آخر.
وتشمل هذه الأعراض عادة التعب الشديد، ضيق في التنفس، خفقان القلب، ألم في الصدر أو ضيق، مشكلات في التركيز، تغيرات في الذوق والرائحة، ألم المفاصل.
بينما كشفت دراسة قامت بها جامعة كوليدج لندن أن هناك حوالي 200 من الأعراض التي تؤثر على 10 أنظمة عضوية لدى الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد الطويل.
ومن بين تلك الأعراض، الهلوسة والأرق وتغيرات السمع والبصر وفقدان الذاكرة على المدى القصير ومشاكل النطق واللغة. كما أبلغ آخرون عن مشاكل في الجهاز الهضمي والمثانة وتغيرات في الدورة الشهرية ومشاكل جلدية.
تختلف شدة هذه الأعراض، لكن العديد من الأشخاص لم يتمكنوا من أداء مهام مثل الاستحمام أو القيام بالمهمات أو تذكر الكلمات.
يرى بعض العلماء أن هذه الظاهرة ناتجة عن النشاط المفرط للجهاز المناعي، لدى بعض الأشخاص، والذي لا يهاجم الفيروس فحسب، بل يهاجم الأنسجة أيضًا.
هل يمكن للقاح أن يساعد
في الوقت الحالي، لا يوجد علاج دوائي لمتلازمة ما بعد الكوفيد وكل ما ينصح به حتى اللحظة هو التركيز على إدارة الأعراض وزيادة النشاط تدريجيًا.
ويؤكد مركز سي دي سي أن أفضل طريقة للوقاية من حالات ما بعد الكوفيد هي الوقاية من العدوى بالمرض نفسه. ويصر الخبراء على أن التطعيم ضد المرض هو السبيل الأفضل لذلك.
ويشدد الدكتور فوزي العداد على أن “التلقيح لا يخفف من خطورة الفيروس فحسب وإنما يقلل أيضا من أعراض متلازمة ما بعد الكوفيد”، وهو ما أثبتته دراسة نشرتها المجلة المتخصصة في الأمراض المعدية The Lancet Infectious Diseases، حيث جاء فيها أن التطعيم ضد الكوفيد يقلل بشكل كبير من احتمالات التعرض لآثار طويلة المدى للمرض.
ولا يختلف هذا الرأي العلمي عن قناعة المصور الصحفي خالد الذي حرص من تلقاء نفسه على تناول جرعة ثانية من لقاح سينوفاك الصيني حتى لا يعيش نفس الأعراض مرة ثانية.
بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا