21/09/28
لا تزال الكثير من الحوامل والمرضعات في تونس يخشين التطعيم ضد الكوفيد، رغم تأكيد الأطباء على أهمية القصوى لتفادي الحالات الشديدة للمرض. وترجع معظمهن حالة التردد تلك إلى غياب التوعية اللازمة والمساحة الضيقة المتاحة في وسائل الإعلام، للإجابة على تساؤلاتهن واستفساراتهن.
ألفة، 38 عاما غير مقتنعة بالتأكيد العلمي على سلامة اللقاح للحوامل وأجنتهن.وأعربت في حوار لها مع كشف ميديا عن خشيتها من الإجهاض اللاإرادي أو الولادة المبكرة بمجرد تلقي التطعيم، خاصة في ظل غياب برامج مخصصة بالكامل للحديث عن تأثير اللقاح وأعراضه الجانبية على فئة الحوامل.
وقالت:
لقد انتظرت الحمل لسنوات طويلة بعد الزواج ولست مستعدة اليوم بالمجازفة بسلامة ابني بأن أسمح بدخول مكونات لقاح حديث الصنع لجسدي ولجنيني .
وأضافت ألفة
مر أسبوع واحد على دخولي للشهر التاسع من الحمل وأشعر بضغط وخوف شديدين من اللقاح ومن التقاط العدوى ومع ذلك قررت إتمام ولادتي دون تطعيم .
تجازف هذه الفئة الهشة من النساء بحياتها، خاصة بعد الانتشار اللافت لمتحور دلتا في كل أنحاء العالم منذ شهور، وذلك في الوقت الذي توصي فيه الهيئات الصحية الدولية الحوامل والمرضعات بضرورة تلقي اللقاح وتؤكد جميعها على سلامة التلقيح عليهن وعلى الأجنة والرضع.
وتقول الدكتورة روشيل والينسكي، مديرة المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) عن ذلك :
يشجع المركز الحوامل أو النساء اللاتي يفكرن في الحمل واللاتي يرضعن أطفالهن على التطعيم لحماية أنفسهم من كوفيد 19.
وتؤكد أن اللقاحات آمنة وفعالة، ولم يكن الأمر أكثر إلحاحا من أي وقت مضى لزيادة نسبة التطعيم لأننا نواجه متغير دلتا شديد العدوى ونرى نتائج خطيرة من الكوفيد بين الحوامل غير الملقحات.
التطعيم يحمي الحامل وجنينها
باعتبار أن مناعة الحامل تضعف وتتراجع طوال فترة الحمل وحتى بعد الولادة، فهي معرضة لالتقاط العدوى وتفاقم حالتها.
ومثل باقي دول العالم ففي تونس أيضا سجلت إصابات كثيرة في صفوف الحوامل بالفيروس تسبب في وفاة عدد منهن لم يتسن تحديده من مصادر رسم، وهو ما تؤكده دلندة الشلي، رئيسة قسم النساء والتوليد بمستشفى وسيلة بورقيبة حينما صرحت قائلة “لقد سجلنا حالات وفاة لعدد من الحوامل والرضع جراء الإصابة بالكوفيد”.
وحتى لا تصل هذه الفئة الهشة إلى مرحلة الخطر، أكدت الشلي أن “اللقاح يحمي المرأة الحامل وجنينها أيضا”.
وكان مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها قد نشر بيانات جديدة عن نتائج التلقيح في وقت مبكر من الحمل. فبعد متابعة نحو 2500 امرأة تم تطعيمهن باللقاحات ذات الحمض النووي الريبي، مثل لقاحي فايزر وموديرنا، لم يجد الباحثون خطرا متزايدا لنسبة الإجهاض “المعتادة”.
يحدث الإجهاض عادةً في حوالي 11-16 بالمئة من حالات الحمل، ووجدت هذه الدراسة أن معدلات الإجهاض بعد تلقي لقاح الكوفيد كانت حوالي 13 بالمئة، وهو ما يندرج ضمن المعدل المتوقع للإجهاض لدى عامة السكان.
ويوضح الدكتور أمان الله المسعدي، عضو اللجنة العلمية لمجابهة كورونا لـ”كشف ميديا” قائلا:
بداية من الأسبوع السادس عشر للحمل يمكن للمرأة الحامل تلقي لقاح الكوفيد دون أي إشكال أو ضرر (على صحتها أو صحة جنينها).
وقالت الدكتورة الشلي:
يمكن للحامل الملقحة أن تتفادى الولادة المبكرة والإصابة بالأوجاع العضلية والحمى والإقامة في وحدة الإنعاش.
وهذا ما سارعت إيمان ذات السبعة والثلاثين سنة، إلى تطبيقه بعد نجاتها من تعكر صحتها جراء إصابتها بالعدوى من زوجها.
تقول إيمان لـ”كشف ميديا”:
مررتٌ بفترة صعبة، خلال الثلث الأول من حملي، بمجرد أن أعلمني زوجي بنتيجة اختباره الإيجابية”. وتابعت “أصبت بحالة هلع شديد لاعتقادي أن جنيني في خطر وقد أفقده في أي لحظة.
وتؤكد إيمان أن بعد تعافيها من الكوفيد بشهر واحد هرعت لأقرب مركز تلقيح دون أخذ موعد وتلقت لقاح فايزر حتى تتجنب أعراض الفيروس الشديدة، مع تقدم الحمل.
وذكرت إيمان بأنها شعرت بأوجاع عضلية وإرهاق شديد، خلال فترة مرضها، لكنها لم تصب بالحمى أو أي أعراض أخرى خطرة.
وفي الوقت الذي تقول فيه الدكتورة الشلي أن تطعيم الحامل يكون بداية من الشهر الرابع للحمل، يشير الدكتور البريطاني فرانك أثيرتون في تصريحه لقناة “بي بي سي” أنه “يمكن إعطاء لقاح كوفيد في أي وقت من الحمل”.
هل ينتقل اللقاح إلى الرضيع
تخشى لبنى التي تجاوزت عقدها الثالث أن تنتقل مكونات اللقاح لرضيعها عبر حليبها. وفي تردد شديد بشأن التطعيم قالت لبنى لكشف ميديا: “طفلي حديث الولادة ولم يتجاوز شهره الأول، لذلك لم أتخذ بعد قرارا بتلقي التلقيح”.
وأردفت :
أنا أرغب في حماية نفسي وصغيري لكني أخشى في ذات الوقت أن أتسبب له في أي خطب، فاللقاح لا يزال جديدا ولا يمكنني المخاطرة بصحة ابني.
ولبنى مثل سيدات كثيرات لا يجدن معلومات دقيقة حول سلامة اللقاح. وهي تعتبر أن التلفزيون الرسمي غير موفق فيما يعرضه من ومضات توعوية بشأن كل ما يتعلق بالحامل والمرضعة.
وتابعت :
يولي التلفزيون الأهمية الأكبر والحيز الزمني الأطول لذوي الأمراض المزمنة أو كبار السن. ولا تزال الومضات تركز على ضرورة اللقاح لتجنب العدوى في مقابل نقص فادح في الومضات التي تكشف بدقة عن سلامة اللقاحات لفئة الحوامل والمرضعات.
وأشارت إلى أن هذه الفئة بحاجة لتطمين ودعم بشكل مكثف ومتواتر.
يجيب تقرير نشرته Le parisien عن إمكانية انتقال اللقاحات ذات الحمض النووي الريبي إلى حليب الأم ومنه إلى رضيعها. ويؤكد طبيب الأطفال الفرنسي، باتريك تونيان، أن “لقاحات الحمض النووي الريبي تصنع أجسامًا مضادة في الأم، لكنها لن تنتقل إلى الحليب”.
وفي المقابل أثبتت دراسة تجريبية صغيرة أجريت على خمس أمهات، بعد تلقيهن جرعتين من لقاح فايزر، أن لبنهن احتوى على مستويات عالية من الأجسام المضادة مباشرة بعد الجرعة الأولى من لقاح فايزر، وفق موقع santelog.
وكشف المركز المرجعي (CRAT) في فرنسا والمتخصص في دراسة تأثير الأدوية واللقاحات على الرضع والحوامل، أن بيانات موجودة حول 4 آلاف امرأة مرضعة تم تلقيحهن بلقاحات ذات حمض نووي ريبي، مثل فايزر أو موديرنا، تظهر أنه “لم يتم تحديد أي تأثير معين على أطفالهن”.
ويؤكد العلماء على أن المرضعات يمكنهن أن يثقن في أن التطعيم لن يؤثر على إمدادات الحليب لديهن.
لذلك تشير الدكتورة الشلي إلى أن المرأة المرضعة بدورها تعيش مرحلة حساسة بعد الولادة لذلك عليها تلقي اللقاح المضاد للفيروس حتى تقي نفسها ورضيعها من الحالات الشديدة للمرض.
بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا