كشف بيئي


أزمة تكوم الفضلات المنزلية في صفاقس: كارثة بيئية وصحية في الأفق

21/10/06

منذ يوم الاثنين الموافق للسابع والعشرين من سبتمبر 2021 غرقت مدينة صفاقس في أكداس من القمامة المتأتية أساسا من الفضلات المنزلية بعد غلق المصب الوحيد المرخص له وهو مصب “القنة” من معتمدية عقارب لتتحول الشوارع على مدى أكثر من عشرة أيام إلى ” بوبالة ” كبيرة تنذر بمخاطر صحية خاصة في ظل أزمة الكوفيد و بسبب الكمية الهائلة التي ترمى يوميا في صفاقس والتي تقدر ب 300 طن يوميا.

غير بعيد عن مركز الولاية يقف منير 48 عاما،  أمام المدرسة الإعدادية علي البلهوان (18 جانفي) في انتظار ابنته المرسمة هناك . بدا على وجهه التأفف بسبب كدس من الفضلات المرمية على مقربة منه .الكدس يكبر و يتوسع شيئا فشيئا بعد أن عجزت إحدى صناديق القمامة التي وضعتها البلدية على احتواء الفضلات لترمى هنا وهناك .

يقول  منير ،   لكشف ميديا“: 

هل نحن تونسيون ؟ هل يدرك الجميع ما الذي يحدث في صفاقس منذ عشرة أيام ؟البلدية تخلت عن دورها في إيجاد حل لمصب « القنة » المغلق منذ 28 سبتمبر وبعد ان تجاهلت الدولة مشكلة الفضلات المنزلية في صفاقس التي قد تتحول الى كارثة بيئية وصحية”.

صورة كشف ميديا أكتوبر 2021

لم يختلف المشهد كثيرا خارج سور المدينة العتيقة بصفاقس أين أكداس الفضلات المنزلية غزت كل ركن و هناك من تجرأ على حرق بعض النفايات جنبا الى جنب مع هذا المعلم التاريخي .

تتحدث ريم لكشف بحرقة قائلة :

 صحتنا مهددة وحتى حياتنا. الخوف من الكوفيد و احترام البروتوكول الصحي يفرض على السلط المسؤولة أن تسهر على نظافة المدينة  لا أن تجازينا  بأكداس من الفضلات في شوارعنا. الكوفيد لم يغادرنا بعد ونحن لسنا في مأمن الى حد الان.

الوضع البيئي ينذر بالخطر في صفاقس خاصة في فترة الكوفيد إذ تبلغ كمية الفضلات المنزلية في كل بلديات مدينة صفاقس قرابة 600 طن يوميا منها 300 طن لبلدية صفاقس المدينة .

ويرى الكثير من المواطنين ان صفاقس تعيش بلا والي منذ الثالث من أوت 2021 بعد قرار إعفاء الوالي السابق من قبل رئيس الجمهورية وعدم تعيين وال جديد الى حدود هذه اللحظة . وهذا أمر جعل من المشكلة أكثر تعقيدا بسبب غياب سلطة جهوية لها قوة الاقتراح والتفعيل.

و يؤكد منير اللومي رئيس بلدية صفاقس لكشف ميديا ان الدائرة البلدية يتجمع فيها زهاء 300 طن يوميا من النفايات المنزلية وأن الحال إذا تواصل هكذا فسيجعل من مدينة صفاقس على  حافة كارثة حقيقية. 

 إن قرار الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات بغلق المصب المراقب “القنة” كان قرارا مفاجئا للجميع و أن البلدية ماضية في إيجاد حل مؤقت في انتظار انفراج هذه الازمة. يضيف اللومي.

صورة كشف ميديا أكتوبر 2021

ويشير محدثنا إلى أن الحل المطروح حاليا هو إحداث نقطة تجميع وقتية للفضلات بالمصب الموجود بطريق الميناء الى حين إيجاد حل نهائي للمشكلة الحالية.

و جاء في بيان الفرع الجهوي للجامعة الوطنية للبلديات التونسية بصفاقس الصادر يوم 2 اكتوبر 2021  أن وزارة الشؤون المحلية والبيئة والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات تتحملان مسؤولية تدهور الوضع البيئي في صفاقس لعدم التنسيق المسبق مع بلديات الجهة قبل تنفيذ قرار غلق المصب دون السعي الجدي لإيجاد بدائل حقيقية. كما أن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات لم تلتزم بتعهداتها بتعويض المصب المراقب القنة عقارب بوحدة معالجة وتثمين النفايات مطابقة للمواصفات البيئية خاصة وأن قرار الغلق قد تم اتخاذه منذ السنة الماضية وتم تحديد 31 ديسمبر 2021 تاريخ الغلق النهائي.

قصة مصب القنة بدأت بتحركات من أهالي معتمدية عقارب بسبب الوضع البيئي والمخلفات الصحية لهذا المصب على أهالي المنطقة لتصدر محكمة الناحية بمعتمدية عقارب التابعة لولاية صفاقس، يوم الخميس 11 جويلية 2019 إذن على عريضة يقضي بالتوقّف الفوري عن استعمال مصبّ ‘القنة’ لتجميع الفضلات نظرا للأخطار التي يمثّلها على صحة المواطنين وحقهم في التمتع ببيئة سليمة وذلك حسب الفصلين 213 و214 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية وما ينص عليه الفصل 45 من دستور 2014  بناء على شكاية تقدم بها اهالي معتمدية عقارب في حملة أسموها آنذاك ” مانيش مصب”..

و تم الاتفاق خلال جلسة عمل انعقدت في 29 أوت 2020 بمقر ولاية صفاقس بإشراف والي الجهة انيس الوسلاتي وحضور ممثلين عن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وخبراء وعدد من ممثلي المجتمع المدني بعقارب والمواطنين المعتصمين منذ أسبوع على مستوى الطريق الوطنية عدد 14 للمطالبة بالغلق الفوري للمصب المراقب في عقارب، على استئناف نشاط المصب والسماح لمرور الشاحنات التابعة للبلديات والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات من أجل مواصلة استغلاله بصفة طبيعية وذلك على اثر التعهد بغلق المصب المراقب في “القنة” نهائيا في تاريخ لا يتجاوز موفى سنة 2021.

ويرى المختصون أنه حان الوقت لإنجاز وكالة جهوية بين البلديات للتصرف في النفايات والتفكير في مسألة معالجة النفايات و رسكلتها مع احترام المعايير البيئية والصحية خاصة بعد تجربة الكورونا وقيمة الرهان على البعد البيئي والصحي .

جاء في الفصل 45 من دستور 2014 ” تضمن الدولة الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ. وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي” .غير أن حجم النفايات التي غزت شوارع مدينة صفاقس على مدى 10 أيام بسبب  غياب استراتيجية واضحة تحترم حق المواطن في بيئة سليمة وبسبب سياسات ترقيعية لم تفكر في حلول طويلة الأمد تجعل من المشهد أكثر قتامة، مع تواصل غلق مصب القنة بعقارب من جهة وهاجس الكوفيد من جهة ثانية .


إشراف عام خولة بوكريم

بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا