كشف معلومة


خروقات “الايزي” في الهيكل التنظيمي والأرشيف: 78 عملية إتلاف وثائق ومنح دون استحقاق قيمتها 39,660 أ.د

21/10/07

تحصلت “كشف ميديا” على نسخة حصريّة غير منشورة من التقرير التأليفي لمحكمة المحاسبات حول الرقابة على التصرف الإداري والمالي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات للفترة الممتدة من 2016 إلى سنة 2018. ومن خلاله أنتجنا هذا المقال ضمن سلسلة من المقالات ننشرها تباعا، أين رصدنا أبرز الاخلالات والخروقات التي ارتكبتها الهيئة ونصت عليها محكمة المحاسبات في الجزئين المتعلقين بالتصرف في الهيكل التنظيمي والأرشيف.

هيكل تنظيمي غير مطابق للهيكل المصادق عليه ومنح غير مستحقة

حيث كشفت أعمال الرقابة المنجزة ضمن الهيكل التنظيمي وأدوات التصرف عن عدة اخلالات حيث أكد التقرير التأليفي لمحكمة المحاسبات الصادر في مارس 2021، والذي تحصلت كشف ميديا عن نسخة حصرية منه، أن الهيئة تعتمد هيكلا تنظيميا فعليا على المستوى المركزي غير مطابق للهيكل التنظيمي المصادق عليه. إذ تم خلال سنتي 2016 و2017 بمقتضى قرارات للمجلس إحداث وحدات مراقبة تمويل الحملة ومراقبة وسائل الاعلام الالكترونية والمكتوبة وخلق خطط وظيفية متعلقة بها غير منصوص عليها بالهيكل التنظيمي و ظلت شاغرة إلى موفى  سنة 2019.

كما لم تتمكن الهيئة من تدعيم مواردها بهذا الخصوص حيث اضطرت بتاريخ 16 جانفي 2018 أي إثر انقضاء حوالي 6 أشهر من تاريخ فرز العروض إلى إلغاء مناظرة انتداب إطارات قارة تم الإعلان عنها خلال شهر جويلية 2017 لكونها شملت 5 خطط غير منصوص عليها بهيكلها التنظيمي المصادق  عليه.

هذا وقد تولت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الترفيع في ترتيب إحدى وحداتها ( العلاقات العامة والتوعية والإعلام) و تحويلها لوحدة مركزية والترفيع في ترتيب الوحدات الفرعية التابعة لها إلى مستوى وحدات فضلا عن إحداث وحدتين فرعيتين جديدتين وأربع خلايا جديدة بنفس الوحدة  وترتبت عن هذه الوضعية صرف منح دون موجب قدرها 39,660 أ.د.

كما تمّ تكليف أحد الأعوان بمهام رئيس خلية الاعتماد و تمتيعه بمنحة جملية بلغت 25,730 أ.د  وكذلك الشأن بالنسبة إلى عون ثان تم تكليفه بواسطة خلية مركز النداء وتمكينه من المنحة الوظيفية لرئيس وحدة بقيمة مالية بلغت 13,930 أ.د.

كما تعددت الشغورات في مستوى الخطط الوظيفية بالهيكل التنظيمي للهيئة خلال الفترة 2016-2019 وتعلق الأمر بما عدده 104 خطط شاغرة في موفى سنة 2019 من مجموع 151 خطة وظيفية منصوص عليها بقرار الهيئة عدد 6 لسنة 2017

وفي هذا الإطار، تبين تسيير الإدارة الفرعية للانتخابات بسليانة منذ 8 ماي 2017 من قبل متصرف مكلف بالكتابة والضبط بنفس الإدارة و كذلك جمع منسق الإدارة الفرعية للانتخابات بتوزر منذ 15 فيفري 2019 بين مهام تسيير الإدارة الفرعية للانتخابات بقفصة ومهامه بالإدارة الفرعية بتوزر.

و في سياق آخر كشف التقرير التأليفي أن الشغور المسجل في خطة رئيس وحدة المحاسبة والمالية جعل رئيس الوحدة الفرعية للمحاسبة يجمع بين صلاحيات كل من المتصرف في تطبيقة المحاسبة والمستخدم حيث يتولى إدراج المعطيات وتغييرها دون رقابة.

ويكشف نفس التقرير بأن الهيئة أحدثت وحدة تدقيق ورقابة  إلا أنها لم توفر لها الموارد البشرية الكافية فضلا عن تكليفها أحيانا بمهام تصرف، وحالت هذه الوضعية دون إنجاز الوحدة للأعمال الموكولة إليها خلال الفترة  2016- 2018 على أحسن وجه وعدم إحكام التصرف في الخزينة المركزية للهيئة وخزائن الإدارات الفرعية، كما لم يمكن عدم إعداد الوحدة تقارير سنوية خلال الفترة 2016-2019

وعلى صعيد آخر يتطلب إحكام التصرف في الموارد اعتماد وسائل تنظیم ملائمة تحدد إجراءات وقواعد خاصة بكل نشاط . وفي هذا الإطار ولئن تولت الهيئة منذ شهر فيفري 2018 الانتهاء من إعداد دليل إجراءات التصرف الإداري والمالي ودليل محاسبي بكلفة جملية ناهزت 33 أ.د ألا انها لم تصادق عليهما في ما بعد.  

78 عملية إتلاف وثائق دون حضور ممثل عن الأرشيف الوطني

أفضى فحص أرشيف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى الوقوف على بعض النقائص تعلقت أساسا بفهرس الوثائق وبإجراءات إتلاف الوثائق رغم ما يكتسيه أرشيف الهيئة من أهمية بالغة لارتباطه بمعطيات شخصية وسرية يتوجب حمايتها.  

وفي هذا الإطار، ورغم تركيز الهيئة لوحدة الأرشيف والتوثيق منذ سنة 2014 فإنها تفتقر إلى موفى سنة 2019 لفهرس للوثائق كعنصر أساسي لإعداد الأدوات الأرشيفية.

كما لم تتول الهيئة إعداد جدول مدد استبقاء وثائقها الخصوصية رغم انقضاء الأجل الأقصى المحدد للغرض من قبل الهيئة ضمن مخططها الاستراتيجي للفترة 2016-2019 والذي ضبط أجل موفى سنة 2018 لتطوير منظومة الأرشيف.

 كما اقتصرت الهيئة في المقابل على العمل بجدول مدد استبقاء الوثائق المشتركة بين الوزارات والمؤسسات العمومية والذي لا يغطي سوى جزء من  الوثائق المنتجة والمستعملة من قبل الهيئة مما أدى إلى إنجاز عمليات تحويل وثائق من مكاتب العمل إلى وحدة الأرشيف بصفة عشوائية وهو ما ترتب عنه ورود مطالب استرجاع وثائق على وحدة الأرشيف من قبل مختلف وحدات الهيئة.

وتبرر هيئة الانتخابات ما رصدته محكمة المحاسبات من إخلالات في التصرف بالأرشيف بحجة ضيق مكاتب العمل ما استدعى نقل بعض الوثائق من الأرشيف إلى مخزن الأرشيف دون أن تطبق عليها إجراءات الأرشيف الانتقالي

ينص الفصل 8 من الأمر عدد 1981 لسنة 1988 على أن “تجرى عملية إتلاف كل أنواع الأرشيف مهما كان متنها تحت المراقبة الفنية لمؤسسة الأرشيف الوطني”، في حين تم القيام بما عدده 78 عملية إتلاف من مجموع 86  دون حضور ممثل عن مؤسسة الأرشيف الوطني. كما أدى التصرف على هذا الوجه إلى إتلاف وثائق غير مضمنة بجداول الإحالة المصادق عليها من الأرشيف الوطني على غرار إتلاف مذكرات عمل ومراسلات صادرة عن إدارتين فرعيتين رغم عدم التنصيص عليها ضمن الجدول البياني في الوثائق المعدة للإتلاف.

وبالإضافة إلى ذلك وخلافا لقرار مجلس الهيئة  بخصوص إتلاف المواد الانتخابية غير الصالحة للاستعمال والراجعة لسنتي 2011 و2014 أن تتم عملية الجرد والإتلاف بحضور عدل منفذ، اقتصرت معاينات العدول على جرد رفع المواد الانتخابية المعدة للإتلاف من قبل أعوان الشركة المتعاقد معها للقيام بعملية الإتلاف دون معاينة الإنجاز الفعلي لهذه  العملية بمقر الشركة المعنية.

وقد أوصت محكمة المحاسبات بالحرص على احترام تسلسل كافة الإجراءات القانونية المعتمدة لإتلاف الأرشيف خاصة أن الإخلال المذكور من شأنه أن يخفي حالات إتلاف وثائق لم تتم المصادقة عليها من قبل الأرشيف الوطني.


مراجعة: أيمن بن محمد

تدقيق وتحرير: خولة بوكريم