21/10/16
صحفية متخصصة في الصحافة العلمية
مع تغير الطقس واضطراب الأحوال الجوية، تزيد حالات العدوى بالأنفلونزا الموسمية التي يتغافل الكثيرون على التطعيم ضدها.
ومع انتشار الوباء الجديد، صار كل التركيز منصبا على التلقيح ضد الكوفيد 19، والحال أن المرضين مختلفين وكلاهما يستوجبان اللقاح والوقاية.
تشابه الأعراض عند الإصابة بالكوفيد أو الانفلونزا الموسمية صعب عملية التمييز بينهما حتى صار البعض يجزم باستبدال الانفلونزا بالفيروس الجديد.
ورغم تقدم عملية التطعيم ضد الوباء في تونس وفي كل أنحاء العالم، يحذر العلماء من التغاضي عن العدوى بالأنفلونزا، خاصة بالنسبة لكبار السن والأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة، ويؤكدون أن لقاح الكوفيد لا يمنع الإصابة بحالات العدوى الأخرى.
كانت نصاف بن علية، مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة، قد صرحت في وقت سابق بأن فترات النزلة الموسمية المتزامنة مع موسمي الخريف والشتاء تعد من أصعب الفترات في التعامل مع فيروس الكوفيد 19.
كما شددت بن علية على ضرورة حماية كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، باعتبارهم الفئات الأكثر عرضة لعدوى الكوفيد، عبر التطعيم ضد الانفلونزا.
كما تحدثت الكثير من الدراسات عن إمكانية الإصابة بالمرضين في الآن نفسه مما قد يعقد الأمر لأصحاب المناعة الضعيفة.
ما المقصود بمصطلح “العدوى المشتركة”
يطلق الأطباء تسمية “العدوى المشتركة” أو “عدوى فائقة” على الإصابة بنوعين أو أكثر من الأمراض، في نفس الوقت.
فقد وجدت دراسة أجريت عام 2011 ونشرت في المجلة الطبية البريطانية Journal of Infection أن 13 بالمئة من مرضى الإنفلونزا مصابون أيضًا بفيروس آخر يتكاثر في الشعب الهوائية. وليس من الواضح ما إذا كانت هذه العدوى المصاحبة تؤدي إلى تفاقم حالة المرضى.
كما كشف تقرير نشرته مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، إصابة 116 شخصا من بين أكثر من 1200 متطوع بالكوفيد في شمال كاليفورنيا. وثبتت إصابة 21 بالمئة منهم بفيروسات الجهاز التنفسي الأخرى مثل فيروسات الأنف.
يؤكد الطبيب الأمريكي، أدريان بوروز لسي ان ان: “يمكنك بالتأكيد أن تصاب بالأنفلونزا وفيروس الكوفيد في نفس الوقت، مما قد يكون كارثيًا على جهاز المناعة لديك”.
يقول بلال العياري ذو الثلاثين سنة لكشف ميديا:
شعرت بإنهاك شديد مع نهاية شهر سبتمبر، وأحسست بآلام حادة في الحلق وسيلان الأنف.. وبعد ارتفاع حرارتي، قررت فورا إجراء اختبار الكوفيد.
يؤكد بلال أن نتيجة الاختبار كانت سلبية رغم معاناته من أعراض حادة طوال أسبوع.
وخلال اليومين الماضيين وإثر تماثله للشفاء، تفاجأ بإصابته بالكوفيد، بعد إجراء اختبارات عشوائية في مقر عمله.
تفسر عالمة الأوبئة البريطانية سيما ياسمين ذلك بأن الإصابة بأحد المرضين (الكوفيد أو الانفلونزا الموسمية) قد تجعل المصاب أكثر عرضة للإصابة بالآخر.
وصرحت ياسمين لسي ان ان:
بمجرد إصابتك بالإنفلونزا وبعض فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، فإنها تضعف جسمك.
وتابعت “تنخفض دفاعاتك وهذا يجعلك عرضة للإصابة بعدوى ثانية علاوة على ذلك.”
يشير المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن كلاً من الكوفيد والإنفلونزا بمفردهما يمكنهما مهاجمة الرئتين، مما قد يسبب التهابًا رئويًا أو سوائل في الرئتين أو فشلًا في الجهاز التنفسي.
ويمكن أن يتسبب كل منهما أيضًا في تعفن الدم وإصابة القلب والتهاب القلب أو الدماغ أو أنسجة العضلات.
ويحذر الدكتور مايكل ماثي، أستاذ الطب وأخصائي الرعاية الحرجة في جامعة كاليفورنيا، من أن الإصابة بالمرضين في وقت واحد من شأنه أن يزيد من مخاطر الآثار طويلة المدى لأي من تلك الأجهزة.
ليس هناك الكثير من البيانات حتى الآن عن الأشخاص الذين أصيبوا بالمرضين في نفس الوقت في الولايات المتحدة، لكن الدكتور ماثي يشك في أن احتمال الإصابة بالالتهاب الرئوي سيكون أكبر إذا أصيب الجسم بالإنفلونزا وفيروس كوفيد معا.
وتجدر الإشارة هنا أن فشل الجهاز التنفسي لا يعني بالضرورة توقف الرئتين عن العمل وإنما يعني أنهما لا تستطيعان الحصول على ما يكفي من الأكسجين في الدم.
ينبه المعهد الأمريكي للقلب والرئة والدم من أن الفشل التنفسي الحاد يمكن أن يكون حالة طارئة تهدد الحياة وقد يتسبب فشل الجهاز التنفسي في تلف الرئتين والأعضاء الأخرى، لذلك من المهم أن يتم علاج المصاب بسرعة.
من الصعب التمييز بين أعراض الكوفيد والانفونزا
رغم تلقيها للقاح موديرنا، لا تستطيع الطالبة نادية بن بريك ذات الـ22 سنة من تحديد ما إذا كانت تعاني من الانفلونزا أو الكوفيد.
تقول نادية لكشف ميديا:
تعودت على التقاط عدوى الانفلونزا كل سنة لمرات عديدة وأدرك جيدا أن التطعيم ضد الكوفيد لا يمنع الإصابة به.
وأردفت
هذا يعني أنني لست في مأمن من الإصابة بهما مرة أخرى مثل ما حدث معي في شهر فيفري الماضي. ومعرفتي بنتيجة الاختبار الإيجابية وقتها لم تضف لي الكثير طالما لا وجود لأدوية للوباء حتى اليوم، فقد اكتفيت بالعزلة داخل غرفتي وتناول بعض المضادات الحيوية للتغلب على أعراض الانفلونزا.
ومن حسن حظها، لم تتعكر حالة نادية آنذاك وتعاملت مع الأعراض مثل ما تعودت عليه في كل موسم شتاء.
لكن بالنسبة للفئة الأكبر سنا فإن الأمر قد يصبح أكثر تعقيدا. لذلك تشدد الدكتورة أحلام قزارة عضو لجنة التلاقيح، على ضرورة استكمال المسنين تلاقيحهم ضد فيروس كورونا، مؤكدة أن هذه الفئة هي فئة هشة وهي الأكثر عُرضة للخطورة.
ودعت قزارة في تصريح للقناة الوطنية الأولى، المسنين إلى الإقبال على تلقيح النزلة الموسمية حال توفره في تونس، مشيرة إلى أملها في أن يتم تطعيم 80 بالمائة من المسنين. وأوضحت أن الفترة الزمنية المستوجبة بين لقاح كوفيد 19 ولقاح ‘القريب’ لا يجب أن تقل عن 15 يوما.
كيف يمكنني معرفة ما إذا كنت مصابًا بـ Covid-19 أو الأنفلونزا (أو كليهما)؟
قال عالم الأوبئة الأمريكي، ليونارد ميرميل “أعراض الإنفلونزا والكوفيد متشابهة إلى حد كبير، لذلك من الصعب التمييز بين الاثنين”.
ويفسر مركز السيطرة على الأمراض أن كل من الأنفلونزا وفيروس الكوفيد يمكن أن يسببا الحمى والسعال وضيق التنفس والتعب والتهاب الحلق وآلام الجسم وسيلان أو انسداد الأنف.
ولكن على عكس الأنفلونزا، يمكن أن يتسبب الكوفيد في فقدان حاسة التذوق أو الشم.
وحوالي نصف حالات انتقال فيروس كورونا تحدث بين أشخاص لا تظهر عليهم أي أعراض.
لذا يرى الأخصائيون ان أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كان الشخص مصابًا بفيروس كوفيد 19 أو الأنفلونزا (أو كليهما) هي الخضوع للاختبار.
وكان مركز السيطرة على الأمراض قد أنشأ اختبارًا للتحقق من وجود كلا الفيروسين، لاستخدامه في مختبرات الصحة العامة في الولايات المتحدة.
لقاح الكوفيد لا يغني عن لقاح الانفلونزا الموسمية
تشير أخصائية المناعة الدكتورة سوزان بيلي، رئيسة الجمعية الطبية الأمريكية إلى أنه “نظرا لأن المستشفيات وعيادات الأطباء ستكون مشغولة للغاية في رعاية مرضى الكوفيد، فإن لقاح الإنفلونزا يمكن أن يساعد في تقليل الأعباء على نظام الرعاية الصحية”.
ويؤكد البروفيسور جان ميشيل دوني، مدير قسم الصيدلة في أونامور في بلجيكا، وجود دراسات مطمئنة بالفعل حول تلقي لقاحي الكوفيد والانفلونزا في نفس الوقت: “إن إعطاء اللقاحين في وقت واحد ممكن”، وفق موقع rtbf البلجيكي.
وأضاف أن التوصية ليست بإجرائهما في نفس الوقت وإنما الحرص على التطعيم بهما في الوقت المناسب، مضيفا إنه من الأفضل الحصول على لقاح في كل ذراع.
بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا