كشف صحي


كوفيد 19 زاد من معاناة مرضى القصور الكلوي في القصرين

21/10/24

مازالت جائحة كورونا تثير كثير الأطباء، وذلك لغموض هذا الوباء المستجد وسرعة العدوى وطرق التوقي منه ، لكن الثابت والآراء من الجدل لدى الباحثين والاكيد انه قد اثّر على المجتمع برمته وخلف عديد الانعكاسات والآثار السلبية على بعض الفئات مثل ذوي الاعاقة وأصحاب الأمراض المزمنة و مرضى القصور الكلوي ، حيث أثبتت عديد التقارير الطبية أن المصابين بأمراض مزمنة هم أكثر فئة معرضة لخطر كوفيد 19، في حين عانت شريحة واسعة من هؤلاء بسبب تداعيات كوفيد19 على الخدمات الصحية بشكل عام، وصعبت ولوجهم إلى العلاج.                                             

و القُصُور الكُلْوِي يُسمَّى أيضًا بالفشل الكلويّ والمرحلة الأخيرة من مرض الكلى، وهو مصطلح في الطب يطلق على حالات فشل الكلى في تصفية الفضلات الأيضيّة بشكل مناسب من الدم.

وديع الخضراوي شاب في عقده الرابع من العمر، وأب لأسرة تتكون من 4 أفراد وعاطل عن العمل، التقيناه بالقرب من أحد مراكز تصفية الدم الخاصة ، فحدثنا عن معاناته مع هذا المرض الذي أصيب به منذ سنة 2010 و رحلة المتاعب اليومية التي تصادفه.                                                                                             .

يقول وديع:

أصبت بهذا المرض منذ 10 سنوات وبعدها انقلبت حياتي رأسا على عقب وأصبحت عاجزا عن توفير لقمة العيش لأبنائي بعد أن تعكّرت صحتي ، فتركت كل شيء وتركز كل اهتمامي  على مواعيدي الطبية،  ومن هنا انطلقت رحلة البحث عن الأدوية والتنقل إلى مراكز تصفية الدم التي كانت تعجّ بالمرضى ، وكانت خدماتها متواضعة جدا أمام تزايد الإصابات بهذا المرض اللعين.

وديع حضراوي، مريض بالفشل الكلوي وكاتب عام جمعية أمل للقصور الكلوي بالقصرين

يؤكد وديع أن جائحة كورونا زادت من تردي الخدمات الصحية التي يتلقاها، حيث أصبح خائفا من تلقّي العدوى وبات هاجس الموت يطارده، نظرا لانتشار وباء كوفيد 19 وارتفاع عدد المصابين وحالات الوفاة في أرجاء المدينة في ظل غياب الحماية والوقاية.

                     .                                                                                                                  

ويضيف الخضراوي الذي ينشط في المجتمع المدني ككاتب عام في جمعية أمل للقصور الكلوي بالقصرين:

في الحقيقة أثرت الكورونا على الجميع دون استثناء، ولكن بصفة خاصة كان وقعها أكثر على المرضى الذين يخضعون إلى علاج تصفية الدم، باعتبار أنهم يعيشون في ضغط مسلّط عليهم أكثر من الأشخاص الأصحاء، حيث كانوا يعيشون في إطار ضيق وفي شبه عزلة حماية لانفسهم وعائلاتهم ، وبالرغم من كل الاحتياطات والإجراءات المتخذة والمحافظة على البروتوكول الصحي واجتهادات المرضى ،فإن المؤسسات التي يتلقون فيها العلاج لم تكن في المستوى المأمول.   

من أهم المشاكل التي حدثنا عنها الخضراوي أثناء رحلة العلاج زمن الكورونا  هي طريقة نقل المرضى التي كانت لا تستجيب للشروط الأساسية  لقواعد الحماية، مضيفا أنه يتم نقله من مناطق مختلفة في وسيلة نقل جماعية  وبعدد لا يحترم البروتوكول الصحي في ظل تفشّي العدوى، دون اتخاذ أي إجراءات لحماية المرضى،  وهو ما ساهم لاحقا في انتقال العدوى الى صفوف مرضى القصور الكلوي، حيث بلغ عدد الإصابات  35 حالة  بكوفيد 19 ، توفيّ منهم 7 أشخاص.

عانى مرضى تصفية الدم  خلال فترة الكورونا من مشاكل عديدة  لا تقل اهمية عن بقية المشاكل الأخرى، ويبقى أخطرها  مشكل  النقص الفادح في الأدوية وغيابها أحيانا في عدد من الصيدليات في داخل الجمهورية، مما عمّق ازمة هذه الفئة وأصبحت حياتهم عرضة للخطر في ظل مناخ صحّي اتسم بتفشي إنتشار وباء الكورونا ولا مبالاة المسؤولين.

و يضيف الخضراوي والذي يقوم بدوره بعملية تصفية الدم  ويباشر علاجه منذ 10 سنوات بمركز خاص للقصور الكلوي ، أن فئة من مرضى تصفية الدم تتوجّه إلى المراكز الخاصة للعلاج، و تتمتّع بالتغطية الاجتماعية ، حيث يتكفّل الصندوق الوطني للتأمين على المرض بتأمين مصاريف عمليات تصفية الدم وتوفير وسيلة نقل الى مركز العلاج ، في حين أن الفئة التي لا تملك تغطية اجتماعية او بطاقات علاج تتوجّه الى المستشفيات الجهوية للعلاج بمواردها الخاصة من خلال توفير وسائل النقل ودفع معلوم عملية تصفية الدم .

  ولم يخف الخضراوي عديد المشاكل التي تواجه مرضى القصور الكلوي في القصرين  ، والتي تبقى من أهمها مشكلة الادوية الخصوصية ، حيث يقتني المرضى الادوية على نفقتهم الخاصة ، بالاضافة الى فاغلب الادوية غير متوفرة في الصيدليات في ولاية القصرين ، حيث ييضطرّ المرضى الى التوجه الى المدن الكبرى للبحث عنها .

ويضيف لقد اضطررنا الى اعارة بعضنا البعض الادوية في عديد المرات لإنقاذ حياة اصدقائنا وزملائنا ، وحتى الذين يقومون بعملية زرع الكلى بعد عملية باهظة الثمن تصل إلى أكثر من 100 ألف دينارا  ، ويعود لهم الأمل في حياة جديدة ، سرعان ما يجدون أنفسهم على أبواب مراكز تصفية الدم من جديد في ظل غياب الأدوية .

يضطر أغلب المرضى بالقصور الكلوي في جهة القصرين والبالغ عددهم حوالي 350 مريضا، إلى التنقل خارج الولاية لاقتناء الأدوية ، بإعتبارهم في حاجة ملحّة لاستعمالها نظرا لأنهم مصابون بمرض مزمن يقتضي توفّر نوعية معينة من الأدوية لمواصلة حياتهم.

باستياء شديد ونبرة حزينة يقول وديع:

في القصرين هناك حالات لمرضى القصور الكلوي  مأساوية جدا ، نحن نعيش حتى نتنفس فقط.

محمّلا المسؤولية الكاملة إلى السلط الصحية والاجتماعية الجهوية  التي لم تسع الى توفير الأدوية ، رغم النداءات المتكررة والمراسلات العديدة.

من بين مخلفات جائحة كورونا على مرضى القصور الكلوي لم تكن فقط الآثار النفسية والصحية،  بل كانت أيضا مخلفات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي ، حيث فقد بعض المرضى موارد رزقهم الوحيدة ، على غرار محدثنا الذي كان يملك كشكا  متواضعا، تراجعت عملية الإقبال عليه  أثناء فترة الحجر الصحّي،  بعد مكوثه في المنزل في عزلة تامة هروبا من إمكانية تلقي العدوى،  اثّر سلبا على دخله اليومي وقوت عائلته  الى ان افلس  نهائيا  وأصبح عاطلا عن العمل .                                                                    

 وديع خضراوي، توجه بنداء عبر “كشف ميديا ” الى السلط المعنية بالتعجيل بعمليات زرع الكلى ، بإعتبار أن هذه العمليات كانت من بين الخدمات التي تعطّلت  بسبب جائحة كورونا و تم تأجيلها، و طالب الهياكل المعنية ووزارة الصحة والمستشفيات الجامعية بفتح ملف زراعة الأعضاء والعودة الى إجراء عمليات الزرع ، خاصة وان عددا من المرضى تحصّلوا على الموافقة من عدد المتبرعين وملفاتهم جاهزة لا سيّما وان الحالة الوبائية لجائحة كورونا تشهد انفراجا تمثّل في تراجع واضح لعدد الإصابات والوفيات.


إشراف عام خولة بوكريم

بالشراكة مع منظمة « صحافيون من أجل حقوق الإنسان » الشؤون الدولية/كندا