21/12/22
يشهد الميناء التجاري بصفاقس منذ قرابة الشهر، عجزا في عملية إفراغ شحنات من
الحبوب. حيث لا تزال 4 بواخر أجنبية محملة بقرابة 80 ألف طنا من القمح و الشعير و الدقيق، راسية في عرض البحر تحديدا بالمنطقة المكشوفة بجانب جزيرة قرقنة تنتظر افراغ حمولتها.
فقد استقبلت المنطقة المكشوفة يوم 23 نوفمبر 2021 أول السفن محملة بحوالي 27 ألف طنا من الشعير، و سفينة ثانية يوم 25 نوفمبر 2021 محملة بحوالي 26 ألف طنا من القمح الصلب، و سفينة ثالثة قادمة من أوكرانيا يوم 16 ديسمبر محملة بحوالي 18 ألف طنا من مادة الدقيق(الفرينة) و سفينة رابعة صغيرة قادمة من روسيا على متنها قرابة 8 آلاف طنا من مادة القمح الصلب، و هي الى الان تنتظر تسليم حمولاتها.
سفن راسية في الانتظار و الدولة عاجزة على الخلاص
غير بعيد عن الميناء التجاري بصفاقس ترسوا سفن في عرض البحر لتنتظر دورها في تفريغ حمولتها، أمام تواصل عجز الدولة خلاص مستحقات المزودين الأجانب الذين رفضوا تسليم البضائع دون اخذ مستحقاتهم. هذه البواخر المحملة بالحبوب راسية بالمنطقة المكشوفة قبالة الميناء التجاري بصفاقس، دون أن تتمكن من افراغ حمولتها إلى حد الآن بسبب عدم قدرة ديوان الحبوب على خلاص مستحقات الموردين.
خايفين على الشقف لا يغرق بينا الكل.
هكذا عبَّر عادل مرزوق كاتب عام نقابة ديوان الحبوب بصفاقس، عن تخوفه لـكشف ميديا بسبب ما يعيشه ديوان الحبوب من عجز مالي منذ سنوات. وأضاف مرزق أن هذا التأخير سيكلف الدولة خطايا مالية تتراوح بين 10 آلاف الى 20 ألف أورو في اليوم الواحد، وهو ما سيتسبب في تكبد الديوان خسائر مالية كبيرة.
كما أن كل الخوف من اندثار المؤسسة على حد تعبيره بسبب كثرة دفع الخطايا المالية المتعهدة على ذمتها، و ان الدولة دفعت مبلغا مشطا لإفراغ حمولة سفينة محملة بالقمح يوم الجمعة الماضية. داعيا المسؤولين إلى تحمل مسؤوليتهم لإنقاذ الشركة.
هذا و فنَد مرزوق ما جاء في بلاغ ديوان الحبوب الصادر يوم 9 ديسمبر
” أنه سيتم بداية من نفس التاريخ، الشروع في عملية تفريغ شحنات الحبوب بعد استكمال إجراءات خلاص 6 بواخر وصلت إلى الموانئ التونسية”. وذلك خلافا لما تم تداوله بخصوص انتظار بواخر محملة بمادة القمح بميناء صفاقس بسبب عدم دفع ثمنها.
الديوان لم يقم بحل المشكل بعد، حيث أن السفن التي قها البلاغ لا تهم جهة صفاقس فقط، بل تشمل قابس، رادس، بنزرت و جرجيس. في حين لا تزال اربعة باخرات أخرى في لائحة الانتظار للدخول و إفراغ بضاعتها.
مرزوق استنكر اتهامه بالمغالطة، حيث أكد ديوان الحبوب في ذات البلاغ “أن ما صدر من معطيات هو من قبيل المغالطات، ومن شأنه إرباك المؤسسة والتأثير على الأمن الغذائي الذي يشكل عنصرا من عناصر الامن القومي، و أن المعطيات المصرّح بها وغير المسؤولة سوف تساهم في التأثير على العمليات التجارية لديوان الحبوب، بإعتبار إمكانية استغلالها من قبل المزودين للترفيع في أسعار الحبوب الموردة، وفرض شروط مجحفة بمناسبة المشاركة في المناقصات، وهو ما يتسبّب في تكبد الديوان وبالتالي ميزانية الدولة لنفقات إضافية من العملة الصعبة.
على ديوان الحبوب اثبات صحة ادعائه في خلاص المراكب الأربعة، هذه الإشكاليات لم تكن تعرفها تونس قبل سنة 2011 حيث كانت التزاماتها مضبوطة، و أن هذه المشاكل بدأت تظهر من 2011، حيث أخلت تونس بمواعيد تسديد قيمة الحمولات الموردة عديد المرات، وهو ما أثقل ميزانية الديوان.
يؤكد مرزوق أنه الى حد كتابة هذا المقال لم يتم أ خذ عينات البضائع لتحليلها و التي تستغرق 3 أيام كحد ادنى لإصدار نتائجها، لتتكبد الدولة خلال تلك الأيام خسائر مالية مؤكدا تخوفه من أن يغرق المركب بالجميع اذا لم يتم إنقاذ ما يجب انقاذه.
من جهة اخرى و تعليقا على ظاهرة انتظار البواخر بالموانئ التونسية، أكد الديوان في بلاغ إعلامي في العاشر من ديسمبر أن “هذا التأخير ناتج عن ارتفاع وتيرة التوريد، باعتبار ارتفاع حجم الاستهلاك والتأخر في فتح الاعتمادات المسندة.
مشيرا الى أن الإشكاليات على مستوى خلاص الواردات من الحبوب لا تخص الجانب التونسي فقط، بل شملت كذلك عديد البلدان العربية الموردة، تزامنا مع تفشي جائحة كورونا” في وقت نبه فيه عدد من السياسيين و الخبراء الاقتصاديين، على خطورة التأخير في سداد معاليم المواد المستورد.
فساد وسوء تصرف في ديوان الحبوب
أزمة ميناء صفاقس ضيقت الح خانقة تعيشها تونس، في كل مرة تخل بها بالتزاماتها المالية، و مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة تدفعها البلاد كخطية في كل يوم يتأخر فيها الديوان استلام المواد المردة، نبه لها النائب عن حركة قلب تونس بمجلس النواب المجمدة اشغاله عياض اللومي، الذي أكد في تصريح خاص بموقع كشف ميديا، ان تونس تعيش ازمة مالية عمومية خانقة، بسبب تراكم عجز ميزانية الدعم وتفاقم ديون الديوان الوطني للحبوب.
الديوان مطالب بدفع بما يقارب 3 مليار دينار للبنك الوطني الفلاحي، بسبب عدم ايفاء الدولة بالتزاماتها، و التخفيض صوريا في نسبة العجز، والنتيجة هي دفع غرامات تأخير مكلفة جدا، و ستزيد من تفاقم الأزمة، بالإضافة إلى تقهقر سمعة تونس لدى المزودين، واحتمال ندرة الحصول على التمرير إذا تكررت أمثال هذا التأخير في الدفع.
اللومي يرى أن الحل هو في الحوار والوحدة الوطنية على حد تعبيره، وتجنب خطابات العنف والتخوين والرجوع الى دولة القانون. مؤكدا أنه سيتم التطرق الى هذا الموضوع من خلال ورشة خاصة به في اللقاء الوطني للإنقاذ
مشاكل كبيرة يعيشها ديوان الحبوب، في ظل خسائر مالية كبيرة نتيجة كثرة دفع مخالفات التأخير، و التي يتم خلاصها بالعملة الصعبة، وهو ما ساهم في اثقال كاهل خزينة الدولة.
كما أن أزمة ديوان الحبوب، لا تقتصر فقط على التاخر في دفع مستحقات الأطراف الموردة و لا في دفع خطايا التاخير، بل تتمثل الأزمة ايضا في سوء التصرف وشبهات الفساد الذي يعيشه الديوان حسب عادل مرزوق، حيث يقوم ديوان الخدمات بصفاقس بتخزين كمية الحبوب بعديد المخازن، منهم مخزن واحد فقط على ملك الدولة في بودريار، في حين تتعمد كراء مخازن اخرى بكل من الشفار، سيدي صالح و سيدي علي بالاضافة الى مخزن طريق قابس الواقع وسط حي شعبي و يشهد مشاكل عديدة ويكلف الدولة أموالا طائلة لاصلاحه.
على الرغم من دعوة النقابة الى توسيع مخازن بودريار العمومي، للتقليص من مصاريف الكراء. إلا أنه تم رفض المقترح بتعلة ان المخازن العادية لا تتمتع بجودة التخزين، رغم أنه يتم تسويغها بنفس المواصفات من الخواص، كما أن الفساد أيضا يكمن في تعيين مدراء جهويين، و يتم تقديم امتيازات وحوافز لهم رغم أن بعضهم لا يباشر عملهم، رغم ما تعيشه الدولة من مشاكل مالية صعبة.
وضعية السفن المحملة بالمواد الأساسية والقادمة من خارج تونس، على حالها في انتظار دخولها إلى الميناء التجاري، لإفراغ حمولتها، مع دفع فوائض كبيرة كخطايا تأخير تقدر بآلاف الدنانير تدفع بالعملة الصعبة.
ويبقى السؤال هل ستفتح كل من وزارات المالية والفلاحة ومؤسسة رئاسة الجمهورية تحقيقات في هذا الإهمال المثبت لموارد الدولة؟