كشف بيئي


مصب القنة في عڨارب: قتل عمد بـ”حصانة” حكومية/تحقيق

22/01/10

تحقيق بقلم أميرة التواتي

خسرنا شابة في مقتبل العمر خرجت من المنزل مثل الوردة ولم تعد.

هكذا علق علاء بن إبراهيم شقيق الضحية يسرى او كما يحلو لعائلتها مناداتها ب”أمال”، و هو يحدثنا بتأثر عن قصة  صبية لم تتجاوز من العمر التاسعة عشرة رحلت عن هذه الحياة أواخر سنة 2019 بسبب لدغة بعوضة على مستوى الوجه، مما تسببت لها في إصابتها بالفطر الأسود الذي أودى بحياتها.

التعتيم الذي رافق ملفها الطبي ضاعف آلم العائلة وأشعرها بالحيرة تجاه ضياع حقها، إلى الآن،  ورغم مرور أكثر من سنتين على وفاتها،  لا يزال حق امال مفقودا.

 شقيقتي توفيت بسبب الفطر الأسود بعد لدغة بعوضة  قادمة من مصب الموت القنة، و الى الان لم نستطع الحصول على تقرير الطب الشرعي رغم إقرار التحاليل لسبب الوفاة. 

الأفعى التي تسببت في وفاة الطفل محمد

ويضيف علاء في شهادته:

نسبة التلوث كبيرة جدا في عقارب، فنحن نعاني من العقم، التوحد، الأمراض المزمنة، الأمراض الجلدية والسرطان ونعاني من كل الأمراض المتعلقة بالتلوث بسبب هذا المصب، لن نسامح من تسبب في وجوده بعقارب.

شهادة من جملة شهادات اخرى تحصلت عليها “كشف ميديا” من متساكني عقارب، لأن آمال لم تكن الضحية الأولى ولا الأخيرة من مصب القناة،  فقد فقدت معتمدية عڨارب التابعة لولاية صفاقس التونسية و التي تبعد عن مركز الولاية 20 كلم عددا من اولادها،  اما بسبب المرض أو بسبب لدغة أفعى او بعوضة وفق الشهادات التي وثقها هذا التحقيق . 

أهالي هذه المنطقة  يعاني غالبيتهم أمراضا تنفسية و باطنية و كذلك حالات سرطانية و مشاكل انجابية، و توحد و تشوهات خلقية يقول الناشط في حملة ‘مانيش مصب’ شكري البحري لمعدة التحقيق:

عقارب تعاني من آثار خطيرة جدا جراء المصب الذي من المفترض أن ينتهي تاريخ استغلاله سنة 2013، غير أنه بقي الى غاية سنة 2021 قيد الاستغلال. حيث عانت المعتمدية على مدى سنوات من الإجرام البيئي.

  تم رصد فضلات صناعية و استشفائية خطيرة تدفن في المصب، مما أثر على الهواء و الماء و التربة كما أثر على التوازن الطبيعي، خاصة و أنه (أي المصب) يقع في محمية طبيعية وقد تسبب هذا الاضطراب في التوازن الى خروج الحيوانات و الزواحف من المحمية نحو المساكن و التجمعات السكنية, حيث لقي أكثر من 7 أطفال حتفهم منذ سنة 2018 بسبب لدغات الثعابين الخطيرة، كما توفيت الشابة (آمال) بسبب لدغة بعوضة. 

أفعى أخرى وجدها أحد الأهالي بمنزله

و تسببت السموم المتسربة الى الماء و الهواء و التربة في ظهور العديد من الأمراض السرطانية والأمراض الجديدة.

 طالبنا من وزارة الصحة القيام بدراسة لمعرفة عدد الاصابات و أنواع الأمراض بالمنطقة، إلا أن الوزارة قامت بتجاهل مطلبنا في بلدة تعاني فيه كل عائلة مرض سرطاني او تنفسي بل وصل الأمر الى تعمد الوزارة التعتيم حول أسباب الوفيات و تعمدت عدم إعطاء أهالي الضحايا نتيجة تقارير التشريح.

 ويضيف البحري:

 تم رصد أمراض تنفسية جديدة وأخرى فطرية و جلدية  اضافة الى العقم والتشوهات الجينية، وقد تطور الوضع إلى إصابة نسبة كبيرة من الأطفال بمشاكل بصرية بسبب الغازات المنبعثة من المصب.

 الدكتور المختص في علم المناعة بمعهد باستور مكرم السافي لكشف ميديا، أكد أن “هناك أمراض جرثومية مثل الكوليرا مرتبطة مباشرة بالتلوث مثلها مثل السرطان و الأمراض الرئوية” ، و أضاف انه “يجب القيام بإحصائيات في جهة صفاقس عامة وبالخصوص في عڨارب لمقارنتها بجهات أخرى غير ملوثة او اقل تلوثا، لإثبات أن نسب الإصابة بعڨارب بتلك الأمراض أكثر من بقية الجهات، مع ضرورة الضغط على مصالح وزارة الصحة لنشر تلك الاحصائيات.”

أمراض و مخاطر بيئية دفعت في البداية بعدد من الناشطين في المجتمع المدني بعقارب الى القيام باحتجاجات انطلقت سلمية منذ سنة  2018 عن طريق تجسيد لوحات فنية تحاكي خطورة الوضع البيئي الذي تعيشه المعتمدية تحت غطاء حملة “مانيش مصب”.

و من ثم أخذت منحى قضائي حيث أصدرت محكمة الناحية بعقارب قرار قضائي يقضي بغلق المصب سنة 2019،  ليتطور الوضع في نوفمبر 2021 إلى مواجهات عنيفة بين الأمن والمحتجين على مدى 4 أيام انطلقت منذ ليلة الاثنين 9 نوفمبر 2021،  نتيجة قرار وزارة البيئة تأمين نقل الفضلات باستعمال القوات الامنية الى مصب ” الڨنة ” ثاني أكبر مصب بالجمهورية التونسية من جملة 13 آخرين بالبلاد، اجَّجتها وفاة الضحية عبد الرزاق الأشهب حيث أثارت وفاته حفيظة المتساكنين الذين اكدوا انه توفي اختناقا بالغاز المسيل للدموع وأنه قضى حتفه عندما كان بصدد جلب الحليب لابنته الرضيعة،  وان الاستعمال المفرط للغاز والذي سبب حالات اختناق شديدة لدى عدد كبير من الأهالي تسبب في قتل المرحوم رغم محاولات إسعافه ونقله الى المستشفى.

صورة تعبيرة للضحية آمال التي توفيت بسبب لدغة بعوضة

 و قد علق تقرير الطب الشرعي في بلاغ أصدره الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس في نوفمبر الماضي حول وفاة “رزوقة” مثلما يسميه اهالي البلدة أن:

 سبب الوفاة يعود بالأساس إلى وجود انسداد تام في الشريان التاجي الأيسر للقلب و علامات احتقان به وذلك على مستوى العضلة اليسرى منه، و انه تم اخذ عينات من الانسجة و عينات من الدم قصد التحاليل البيولوجية وغيرها من التحاليل السمية، و انه لا يمكن تحديد أسباب الوفاة إلا بعد استيفاء نتائج التحاليل المذكورة. 

احداث عاشت على وتيرتها معتمدية عقارب لمدة 4 أيام حيث تم حرق مركز الحرس الوطني بالمنطقة، و ازدادت فيها المواجهات بين الأمنيين والمواطنين مما جعل عددا من المنظمات الحقوقية والوطنية تتحرك.

احتجاجات عقارب لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتاج سنوات عديدة منذ  أن أدرك حينها المتساكنون ان المصب بات يمثل خطرا حقيقيا يهدد حياة اولادهم و ابائهم، و اصبح يحصد ارواح الأطفال قبل الكبار. و ايقنوا انه وان كان الموت واحد فإن أسبابه عديدة نتيجة سنوات من التلوث،  و اصبح أهالي عقارب  يتعاملون مع قضية المصب كقضية مصيرية وجودية وفق معظم الشهادات التي تحصلنا عليها.

المصب القاتل

يمتد  مصب القنة على مساحة الـ 36 هكتارا ويقع على بعد 3 كلمترات من مركز معتمدية عقارب تحديدا على مستوى محمية القنة نسبة تسميته, وهي محمية طبيعية تمتد مساحتها على 4711 هكتار و مصنفة كمحمية طبيعية منذ سنة 2010.

 و يصنف مصب القنة كمصب مراقب تم الانطلاق في استغلاله منذ سنة 2008 ولمدة لا تتجاوز الخمس سنوات.

غير انه لم يغلق الى غاية نوفمبر 2021 رغم انتهاء طاقة استيعابه، حيث صرح منير اللومي رئيس بلدية صفاقس في سبتمبر الماضي أن المصب قد استنفذ الحد الأقصى لاستيعاب الأحواض المعدة لطمر النفايات، و انه لم يتم إلى حد الآن حفر أحواض جديدة بالمصب لاستقبال كمية الفضلات المتأتية من جميع معتمديات صفاقس.

 إذ يستقبل المصب ما بين 600 و 700 طن من الفضلات في اليوم أي ما يعادل و 18000 و 21000 طن في الشهر، 50 بالمئة منها فضلات تابعة لبلدية صفاقس و النصف الاخر تابعة لشركات خاصة وفق ما أكدته رئيسة لجنة النظافة ببلدية صفاقس راوية عميرة.

رسم توضيحي لكمية الفضلات التي يستقبلها مصب القنة في اليوم


مصب مخصص للفضلات المنزلية تحول الى مقبرة للفضلات الطبية و الصناعية الخطيرة، يتم دفنها بلا أي معالجة أو مراقبة لتتسبب في مشاكل بيئية وصحية للمواطنين. أين وجه الأهالي أصابع الاتهام لكل من يستغل هذا المصب وفي ذات السياق أكدت راوية عميرة رئيسة لجنة النظافة ببلدية صفاقس لكشف ميديا أن الاخلالات و التقصير يأتي من الشركات الخاصة التي من المفترض أن تقوم بعملية فرز الفضلات و رسكلتها بطريقة امنة، غير ان هذه الشركات أخلت بكل شروط الجودة و السلامة.

يعتقد أهالي عقارب أن مدينتهم عاشت مأساة بيئية تجاوزات الثلاث عشرة سنة من التلوث تسببت في انطلاق نكبة نفسية وصحية للأهالي، ولعل حنان البوحاري واحدة منهم/ن والتي فقدت أحد أبنائها بسبب المصب.

ابنها أمان الله لم يتجاوز سنه الخامسة،  رحل الى الأبد ليترك حسرة في قلب أبويه و أخيه الوحيد تقول حنان:

 لم أكن أعرف حقيقة مرض ابني، خلتٌ الأمر في البداية أنيميا ( فقر دم ) حسب التشخيص الأولي للطبيب، و لم اكن اعرف سر شحوب وجهه و عصبيته و نومه المتواصل و لا حتى سبب بكائه الدائم، الى ان عرفت بعد الفحوصات والأشعة ان المرض الذي يعاني منه ابني هو السرطان.

محمد خليفي الطفل الذي توفي بسبب لدغة افعى

 حرارة و اغماء، تعب ثم هبوط في الدورة الدموية وصولا إلى بروز كتلة لحمية اثبت تحليلها انها كتلة سرطانية و من ثم استفراغ للدم هكذا كانت رحلة ‘امان الله’ مع المرض.  حيث لم يتحمل جسده الصغير كثيرا ليتمكن منه المرض و يفارق الحياة بعد الجلسة الثانية من العلاج الكيميائي.

تضيف حنان:

المصب هو من قتل ابني كان تنفسه يضطرب كلما مكثنا خارجا و استنشق الهواء المنبعث من المصب الغير بعيد من منزلي، و غير ابني الكثير، فهناك العديد من الأطفال في الجوار يعانون نفس الاعراض ونفس المرض.  هناك من يموت وهناك من يبقى و يعاني من صعوبة التنفس دون منقذ.

يحتوي مصب القنة على 3 خانات تم غلق الخانة الأولى سنة  2014 ليتم فتح الخانتين الثانيتين تباعا وتستغله شركة خاصة بموجب عقد. و قد رصد المجتمع المدني عديد الاخلالات فيه من بينها إلقاء الفضلات الصناعية و الطبية الخطيرة فيه و ردمها بطريقة عشوائية و حسب ما أكده شكري البحري الناطق باسم حملة “مانيش مصب”.

ابتسام بن عمارة أستاذة محاضرة بالمعهد العالي للبيوتكنولوجيا بصفاقس و باحثة بمخبر الإنزيمات الحيوية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، أكدت لمعدة التحقيق أن هناك علاقة وطيدة بين التلوث والأمراض التنفسية و السرطانية”، مضيفة أن:

عقارب منطقة فلاحية و قد يكون الفلاحون هناك يستعملون مبيدات حشرية خطيرة موجودة بالسوق التونسية و ممنوعة بالدول الاروبية. و هنا قد يضاف مشكل بيئي جديد بالجهة حيث أن مثل هذه المبيدات تتسبب في زيادة العقم و تشوه الاجنة.

الرضيع شاهين العارم ايضا لم يمهله مصب عقارب كثيرا للعيش، فلم يمكث في هذه الحياة أكثر من 4 أربعة أشهر ليرحلَ بعدها الى الأبد بعد اصابته بفيروس متأتي من التلوث، يؤكد والده حافظ لمعدة التحقيق أنه كاد أن يفقد ابنائه الأربعة بسبب فيروس متأتي من التلوث لكنه خسر أصغرهم سنا، حيث لم يستطع ابنه شاهين والذي لم يتجاوز عمره حينها الأربعة أشهر مقاومة الفيروس و لم تتعدى معركته معه اكثر من يوم ليتوفى في نفس اليوم الذي ظهرت عليه أعراض الفيروس بسبب قلة مناعته”

فضلات طبية تم رصدها بمصب الڨنة عڨارب

في نفس اليوم الذي تلقيتٌ فيه خبر وفاة شاهين، أقامت بناتي الثلاثة بقسم الأطفال بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر، بعد إصابتهن بذات أعراض شقيقهن و هي الحرارة و الإنهاك و صعوبة التنفس. لتتأكد اصابتهن بذات الفيروس الذي قتل شقيقهن أين أقمن 10 ايام كاملة تحت الرقابة الطبية.”

يضيف حافظ بحرقة: 

هو التلوث المتأتي من المصب من جعلني أفقد ابني شاهين و أعيش تلك الأيام العصيبة و انا اتابع فيها حالة بناتي في المستشفى.

أما رجاء بن نصير مثلها مثل عدد من متساكني عقارب خسرت ابن شقيقتها محمد خليفي، و الذي توفي بسبب لدغة أفعى”كوبرا” تقول:

كان نائما بين إخوته الأربعة  قبل أن يصرخ من الم اللدغة، أخذه والداه على جناح السرعة إلى المستشفى لإسعافه لكنه توفي، وأدركنا أن سبب الوفاة كانت بسبب لدغة أفعى. عدنا الى البيت و بحثنا في أركانه الى أن وجدناها كانت افعى نوع “كوبرا”و قد كان طولها متر و تسعين و لم يكن القضاء عليها سهلا، فقد كانت تنفث سمها في وجوه اعمام محمد قبل أن يتم قتلها.

 لم يقف الأمر عند ذلك الحد فقد تم العثور على افعى مثلها بعد يومين من الحادثة بجانب البيت  كما تم العثورعلى ما يقارب الخمسين بين أفاعي وثعابين، كانت قادمة من المصبَّات العشوائية بالمنطقة و  من مصب القنة بعقارب، التي اصبحت مرتعا للزواحف و الخنازير بسبب المصبات.

تطول قائمة ضحايا مخلفات مصب القنة التي رصدتها معدة التحقيق وتضم أطفالاً يعانون ضيق التنفس وآخرون يعانون من السرطان و ازواجا يعانون العقم وآخرون يشتكون من أمراض جلدية و فطريات، بحسب ما أكد عدد كبيرمن  أهالي المنطقة  ولعل ما زاد الوضع خطورة  هو انتشار الحيوانات و الزواحف التي تهدد الكبير و الصغير.

غلق المصب مع وقف التنفيذ

امام اصرار  متساكني عقارب على غلق المصب و تمسكهم بحقهم في الحياة,  خاصة بعد الأحداث الاخيرة التي سجلت حالة وفاة و جرحى وحالات اختناق و موقوف’ و خوفا من ازدياد وتيرة الاحتقانات’  و أمام استنكار العديد من المنظمات الوطنية و الحقوقية و الجمعيات التدخل البوليسي لقمع الاحتجاجات،و بعد جملة من المشاورات واللقاءات، تم الإبقاء على المصب في حالة غلق والبحث عن مكان آخر لإنشاء مصب جديد. ليتم اخيرا غلق المصب نهائيا و الانطلاق في عملية الاستصلاح بالرجوع الى اقتراحات المجتمع المدني هناك مثل ما اكده شكري البحري الناشط بحراك “مانيش مصب”.

فضلات خطيرة تم رصدها بمصب الڨنة بعڨارب

 في وقت تعيش فيه ولاية صفاقس أسوأ حالاتها، حيث انتشرت أطنان الفضلات في كل الشوارع وأمام المستشفيات و المدارس لأكثر من شهرين, في مشهد لم تشهده صفاقس من قبل,  لتخلق الوضعية حالة من الاحتقان والغضب لدى المواطنين الذين كونو حراك اسموه “يزي ما سكتنا” للتعبير عن غضبهم من انتشار الأوساخ. 

في حين  قام البعض بإيجاد حلول حينية، من بينها عملية الحرق التي تسببت في انتشار رائحة الدخان بالأجواء, وصل الأمر إلى غلق ميناء الصيد البحري والميناء التجاري لمدة يومين, بعد ما شهده من دخان كثيف بسبب حرق الفضلات الموجودة في الميناء القديم. وضعية كانت دفعت الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس و الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية و عدد من المنظمات و الجمعيات, الى اقرار يوم 10 ديسمبر يوم إضراب عام بصفاقس مع غلق كل المنافذ إليها. 

ليتم تاجيله فيما بعد إثر تعهد الدولة رفع الفضلات و تخصيص مكان للمصب الجديد اين تم نقل الفضلات من جديد إلى مصب الميناء القديم الذي لا يحتمل هو بدوره كل هذه الأطنان من الفضلات.

 في وقت واصل فيه اهالي عقارب تحركاتهم من خلال تنظيم وقفات احتجاجية للغلق النهائي للمصب حيث بات غلقه قضية موت أو بقاء، و اتفقوا جميعا انه لا سبيل الى إعادة فتحه من جديد بعد كل ما سببه لهم من مرض و عقم و تلوث و مخاطر, مثل ما أكد شكري البحري ” الأهالي متمسكون بحقهم في الحياة و  على الدولة و وزارة البيئة القيام بدورها في غلق المصب”.

تحركات عقارب كانت فتيل تحركات اخرى ، حيث انتفض اهالي المحرس اثر اعتزام وزارة البيئة إنشاء مركز لتثمين النفايات رافعين شعار ” المحرس موش مصب”، كما رفض اهالي منطقة بومرة استقبال الفضلات، و رفض أهالي منطقة اليمامة بمنزل شاكر  بدورهم إنشاء مصب بجهتهم بعد  التوصل إلى تهيئة مصب جديد هناك، و رفعوا في وجه الدولة شعار “اليمامة موش مصب” رافقتها تحركات احتجاجية اخرى وصلت الى غلق الطرقات, في حين أكد عدد من المتساكنين في عقارب أنَّ مصب القنة هو المشكل الاكبر، غير ان المنطقة تشتكي من مصبات عشوائية اخرى تابعة لشركات و معامل بالجهة, حيث تقول رجاء بن نصير:

 ” صحيح جميعنا يعاني من مصب القنة فهو يمثل الخطر الأكبر الذي يهدد المتساكنين، و  ايضا مصدر الأمراض و التلوث و حاضن الحيوانات البرية والزواحف لكن المصبات العشوائية التي تنتشر هنا وهناك بجانب المساكن لا تقل خطورة.

 المصبات التي تتحدث عنها رجاء لا تخضع للرقابة ولا للفرز إذ تلقى فيها الفضلات الصناعية و الكيميائية الخطيرة من غير رقيب ولا حسيب، كما تبعث سمومها في الهواء و الماء و التراب و تهيئ مناخا جيدا للحيوانات البرية الخطيرة و الزواحف للانتشار و تهديد المتساكنين,” صحيح ان مصب القناة سيغلق لكن المشكل يكمن في غلق هذه المصبات العشوائية الخطرة” . 

مشكلة مصب القنة بعقارب كشفت بشكل فاضح العديد من المشاكل المتعلقة بالجانب البيئي بالجهة. و اثبتت ان على وزارة البيئة إيجاد استراتيجية و خطة محكمة للتصرف في الفضلات بطريقة ذكية و ناجحة, لأن المطالب لم تعد شغلا و خبزا و ماء بل  تعدت ذلك لتصبح المطالب بيئة سليمة و حق في الصحة و الحياة.

حاولت كشف ميديا الحصول على إجابات لبعض الأسئلة التي طرحتها عن مسؤولين في وزارة البيئة لكنها لم تتلق ردا.


إشراف عام خولة بوكريم

رسم سهيل الحداد