كشف خبر


قيس سعيّد والإعلام..بين الحقيقة والتزييف

22/03/30

صرّح رئيس الجمهورية قيس سعيد بتاريخ 24 فيفري 2022، أن ” وسائل الإعلام في تونس عتمت على خبر اختيار تونس لتصنيع اللقاح المضاد لكوروناّ”.

 وأضاف معتمدا الايتوس الأخلاقي في الخطاب، ويقصد به اعتماد حجاج يحتوي على قيم أخلاقية بهدف كسب ثقة الجمهور، قائلا:

فشكرا على وطنيتهم و على مسؤوليتهم، وسيتحملون المسؤولية في تزييف الأخبار وذلك للتأثير في المتلقي وتهميش قدرته على التفكير في مدى صدقية قوله من خلال استعمال “شعارات الوطنية” وايتيقيا تحمّل المسؤولية. 

حققت كشف ميديا في هذا التصريح ووجدت أن 49 مؤسسة إعلامية تونسية ودولية تناولت هذا الخبر بأشكال صحفية مختلفة منها bn المكتوب ومنها السمعي والبصري.

رسم توضيحي لورود خبر تصنيع اللقاح المضاد لكوفيد 19 حسب نوع المؤسسة الإعلامية

تناولت أيضا هذه المؤسسات الإعلامية خبر اختيار تونس لتصنيع اللقاح المضاد لكورونا في شكل أخبار مركبة وتطرقت إلى الموضوع بشكل مدقق دون تهميش للخبر الأصلي.

 واستنادا على هذه المعطيات نستنتجٌ أن تصريح رئيس الجمهورية زائفاً.

لم يكن هذا التصريح في معزل عن بقية التصريحات التي وجّه فيها رئيس الجمهورية اتهامات للصحفيين/ات التونسيين/ات اختلفت فيها السياقات والمناسبات لكن الهدف يبدو واحدا وهو تعزيز انعدام ثقة التونسيين/ات في مهنة الصحافة والإعلام وممتهنيها.

ذلك أن قيس سعيد صرّح بتاريخ 10جانفي  2022:

 كلّ يوم يضعونَ على أعمدة الصحف الاستفتاء الالكتروني بين ظفرين ولو وضعوا أنفسهم بين ظفرين لكان أفضل ثمّ في الأخبار بطبيعة الحال يشوهون الحقائق.

يبين استعمال هذه الجملة “لو وضعوا أنفسهم بين ظفرين لكان أفضل” احتقاراً واضحاَ للصحفيين/ات التونسيين/ات خاصة وأن الصحفيين الذين وضعوا معقفين في استعمالهم لعبارة “الاستشارة القانونية” هو أمر عادي باعتبار أن التسميات التي تمثل جهات معينة توضع بين معقفين احتراما لمبدأ المصداقية الصحفية فليس الصحفي من يتحمل مسؤولية أحقية هذه التسمية من عدمها.

أما في الجزء الثاني من هذا التصريح والذي قال فيه قيس سعيد “في الأخبار يشوهون الحقائق”، أكد باستعماله لصيغة الجمع اتهامه لكل الصحفيين/ات بتشويه الحقائق دون استثناء وكأنه لا يوجد بالبلاد أي صحفي مهني وموضوعي.

ذكَر  سعيّد أيضا يوم 24 مارس 2022 الصحافة مجددا في خطابه ليقول:

المواطنون متفهمون للوضعية لأنهم واعون لمصلحتهم عكس ما تروّج له وسائل الإعلام.. هناك في بعض الأحيان فرحة في صفوف المواطنين بعد قطع الماء لأنهم واعون بأن العملية تتعلق بمصالحهم”.

 #قيس_سعيد من مفترق ” بن دحة ” في 23 مارس 2022

بيد أنه في الواقع منطقيا لا يمكن تصديق قوله، فلا يعقلٌ أن يفرحَ المواطنون/ات بانقطاع الماء مهما كانت الأسباب، إضافة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت آنذاك تعج بشكاوى المواطنين من انقطاع الماء، وحتى وسائل الإعلام التي نقلت أصوات المواطنين المتذمرين/ات، من أشغال مفترق بن دحة، بولاية تونس وانقطاع المياه في نفس الوقت في ولاية بن عروس. 

وحسب متابعتنا لتصريحات رئيس الجمهورية المتتالية بشأن الإعلام، يمكن اعتبار أن هناك سياسة ممنهجة للتركيز مع هذا المجال كما تم في السابق مع القضاء، حيث قامت رئاسة الجمهورية بنشر بلاغ بتاريخ 26 مارس 2022 جاء فيه:

نوّه رئيس الدولة بالعمل المستمر الذي تقوم به الحكومة حتى وإن لم يتم تغطية هذا النشاط بوسائل الإعلام. 

والواقع أن مختلف المؤسسات الاعلامية تغطي بشكل يومي أنشطة الحكومة ورئاسة الجمهورية من خلال بلاغاتها على صفحات الفايسبوك باعتبار أن رئاستي الحكومة والجمهورية تعتمدٌ، استراتيجية تعتيم إعلامي بدت واضحة من خلال توجيه رئيسة الحكومة نجلاء بودن بتاريخ 10 ديسمبر 2021 إلى الوزراء وكتّاب الدولة منشورا بعنوان ” قواعد العمل الاتّصالي للحكومة”، حدّدت فيه ضوابط الظهور الإعلامي لأعضاء الحكومة وشروطه، مع التشديد على ضرورة الالتزام بها. شدد هذا المنشور التعامل مع الوسائل وجعل من وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الوحيدة التي يستقي منها الصحفيين أغلب أخبارهم. 

رغم مرور مدة طويلة من حكم قيس سعيد لم تكن استراتيجيته في التعامل مع الاعلام واضحة إلى أن بدأت ترتسم ملامحها بعد توجيهه للعديد من التهم للوسائل الاعلامية في المقابل لم يقم إلى حد اللحظة بمبادرات لإصلاح القطاع الذي يعاني عدة صعوبات وتحديات والدليل على ذلك الإضراب العام الذي سيشمل مؤسسات الإعلام العمومي يوم 6 أفريل القادم.