كشف صحي


مرضى السيلياك في تونس: معاناة مضاعفة زمن الكوفيد بسبب نقص المواد الغذائية

22/05/12

يعاني مرضى السيلياك صعوبات متعددة منها إيجاد الغذاء، فهم مطالبون بنظام غذائي معين، ومصرح لهم بتناول أطعمة محددة وفي الأيام العادية يصعب إيجاد  المنتجات الغذائية المخصصة بسهولة، زيادة على ارتفاع أسعارها، لتتأزم الوضعية أكثر خلال الحجر الصحي الشامل في أفريل 2020 بسبب جائحة كوفيد مما أثر سلبا على صحتهم.

ولعل حنان بالهادي، 38سنة، صاحبة شهادة جامعية لكن معطلة عن العمل تقطنُ في ولاية قفصة هي واحدة منهم، إذ اكتشفت إصابتها بالمرض  منذ طفولتها وتعايشت معه.

حنان بالهادي ناشطة في المجتمع المدني ومصابة بالسيلياك

خوفنا كان مضاعفا نحن المُصابين/ات بالسيلياك، فقد كنا نجهل مضاعفات الفيروس على صحتنا ونخشى من الموت جوعا بسبب نقص المواد الغذائية الخاصة بالحمية. نجد صعوبة في توفير الغذاء اليومي، الإنسان العادي يبحث عن الدقيق   و”السميد” ولا يجدهما فكيف نجدهما، ونحن نبحث على هذه المواد خالية من الغلوتين، وبثمن مضاعف وغير مدعم. 

وأمام ندرة المواد الاستهلاكية المسموح بها لمرضى السيلياك حاولت حنان خلال فترة الحجر الصحي تجميع التبرعات العينية التي وصلت للجمعية التي تنشط فيها،  حتى تساعد بها نفسها وبقية الفتيات التي تعرفهن يعانين من نفس الإشكال.

ويعرف طبيب الصحة العمومية رابح روابح مرض السيليناك لكشف ميديا بأنه اضطراب مناعي وراثي ينتجُ عن عدم تحمل الأمعاء لأي أكل يحتوي على بروتين القمح ومشتقاته الذي يسبب تحطيم الأغشية المخاطية في الأمعاء الدقيقة، ويؤدي إلى سوء امتصاص المواد الغذائية والأملاح والمعادن الضرورية للجسم، ويضيف:

رابح روابح طبيب في الصحة العمومية

 يمكن أن يكون الشخص مصابا بهذا المرض لسنوات طويلة، ومن أعراضه انتفاخ وألم في البطن، إسهال مستمر، فقدان في الوزن، وتأخر في النمو، تقيء مستمر. ومن الخطير أن يجتمع على المصاب به فيروس كوفيد 19 لأن المريضين يصيبان المناعة.

أما سناء سالم ثلاثينية من مدينة قفصة هي أيضا تقول عن معاناتها زمن الحجر الصحي:

لا أحد يهتم لحالك، رغم صعوبة مانعاني وهشاشة مناعتنا، كنا نبحث عن مادة الأرز الأبيض التي فُقدت تماما في تلك الفترة وارتفع ثمنها، نسمع عن اهتمام الحكومة بضعاف الحال ومساعدتهم ولكن لم نسمع يوم لأحد يتحدث عن حالنا.

تضيف سناء: 

في الحملات الدعائية والومضات الإشهارية التي تشجع على التلقيح لم نشاهد ولم نسمع من ينصح مرضى السيلياك بأنه لا مضاعفات ولا خوف عليهم  من تلقي اللقاح.

سوسن العكرمي ممرضة و رئيسة جمعية السيلياك بقفصة والجنوب، تقول لكشف ميديا إنها  اكتشفت إصابتها بالمرض بعد سنوات طويلة، رغم أنها ممرضة وزوجها طبيب، إلا أنها لم تتفطن وتشدد على ضرورة الاكتشاف المبكر.

مسؤولية سوسن العكرمي  باتت مضاعفة اليوم، فهي تحاول تأمين احتياجاتها اليومية والعناية بصحتها وفي نفس الوقت تسهر على تأمين احتياجات ما يزيد عن  400 مريضا سيلياك  منهم 250 يتمتعون بمساعدة شهرية تؤمنها لهم الجمعية تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية. 

في أيام الحجر الصحي عملت جمعية مرض السيلياك، على جمع تبرعات وشراء منتجات خالية من الغلوتين وتتحدث سوسن عن الصعوبات التي وجدوها زمن الحجر الصحي:

سوسن العكرمي رئيسة جمعية مرضى السيلياك قفصة والجنوب

 في الأيام العادية نشهد نقص حاد في مادة الأرز التي تعد مصدر الغذاء الرئيسي وكما تعلمون فقد نفذت هذه المادة من الأسواق فترة الحجر الصحي بسبب الإقبال الكبير للمواطنين/ات على شرائها وتخزينها خوفا من نفادها، إضافة إلى عدم توفر محلات متخصصة في بيع المواد الخاصة بالمرضى.

وتتابع:

التلقيح مهم للحماية من كوفيد19 ولكن مريض السيلياك يفتقد للدواء ودواؤه غذائه وللأسف حتى التأمين على المرض لا يشمل المواد الغذائية.

يقول أحمد (اسم مستعار)، 40 سنة والقاطن بأحد قرى ولاية قفصة، والذي طلب عدم كشف هويته كاملة خشية تعرض ابنه للتنمر، متحدثا عن قصة ابنه مع مرض السلياك لـ لكشف ميديا:

فرحتُ كثيرا بابني الأول لتبدأ المعاناة 4 سنوات بعد ولادته فقد بدأ يعاني من آلام متكررة في بطنه ونقصان وزن وغثيان متواصل وإرهاق.

ويواصل أحمد حديثه:

 المواد الغذائية الخالية من الغلوتين ، لا توجد في كبرى المحلات التجارية فكيف لمثلي قاطن في الريف أن يوفر مستلزمات الحمية لابنته ،ففي الأيام العادية كنت أتنقلُ اسبوعيا للمدينة لشراء غذاء ابني ولكن زمن الحجر الصحي تقطعت بنا السبل.  

ويستمرُّ أحمد في الحديث عن معاناته وابنه زمن الحجر الصحي الأول الذي تزامن تقريبا مع اكتشافه لمرض ابنته “منذ سنتين لم أكن أعلم بوجود جمعيات تهتم بمرضى السيلياك، ولم أكن أحصل على أي مساعدة، وضعيتي الاجتماعية لم تكن تسمح حتى باستعمال هاتف متطور يساعدني في البحث عن المساعدة في إيجاد بدائل غذائية لابنتي بعد أن علمت من أحد الأصدقاء بوجود أشخاص يقدمون مساعدات في كيفية التغلب على نقص المواد الاستهلاكية ،فكنت في غالب الأيام أقدم لابني  وجبات غير خالية من الغلوتين ،كنت كمن يقدم السم لابني ،فحين كان يتضور جوعا كنت أقدم له كل ما يمكن ان يسد رمقه.

المرض الذي يجهله الكثيرين، خصصت له الأمم المتحدة 19 مايو من كل عام يوما عالميا للسيلياك،وإن بدت  التقارير الرسمية في تونس عن المرض والمصابين به شحيحة، يشير رئيس الجمعية التونسية لمرض الأبطن في تصريحات إعلامية في نهاية ديسمبر 2021  بمناسبة الاجتماع السنوي للجمعية أن عدد المصابين بمرض الأبطن يتراوح  ما بين 70و100ألف ومن قاموا بتشخيص حالتهم فعددهم يتراوح بين 25 و30 ألفا .

يقول الدكتور رابح روابح إنه إلى حد اليوم لا يوجد دواء، والأمراض المناعية علاجها يتمثل في الوقاية فقط، والوقاية هي نظام غذائي صارم، إن التزم به المريض بإمكانه التعايش مع المرض دون مضاعفات وان لم يلتزم بالحمية فان هناك خطر حقيقي أن يتسبب هذا المرض في مضاعفات خطيرة تصل إلى الإصابة بالسرطان، وينصح الدكتور رابح بالرضاعة الطبيعية فقد ثبت أن طول فترة الرضاعة يحمي من ذلك بسبب المناعة الطبيعية التي توفرها للطفل .

ويتوجه الدكتور رابح روابح بنداء إلى السلطة المعنية بان تضع في سلم أولوياتها دعم المواد الخالية من الغلوتين، فثمنها المرتفع يدفع بالكثيرين إلى عدم الالتزام بالحمية،وعدم الالتزام بالنظام الغذائي هو انتحار بطيء، والواجب على الدولة ومن حق المواطن أن يجد الدواء والدواء يتمثل في جعل المواد الغذائية الخالية من غلوتين مدعمة كمادة العجين والخبز المخصص للأصحاء والمرضى أولى بالدعم.

 في غياب الإحاطة والتوعية انتشرت صفحات ومجموعات مغلقة على مواقع التواصل الاجتماعي مخصصة لتبادل التجارب والنصائح والبحث عن الوصفات الطبيعية وكيفية اعداد الحلويات والأطعمة الخالية من الغلوتين، صفحات أصبحت خاصة زمن الحجر الصحي عبارة عن مجتمع خاص وعيادة طبية افتراضية تقدم الوصفات  والبدائل الممكنة عن غياب المواد الخالية من الغلوتين.


إشراف عام خولة بوكريم

بالشراكة مع صحافيون من أجل حقوق الإنسان/ الشؤون الدولية كندا