كشف صحي


القيروان: “الشباب يغيّر” منح الأوكسجين للمواطنين زمن شحه خلال كوفيد19

22/05/13

كشفت جائحة كورونا خلال السنوات المنقضية عيوبا كثيرة كما كشفت تدهور البنية التحتية للمؤسسات الصحية بالقيروان حيث امتلأت هناك أسرة الإنعاش ووجد سكان الجهة   المقدر عددهم حوالي 600 ألف نسمة –  أنفسهم وجها لوجه مع فيروس قاتل وسريع الانتشار و ارتفع  عدد المصابين بهذه  الآفة ليبلغ عددهم نحو 400 لكل 100 ألف ساكن و تبوأت بذلك   الولاية المرتبة الأولى على المستوى الوطني وأصبحت الأكثر تضررا بهذا الوباء الخطير وصنّفت ضمن مستوى إنذار “مرتفع جدا”.

 وانكشف عجز السلطات المعنية في عدّة مناسبات عن احتواء هذا الفيروس ما اجبرها على التعويل  عن وعي المواطن لتناشده ملازمة الحيطة من جهة و تناشد  المجتمع المدني للتدخل من أجل معاضدة مجهودات الدولة.

ورغم  تركيز المستشفى العسكري الميداني من طرف السلطات الجهوية  وإعلانها  خلال شهر جوان من العام الفارط قرار الحجز الصحي الجزئي ثم الشامل فإن الفيروس قد ازداد انتشاره بشكل مفزع و تنامى عدد المصابين أكثر فأكثر  ولم تعد في مستشفيات الولاية أسرة شاغرة بعد أن  بلغت طاقتها الاستيعابية واضطرت الجهات الصحية إلى  إرسال المصابين إلى الولايات المجاورة على غرار سوسة وصفاقس وسيدي بوزيد وتونس العاصمة.

واضطر عدد هام من المصابين الآخرين  بفيروس كورونا إلى افتراش  الأرض فيما خيّر عدد آخر الجلوس على القاعة ينتظرون قبولهم بأقسام الإستعجالي لينالوا نصيبا من الأكسجين في ظل النقص الفادح في الإطار الطبي والشبه الطبي الشيء الذي خلق  في كثير من حالات من الفوضى العارمة هناك. 

وبعد أن عجزت السلطات الجهوية والمركزية عن احتواء الوباء وانهارت المنظومة الصحية بالجهة أصبحت الحاجة ملحة إلى المجتمع المدني لتقليل تداعيات وعواقب الجائحة من خلال دوره التحسيسي والتوعوي بكيفية التصدي ومواجهة هذا الفيروس من جهة و إلى جمع التبرعات ومعاضدة مجهودات الدولة في مساعدة العائلات المعوزة من جهة ثانية. 

وكانت جمعية “الشباب يغيّر” من ابرز الجمعيات التي لعبت دورا هاما في مكافحة الفيروس وباتت ملجأ المواطنين لطلب المساعدة وتوفير آلات التنفس والأكسجين فغطّت جزءا من عجز الدولة بتلبية حاجات المصابين لاسترجاع الأكسجين.

وأكد كاتب عام جمعية “الشباب يغيّر” بالقيروان حمزة العبداوي لكشف ميديا أن الجمعية كانت منذ الوهلة الأولى ومع بروز جائحة كورونا في الصفوف الأمامية في معاضدة مجهودات الدولة خاصة منذ أن سجلت ولاية القيروان أعلى نسبة في عدد الإصابات بفيروس كورونا حيث بادرت بالقيام بحملات تحسيسية تعلقت بالتباعد الجسدي بالمؤسسات العمومية على غرار مكاتب البريد والمغازات الكبرى ومراكز التلقيح وحثت المواطنين على ضرورة احترام البروتوكول الصحي إلى جانب إجراء التلاقيح في آجالها  و سعت إلى تنظيم حملات التعقيم في عدة فضاءات عمومية .

وأضاف العبداوي لكشف ميديا انه تبيّن أن ولاية القيروان  أضحت في ذلك الوقت في  أمس الحاجة إلى آلات التنفس والاكسجين نظرا لفقدانها داخل المؤسسات الصحية لتجاوز طاقة الاستعاب وارتفاع عدد المرضى بشكل ملحوظ فكان لبعض  الأطراف أن يستغلوا  الوضع وشرعوا في كراء الآلات باسوام خيالية، وبلغ المستشفى الجامعي ابن الجزار طاقة استعابه وتكدس المرضى داخل الاقسام و صار اغلبهم يبحثون عن الأوكسجين.

 الجمعية  فكرت في إطلاق حملة توعوية من أجل مساعدة المصابين عبر صفحتها الرسمية الفايس بوك تمثلت في جمع آلات الأكسجين من قبل رجال الأعمال وميسوري الحال وتم التنسيق ايضا مع جمعية “اولادنا” المتمركز بسوسة التي وفرت بدورها ألتي اكسيجين بسعة 5 لتر وتجميع  عدد من آلات ذات سعة 10 لتر وكميات من الأدوية.

وقد تم تقسيم الأدوار بين أعضاء الجمعية من أجل مساعدة مرضى كوفيد ومدّهم بآلات الأوكسجين، كما كان أعضاء الجمعية يعاودون بصفة مستمرة للمرضى في منازلهم خاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة والمحتاجين للوقوف على ظروفهم الصحية ومساعدتهم على كيفية استعمال آلات الأوكسجين.

عمل حمزة   كمسعف بالحماية المدنية ساعده كثيرا في فهم هذه الاحتياجات،  في حين  تولى رئيس الجمعية خالد ميلاد بتوزيع الأدوية المجمعة على المرضى وذلك بالتنسيق مع أطباء مختصين وإرشادهم على كيفية التعامل مع هذا الفيروس.

الحملة تواصلت إلى حد الانفراج أي بعد تركيز المستشقى الميداني و العسكري في جوان 2021 وواصلت  الجمعية انخراطها في تنظيم أنشطة أخرى على غرار تنظيم الصفوف بمركز التلقيح وتشجيع وحث  المواطنين على التلقيح.  الحملة منحت 5 آلات أكسجين على ذمة المواطنين استفاد منها أكثر من 15 شخصا.

من جهة أخرى عبّر محمد (اسم مستعار)، 51 عاما،  لكشف ميديا  عن سعادته وفرحته بعد نجاته باعجوبة من الهلاك بعد إصابته بفيروس كورونا خلال شهر جوان 2021 حيث توجه مباشرة إلى المستشفى الجامعي ابن الجزار أين وجد العشرات من المرضى بقسم الاستعجالي الذي شهد حالة من الفوضى العارمة فعاد إلى منزله دون علاج.

 بعد التفطن لإعلانهم بالفايس بوك،  تمكنتُ من الحصول على آلة أكسجين من  جمعية ”  الشباب يغيّر “، كما ساعدتني الجمعية من المرور من مرحلة الخطر رغم تدهور وضعيتي الصحية في تلك الفترة الصعبة.

محدثنا قام بارجاع الالة الى الجمعية بعد تمتعه من مادة الأكسجين لمدة ناهزت الخمسة ايام.

يوجد في ولاية القيروان  خزاني اكسجين يستنفدا ما لا يقل عن 10 الاف لتر يوميا من مخزون 30 الاف لتر يجدد باستمرار اثر جائحة كورونا، حسب الادارة الجهوية للصحة بالجهة.

وقامت وزارة الصحة خلال شهر جوان 2021 بالترفيع في عدد أسرة الاكسجين وأسرة الانعاش بالمرافق الصحية في ولاية القيروان ليصبح عدد اسرة الاكسجين 137 سريرا بعد ان كان 102 سريرا ويبلغ عدد اسرة الانعاش 17 سريرا بعد ان كان 9 اسرة.

وتجدر الإشارة إلى تقلص مؤشر عدد السكان لكل طبيب بنسبة 6 بالمائة بين 2016 و 2020 ويعتبر عدد الأسرة لكل 1000 ساكن ضعيف جدا حيث لا يتجاوز 1.22 وهو يعكس نفور الإطارات الطبية من العمل  بالقيروان نظرا لتدهور البنية التحتية للمؤسسات الصحية وتكرر الاعتداءات ضد الطاقم الطبي والشبه الطبي من أقارب المرضى و هو ما زاد في تردي  الوضع و تفشي فيروس كورونا فضلا عن تدني البنية التحتية لمختلف المؤسسات الصحية بالجهة حيث يحتوي المستشفى الجامعي ابن الجزار على 7 أسرة إنعاش فقط مما اضطر الإطار المشرف على تحويل القاعة المخصصة لرفع العينات للتحاليل الطبية إلى قاعة إنعاش وبقي المخبر بلا  قاعة لاخذ العينات  كما يفتقر ذات  المستشفى إلى قاعة عزل

 وتعاني المستشفيات المحلية بمختلف المعتمديات من ولاية القيروان نقص المعدات والتجهيزات الصحية وتفتقر إلى أطباء اختصاص، ونظرا للموقع الجغرافي لولاية القيروان في وسط خارطة البلاد فإن أقسام الاستعجالي تشهد اكتظاظ نتيجة الحوادث المرورية في الوقت التي تفتقد فيه الولاية إلى سيارة إسعاف مجهزة باعتبار السيارة المتمركزة الان بمستشفى ابن الجزار تعود بالنظر إلى ولاية سوسة.

هذا وتشهد أقسام الولادات بكل من مستشفى حاجب العيون والقيروان اكتظاظا نظرا لتوافد المرضى من المعتمديات المجاورة على غرار معتمدية جلمة من سيدي بوزيد وأولاد الشامخ وهبيرة من ولاية المهدية. ويعتبر البطء في إنجاز المشاريع المبرمجة ونقص الموارد البشرية من أبرز الإشكاليات التي تحول دون الارتقاء بالخدمات الصحية داخل المؤسسات العمومية ما يولد  أحيانا حالة من الاكتظاظ والازدحام تصل إلى حد الفوضى خاصة إبان جائحة كورونا فلابد من التسريع في بناء المستشفى الجامعي ” ملك سلمان بن عبد العزيز”  بالقيروان وهو هبة من المملكة العربية السعودية والتي وفرت له اعتمادات منذ اكتوبر 2017 و المدينة الصحية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية خلال شهر فيفري 2021.


إشراف عام خولة بوكر

بالشراكة مع صحافيون من أجل حقوق الإنسان/ الشؤون الدولية كندا