22/08/19
احتضنت جزيرة قرقنة أيام 13 و 14 أوت 2022 ، دورة ألماس البحر بقرقنة بمشاركة 18 فريق تشوكبال من كامل جهات البلاد.
و قد تخللت التظاهرة عديد من الفقرات التنشيطية و المسابقات، بالإضافة إلى سهرة ليلية شاطئية و عرض إطلاق المناطيد الطائرة والألعاب النارية.
هذه التظاهرة كانت من تنظيم جمعية تشوكبال قرقنة و منتزه بيلاز و قد لاقت إقبال عدد كبير من متساكني الجزيرة و زائريها و كذلك مشاركة الفرق من مختلف الولايات على غرار جربة، المنستير ،صفاقس و سيدي بوزيد.
رياضة التشوكوبال
التشوكبال هي رياضة برزت في السبعينات من طرف الدكتور السويسري هيرمان براندت Hermann Brandt، و قد أتت فكرة هذه الرياضة من خلال عمل الدكتور في الطب الرياضي كاستشاري في جراحة العظام و مختص في علاج المنتخبات الرياضية حيث لاحظ كثرة الإصابات الرياضية في مباريات الألعاب الجماعية، ففكر في ابتكار لعبة جماعية تحمي الرياضيين من الإصابات ويمكن أن يمارسها الجميع على اختلاف أعمارهم و أجناسهم ,فقدم بحثا في هذا الموضوع و قد نال من خلال خذه اللعبة سنة 1970 الجائزة العالمية
السنوية التي يقدمها الاتحاد الدولي للتربية الرياضية.
لكن كيف و متى دخلت هذه اللعبة إلى تونس؟
التشوكبال في تونس
تعتبر هذه اللعبة من الرياضات الجديدة في تونس حيث عرفت أواخر 2016، و حسب جميلة جربوعي إحدى رائدات هذه اللعبة و مؤسسة جمعيتي تشوكبال بجربة صفاقس، فقد كان لأحد الأولياء المقيم بسويسرا الفضل في التعريف بها حيث إقترح على عدد من الأساتذة إدراجها في المناهج التربوية باعتبارها رياضة مسلية و لا تشترط اللمس أو إفتكاك الكرة بالإضافة أنه يمكن لعبها بصفة مختلطة، ومن هناك انطلقت رياضة التشوكوبال حيث تم تكوين 30 أستاذ تربية بدنية من كافة تراب الجمهورية، كما شاركوا في بطولة كأس العالم بسويسرا سنة 2018، و تم الإتفاق على تأسيس جمعيات بكامل تراب الجمهورية و إدراجها في الوسط المدرسي ليتم بعدها تكوين 400 أستاذ تربية بدنية.
و أضافت جربوعي:
على الرغم من أنها رياضة جديدة إلا أنها لاقت إقبال كبيرا عليها خاصة و أنها لعبة لا تشترط ملعبا خاصا و يمكن كذلك لعبها بصفة مختلطة و مع كل الفئات العمرية، و قد تم إمضاء شراكات مع مندوبيات الرياضة و كذلك مع دور الشباب، ونسعى الآن إلى إدراجها ضمن البرنامج المدرسي.
صعوبات وعراقيل
رغم أن هذه اللعبة من الرياضات المحظوظة وفق ما أكده مدرب تشوكبال جمعية قرقنة صلاح الدين كريم بسبب ما لاقته من إقبالاً جماهري واسع لسهولتها و سلميتها، إلا أنها تعاني من عديد الصعوبات خاصة في التمويل.
يقول صلاح الدين كريم لكشف :
المشكل الأساسي في هذه اللعبة هو غلاء معداتها خاصة و أن التمويل إلى حد الآن يعتبر محتشم، ففي أغلب الأحيان نضطر إلى شراء المعدات من مالنا الخاص حتى أننا لم نجد أي تجاوب من وزارة الشباب و الرياضة.
أما إيمان دغفوص رئيسة جمعية تشوكبال طوزة بالمنستير صرحت لكشف ميديا بأن “هذه الرياضة لاقت في بلدتي إقبالاً كبيراً خاصة و أن الرياضة الوحيدة الموجودة كانت كرة القدم، في حين فتحت هذه اللعبة المجال للعنصر النسائي للعب و التدرب خصوصا و أن أهم قواعدها عدم الملامسة، لكننا وجدنا صعوبات كثيرة خاصة في التمويل خاصة في المعدات و التنقل الإقامة بسبب قلة الدعم و التمويل”.
سميرة الجربوعي بدورها أكدت المشاكل المالية وأضافت أن عدد من المشاركين لم يستطيعوا المشاركة في هذه التظاهرة بسبب عدم قدرتهم على تغطية مصاريف إقامتهم و تنقلهم رغم المساهمة البسيطة للجمعيات و هو ما يحرمهم من خوض غمار المنافسة.”
أما رئيستي جمعية التحدي بالرقاب نزيهة أرماني و رئيسة جمعية سيدي بوزيد ليماء الهذيلي فقد أكدتا غياب السلط الجهوية و عدم توفير أي دعم لهذه الرياضة كما أجمعتا على أن مصاريف التنقل والإقامة التي يتكبدها المشاركون لا تشجع الناس على المشاركة فيها، بالإضافة إلى عدم توفر ملعب خاص لهم للتدرب.
تقول الهذيلي:
هناك العديد من النساء اللاتي ترغبن في تعلم هذه اللعبة لكن عدم توفر مكان معين للتدريب و قلة المعدات لا يتشجعهن، نحن نقوم في كل مرة بالتدرب في مكان ما و أحيانا نضطر إلى التدرب في ملاعب خاصة و من مالنا الخاص، في حين نلقى إعتراض من السلط المحلية لتسهيل تدريباتنا بحجة أننا لا منتمي إلى جامعة لهذه الرياضة.
رابطة لرياضة التشوكوبال
بعد كل الصعوبات التي عاشتها هذه الجمعيات و بعد حرصها و مجهودها تمكنت 14 جمعية تشوكبال بكل الولايات من تأسيس رابطة لرياضة التشوكوبال و ذلك يوم 3 أوت الماضي و قد تم الإجماع على انتخاب 6 أعضاء و هم جميلة جربوعي ، نزار العابدي ، وليد فريحة ،أمينة الغربي، حمدي بلقاسم، إيمان دغفوص، و حسب تصريح جميلة جربوعي لكشف فإن” الرابطة تذلل عديد الصعوبات أمام الجمعيات من ناحية تأسيس أكاديميات للتدريب على هذه الرياضة و تنظيم مسابقات و بطولات حتى دولية و كذلك توفير المعدات. كما ستساعد الرابطة على تأسيس جامعة خاصة بهذه الرياضة.”
رابطة استبشرت بها عديد الجمعيات لما ستضيفه من إمكانيات لوجيستيكية، تقول رئيسة جمعية تشوكبال سيدي بوزبد:
كنا ننتظر تأسيس هذه الرابطة لكي تضيف لهذه اللعبة و تذلل كل الصعوبات المادية خاصة ، فنحن نعاني الأمرين من جهة نشتكي من التمويل و من جهة أخرى نعاني من البيروقراطية لتنظيم مبارياتنا، أنا على يقين أن هذه اللعبة ستنافس كبرى الرياضات الأخرى ككرة القدم و كرة السلة في انتظار إدراجها بالبرامج التربوية.
دور الإعلام في التعريف بتشوكبال
شهدت تظاهرة ألماس البحر للرياضة الشاطئية إقبالاً جماهري واسع و كذلك إهتمام إعلامي و حسب هندة القرقوري المكلفة بالاعلام في هذه التظاهرة فإن للإعلام دور كبير للتعريف بهم ورياضتهم تقول محدثتنا :
هذه اللعبة تعتبر من الرياضات الجديدة و التي تتميز بسلميتها فأغلب الجمعيات تم تأسيسها سنة 2020، أي في فترة كان العالم يعاني منه من كوفيد19 و من الركود الرياضي حتى أنه تم تأجيل هذه الدورة التي كان مقررا أن تكون السنة الفارطة في النزل الفاخر بقرقنة، نحن الآن بحاجة ماسة إلى الإعلام للترويج لهذه الرياضة و التعريف بها حتى يتشجع المستشهرين في دعم جمعيات التشوكوبال و تظاهراتهم، كما أن الإعلام له دور كبير في الترويج لهذه اللعبة بالخارج حتى تتمكن هذه الجمعيات من المشاركة في بطولات دولية.”
تظاهرة رياضية حركت الجانب السياحي في القراطن
تعتبر جزيرة قرقنة من الجزر السياحية، فهي تتميز بطبيعتها الخصبة و البكر، حيث لا يمكن التنقل لها إلا عن طريق “البابور” كما تتميز بمنتجاتها البحرية المتنوعة و التي يتم اصطيادها بإستعمال وسائل تقليدية كالدرينة و القارور و غيرها من الوسائل.
غير أنها أصبحت تصنف كمنطقة عبور إذ أن أغلب عمليات الهجرة الغير نظامية أصبحت تنطلق من هذه الجزيرة، كما شهدت عدة حوادث غرق آخرها حادثة غرق مركب الأسبوع الماضي الذي غرق فيه 8 أشخاص أكثرهم من الأطفال بمنطقة القرطن مكان التظاهرة و هو ما أعطى صورة قاتمة لمنطقة تتميز بسحر طبيعتها وهدوئها.
عيادي السويسي صاحب منتزه بيلاز بالقراطن شريك جمعية تشوكبال قرقنة في دورة ألماس البحر للرياضة الشاطئية، هو من المستثمرين أصيلي المنطقة الذين آمنوا بالتظاهرة و شجعوها، يقول محدث كشف :
ارتبطت قرقنة مؤخرا بكونها منطقة حرقة في حين أنها من أجمل المناطق و الجزر في العالم، هنا تجد الأسماك البحرية و الهدوء و الهواء النقي، أردنا من خلال هذه التظاهرة أن نثبت للعالم أن قرقنة هي منطقة السلام و الأمن و الرياضة، فلعبة التشوكوبال هي لعبة تركز على السلم ونبذ العنف.
و يرى محدثا “أن قرقنة عرفت مؤخرا بكونها منطقة عبور في حين أنها من أجمل المناطق و الجزر في العالم، حيث تجد “الأسماك البحرية و الهدوء و الهواء النقي”،و أضافت ” أردنا من خلال هذه التظاهرة أن نثبت للعالم أن قرقنة هي منطقة السلام و الأمن و الرياضة، فلعبة التشوكوبال هي لعبة تركز على السلم ونبذ العنف و هي رسالة أردنا إرسالها للعالم حتى نؤكد ان الجزيرة هي الحياة و ليست الموت كما يروج لها البعض”.
هذه الدورة حسب ما أكده كل من حاورناهم ساهمت في تنشيط الحركة السياحية في منطقة القراطن، “حيث قدم لها الزوار من كل الولايات لحضورها و التمتع بالأجواء الشاطئية و البحرية خاصة الأجواء التنشيطية التي تم برمجتها من سهرة موسيقية و ألعاب شاطئية بالإضافة إلى الألعاب النارية، و رقصات الزومبا، مما أثرى المشهد السياحي بالجهة”، يقول السويسري: « مثل هذه التظاهرات تساهم الحركة السياحية، نحن ندعم أي نشاط رياضي أو ثقافي، فمنتزه بيلاز احتضن عديد التظاهرات مثل تظاهرة مصيف الكتاب و المهرجان الدولي لجمعية التنمية المستدامة و الترفيه بالقراطن و تظاهرة وزارة الشباب و الرياضة لرياضة اليوغا وغيرها، نحن نحاول من مركزنا العمل على الترويج للسياحة في قرقنة و التشجيع على إنجاح التظاهرات أي كانت و هذه مسؤوليتنا كلنا”، و دعى محدثنا السلط المحلية و الدول إلى تشجيعهم للاستثمار في الجانب السياحي بقرقنة حيث تشهد هذه الجزيرة تهميش كبيرا رغم موقعها الجغرافي و سحرها و طبيعة تضاريسها.
تظاهرة امتدت على مدى يومين عرفت برياضة تعتبر من الرياضات المحدثة تم خلالها تتويج الجمعيات الفائزة فقد فازت جمعية تشوكبال بوضر بالمرتبة الأولى بجائزة مالية قدرها 500 دينار، كما فات قرقنة بالمرتبة الثانية بجائزة مالية قدرها 300دينار أما الجائزة الثالثة فقد كانت من نصيب الرقاب و فازت بجائزة مالية قدرها 200 دينار. كما ساهمت بإثراء المشهد السياحي و الرياضي بالجزيرة التي يسعى أبناؤها إلى مزيد العمل على إستقطاب السياح و احتضان مثل هذه التظاهرات للترويج لجزيرتهم و حث السلط على مزيد تشجيعهم و تسهيل قوانين الاستثمار السياحي بالمنطقة.