كشف صحي


إقبال ضعيف جداً على حملات تلقيح الأطفال ضد كورونا

22/12/27

تسلّمت تونس يوم  22 ديسمبر 2022 شحنة تشتمل على 152640 جرعة معززة ثنائية التكافؤ من اللقاحات ضدّ كوفيد-19، كتبرع قدمته الحكومة الهولندية إلى تونس في إطار مبادرة كوفاكس.

وتأتي هذه الهبة من التلاقيح، في وقت تشهد فيه تونس ارتفاع دعوات الإطارات الطبية إلى تلقي جرعات التلاقيح لتعزيز المناعة ضد الأمراض المنتشرة وخاصة منها الأمراض التنفسية.

ومع انتشار هذه الأمراض في صفوف الأطفال، بأعراض متفاوتة الحدة، تُطرح تساؤلات حول حملة تطعيم الأطفال ضد كوفيد 19 التي أطلقتها وزارة الصحة خلال الصائفة الماضية، ومدى فاعلية هذه الحملة ونجاعتها، كما نتساءل عن موقع الأطفال من الدعوات إلى تلقي التلاقيح.

تلاقيح لفائدة الأطفال من 05 إلى 17 سنة.. على دفعتين 

بالعودة إلى حملة تلقيح الأطفال التي نظمتها وزارة الصحة خلال الصائفة الماضية، نجد أنها انتظمت على دفعتين، الأولى خلال شهر جويلية 2022 وتعلقت بتلقيح الأطفال ضد كورونا من الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة، أما الثانية فقد خصّت الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 05 و12 سنة بلقاح ‘فايزر’، بين يومي 05 و09 سبتمبر 2022، وكانت موجهة فقط للأطفال ممن يعانون أمراضا وتعد إصابتهم بكورونا خطرا على حياتهم.

وجاءت هاتان الحملتان عقب إصدار اللجنة العلمية للتلقيح ضد فيروس كورونا، في أوت 2022، توصية بضرورة تلقيح الأطفال ما بين 5 و11 سنة، الذين يعانون من أمراض مزمنة، بعد تسجيل أكثر من 3 حالات وفاة بالكوفيد في صفوف الأطفال بين سنتي 2021 و2022 (3 حالات في القيروان وحالة في المهدية).

كما انتظمت الحملتان، في ظل توقعات خبراء الصحة في العالم، منذ صائفة 2022، بتسجيل موجة جديدة من فيروس كورونا خلال فصل الشتاء، إثر هيمنة المتحور الفرعي لأوميكرون BA.5 والذي يتميز بسرعة انتشاره وبأعراضه الشديدة مقارنة بالمتحورين الفرعيين BA.1 وBA.2.

وكانت وقتها العديد من الدول الأوروبية قد باشرت منذ بداية 2022 حملة التلقيح ضد كوفيد-19 للأطفال بين سن الخامسة والحادية عشرة، خاصة بعدما أكدت منظمة الصحة العالمية أن هذه الفئة العمرية باتت أكثر الفئات المعرضة للعدوى، مع معدلات إصابة أحيانا أكبر بمرتين أو ثلاث مرات من المعدلات الخاصة بسائر السكان.

وزارة الصحة.. غياب تقييم رسمي لحملات تلقيح الأطفال ضد كوفيد

ورغم أنه وإلى حدود 23 جانفي 2021، تم تسجيل أكثر من 6 آلاف إصابة بكوفيد – 19 لدى الأطفال دون سن 18 سنة من بينهم نحو 600 طفل دون السنتين (وفق تصريحات إعلامية لطبيب الأطفال المختص في طب الولدان محمد الدوعاجي)، فإننا وبالبحث على الموقع الرسمي لوزارة الصحة وفي مختلف بلاغات الوزارة، لم نجد أثرا لأي تقييم، لمدى إقبال الأطفال على تلقي التلاقيح ضد كورونا، كما لم تورد الوزارة معطيات حول مدى نجاعة التلاقيح في التقليص من خطورة إصابة الأطفال بالكوفيد ومتحورات أوميكرون، بينما أفادت بيانات منظومة إيفاكس، أن عدد الأطفال الذين استكملوا تلقيحهم من الفئة العمرية 12 – 18 سنة، أقل من 292200 طفل، إضافة إلى نحو 456 ألف طفل تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح.

اللجنة العلمية للتلقيح: أكثر من 220 ألف طفل تلقوا الجرعة الأولى من التلقيح

وقال مدير عام المركز الوطني لليقظة الدوائية ورئيس اللجنة العلمية للتلقيح وعضو اللجنة العلمية لمجابهة “كورونا”، الدكتور رياض دغفوس، في تصريح لبرنامج كشف مباشر، إن الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا المخصصة للأطفال بين 15 و17 سنة، التي انطلقت منذ 29 أوت 2021 بلقاح فايزر، أسفرت عن تطعيم 223749 طفلا بالجرعة الأولى، في حين استكمل 137000 طفل الجرعة الثانية من اللقاح، مع تسجيل تلقي عدد من الأطفال الجرعة الثالثة.

فئة الأطفال بين 05 و11 سنة.. إقبال ضعيف إلى درجة إتلاف اللقاحات!

من جانبها، اعتبرت مديرة الرعاية الصحية الدكتورة أحلام قزارة في تصريح لموقع كشف ميديا، أن حملة تلاقيح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 05 و11 سنة، لم تسجل تطعيم عدد كبير من الأطفال من تلك الفئة، مرجعة ذلك إلى قصر المدة التي خصصت لهذه التلقيح.

كما أكدت قزارة إتلاف كميات هامة من التلاقيح، بسبب انتهاء صلوحيتها، بعد انتهاء الحملة.

الفئة العمرية من 15 إلى 18 سنة.. 65% تلقوا الجرعة الأولى من اللقاحات.. على عكس الجرعة الثانية

وقال رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، معز الشريف، في تصريحه لموقع كشف ميديا، إن الجمعية كانت من أول الداعين لإدراج الأطفال ضمن رزنامة الاستراتيجية الوطنية للتلقيح، رفقة جمعية طب الأطفال والجمعية التونسية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين، مرجعا هذه الدعوة إلى أسباب متداخلة، أولها تخفيف إجراءات الحجر الصحي مع تواصل توقف الدراسة بالمؤسسات التربوية إلى آخر السنة الدراسية 2020، باستثناء الأقسام النهائية، وثانيها اكتشاف إصابة الأطفال في تونس بالسلالة المتحورة لكورونا، إثر وفاة رضيعين في القيروان بالكوفيد في شهر جوان 2021.

وأبرز الشريف أن اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، لم توافق في البداية على إدراج الأطفال ضمن حملات التلقيح بسبب نقص اللقاحات من جهة، وعدم حصول التلاقيح التي جلبتها تونس من ترخيص اللجنة المختصة في ترويج الأدوية والتلاقيح إلا في شهر سبتمبر 2021.

وأفاد الشريف أن حملة التلقيح التي خصصت للأطفال ما بين 15 و18 سنة، كانت ناجحة، ومكّنت من تلقي أكثر من 65% من أطفال تلك الفئة العمرية، الجرعة الأولى من اللقاحات، لكن حملة التذكير للجرعة الثانية كانت ضعيفة وليست بنفس مستوى الأولى، بسبب نقص الحملات التحسيسية في وسائل الإعلام وداخل المؤسسات التربوية.

عدد الأطفال من الفئة العمرية بين 15 و18 سنة، الذين تلقوا الجرعة الأولى من لقاحات كوفيد كان أقلّ بكثير من الأطفال الذين تلقوا الجرعة الأولى، ولم تتجاوز نسبة نجاح الحملة الثانية (جرعة التعزيز الثانية) 21%.

من جهة أخرى، اعتبر الشريف أن التجارب أثبتت عدم خطورة أعراض الكوفيد بالنسبة لأغلب الأطفال، لكنهم ينقلون العدوى، مشددا في هذا السياق على ضرورة تطعيم الأطفال الحاملين للأمراض المزمنة بتلاقيح الكورونا.

ودعا إلى مواصلة تحسيس الأطفال باتباع نفس التوصيات الوقائية كالتباعد الجسدي وغسل اليدين بإحكام، خاصة خلال هذا الشتاء، في ظل انتشار عديد الأمراض التنفسية.

مخاوف الأولياء من لقاحات كوفيد.. هل لديها مبرر؟

ويرجع عددا من الأطباء عدم إقبال الأطفال على تلقي جرعات التلقيح ضد كورونا، إلى مخاوف الآباء والأمهات من الأعراض الجانبية للتلقيح، خاصة مع عدم اكتساب الأطفال المناعة الكاملة بسبب صغر السن وعدم اكتمال النمو.

وفي هذا السياق كان مدير عام الصحة، فيصل بن صالح، قد صرح لموقع العربي الجديد بأن تلقيح من تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة لا يشكل أي خطر عليهم، وأنه تقرر حقنهم بلقاح “فايزر” المعتمد لهذه الفئة في كل البلدان التي قامت بتطعيم الأطفال، مبرزا أن قانون حقوق الطفل في تونس يفرض إجبارية الحصول على الترخيص الأبوي قبل تقديم اللقاح للأطفال حتى 18 سنة.

من جانبه،  قال الدكتور عزام خلوف المختص بطب الأطفال في مركز ماربل الطبي بالدوحة، في تصريحه لقناة الجزيرة، إن “تعريض الطفل للقاح أفضل من تعريضه للاصابة بفيروس كورونا”، مشددا على أن اللقاح ضد فيروس كورونا آمن بشكل تام للأطفال، وأنه “لا يحتوي على أي مواد حافظة ولا يحتوي على الزئبق والمعادن التي تضر بصحة الأطفال”.


بالشراكة مع صحافيون من أجل حقوق الإنسان/الشؤون الدولبة كندا

إشراف عام خولة بوكريم