كشف خبر


جلسة استماع حول مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي والبنك البريدي

24/03/26

عقدت لجنة المالية والميزانية جلسة يوم الاثنين 25 مارس 2024 خصصّتها للاستماع إلى ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وإلى وزير الشؤون الاجتماعية، حول مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي.

وبيّن ممثلو وزارة الاقتصاد والتخطيط أن الوزارة شاركت في إعداد مشروع هذا القانون الذي يندرج في إطار الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي 2018 -2022 ويمثّل أحد أهم الأهداف المرسومة بمخطط التنمية ورؤية تونس 2035 التي تتضمن بدورها 6 محاور أساسية منها المحور المتعلّق بتنمية رأس المال البشري في التنمية الشاملة والمحور المتعلق بالعدالة الاجتماعية كأساس للتماسك الاجتماعي ومشروع قانون مكافحة الإقصاء المالي يندرج في صلب هذين المحورين.

كما أوضحوا أن مشروع القانون يهدف أساسا إلى تطوير الإطار القانوني والمؤسساتي لتعزيز الإدماج المالي قصد تمكين الفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل والأشخاص ذوي الإعاقة وكذلك المؤسسات الصغيرة التي تجد صعوبة في النفاذ للقطاع المالي من منتجات وخدمات تلبي احتياجاتها بطريقة مسؤولة، مع دعم حماية هذه الفئات بما يساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وتحسين ظروف العيش والاندماج في الدورة الاقتصادية.

وأفادوا أن مشروع القانون يؤسّس إلى نواة مالية جديدة، من خلال المرور من منظومة القروض الصغرى إلى منظومة متكاملة للخدمات المالية مع تنوّع على مستوى الخدمات وعلى مستوى الهياكل المؤسساتية التي يتضمنها مشروع القانون عبر إحداث المجلس الوطني للإقصاء المالي والمجلس الوطني للدفوعات.

وخلال النقاش أثار النواب مسائل تعلّقت خاصّة بدور الوزارة في إدماج العاملين في القطاع الموازي ضمن الدورة الاقتصادية، وكذلك آليات الاستثمار وكيفية تمويله. كما استفسروا عن المعطيات والدراسات المنجزة بخصوص الواقع المالي في تونس.

وأثار عدد من النواب مسألة المشاريع الصغرى المعطّلة بسبب نقص التمويلات، واستراتيجية الوزارة في ضمان نجاعة الولوج للتمويلات خاصة من قبل الفئات الهشّة، ومسألة تقريب الخدمات المالية والمرافقة وخاصة التثقيف المالي. وأكّدوا ضرورة إحداث البنك البريدي لما يمكن أن يوفّره من قرب في إسداء الخدمة المالية وسهولة في التعامل مع المستفيدين. وتطرّق النواب كذلك الى مسألة ارتفاع نسب الفائدة الموظفة، واقترحوا اعتماد نسب فائدة تفاضلية من خلال تنويع وتوفير مصادر تمويل وتطرقوا إلى دور الشركات الأهلية في خدمة الاقتصاد التضامني.

ورأى بعض النواب أن الكلفة المالية للقروض الصغرى المرتفعة تمثّل عاملا من عوامل الإقصاء المالي. وتطرّقوا إلى مسألة استهلاك القروض الصغرى وعدم استثمارها. واستفسروا عن مصادر التمويل التي سيتم اعتمادها لتلبية حاجيات هذه الفئات.
وفي تفاعلهم أكّد ممثلو الوزارة أن الهدف هو إنجاح مشروع الإدماج المالي الذي يمثّل أهم محور من محاور الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالاقتصاد الوطني، ويستجيب لمنوال التنمية المعتمد.

وأشاروا الى وجود عمل دؤوب لاستقطاب مستثمرين جدد ومرافقة المؤسسات الصغرى والمتوسطة والباعثين الشبان ، إضافة الى برنامج متكامل في هذا الغرض والعمل على حذف التراخيص تدريجيا إلا التي تتعلق بالأمن القومي، ومراجعة كراس الشروط لأن المبدأ هو حرية الاستثمار.

واستمعت اللجنة في جانب أخر من أشغالها الى وزير الشؤون الاجتماعية، الذي بيّن أن هناك عديد البرامج الاجتماعية تهم الفئات الهشة ومحدودة الدخل سواء منها الراجعة بالنظر الى وزارة الشؤون الاجتماعية أو الى وزارات أخرى . وأكّد أن الوزارة تقوم بالتنسيق المتواصل مع السلط المحلية والإدارات قصد إنجاح هذه البرامج، مبيّنا أن هناك معطيات تهم كيفية صرف الاعتمادات المخصصة لها والفئات المستهدفة وكيفية الاستخلاص.

وخلال النقاش، اعتبر بعض النواب أن مضمون مشروع القانون لا يتماشى مع الهدف المرسوم له، ويتطلّب تعديلات حتى يستجيب للواقع التونسي ولتطلّعات الفئات الهشّة ومحدودة الدخل بالخصوص. وتساءل النواب عن طريقة تمويل المشاريع الصغرى التي تقوم بها الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل، وعن آليات إسناد هذه المشاريع والضمانات المرتبطة بالتمويل وعن توجّه الوزارة لتبسيط الإجراءات ومساعدة حاملي الشهائد العليا في خلق مشاريعهم. كما استوضحوا عن مدى تجسيم البرامج الاجتماعية للوزارة صلب مشروع هذا القانون.

وطلبوا رأي الوزارة في تغيير عنوان مشروع القانون في اتجاه تعزيز مفهوم الإدماج المالي والاجتماعي عوض أن يتضمن مصطلح مكافحة الإقصاء المالي. واستفسروا من جهة أخرى عن الآليات والتشريعات اللازمة لتجسيد البنك البريدي أو شباك بنكي للبريد بمكاتب البريد بما يمكّن من الترفيع في نسبة الإدماج المالي وفتح آفاق تنموية جديدة خاصة في الجهات الداخلية والحد من الاقتصاد غير المنظم ومساعدة الفئات الهشة على النفاذ إلى التمويل. واستوضحوا كذلك عن التوجّه لإيجاد مصادر تمويل أخرى لتمكين الفئات الهشة من التمتّع بقروض بنسب فائدة معقولة ودون توفّر شرط الضامن.

وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية في ردّه، أن مصطلح مكافحة الإقصاء المالي في عنوان المشروع يعتبر ثوريا ويقطع مع المنظومات التقليدية والليبرالية، بما يفسّر فسح المجال لأكثر فئات الشعب التونسي للتمتع بالقروض والمعاملات المالية.

وأثنى الوزير على دور مؤسّسات التمويل الصغير في معاضدة مجهود الدولة لتمويل المشاريع. واعتبر في المقابل أن ارتفاع نسب الفائدة للقروض التي تمنحها مردّه أن هذه المؤسسات تتحصّل على قروض من الخارج ومن الداخل بنسب مرتفعة لتمويل تدخلاتها. واقترح النظر في إمكانية إقرار نسب فائدة متساوية بين كل مؤسسات التمويل والبنوك. وأشار الى أنه يمكن للقانون أن ينص على ضرورة اعتماد نسب فائدة تراعي وضعية المواطن وتنص النصوص التطبيقية على ذلك بدقة.

وبخصوص البنك البريدي أعتبر أنه مشروع مهم وهو مطروح للنقاش، مبيّنا أن المصادقة على هذا القانون في أقرب الآجال سيعطي رسالة قوية وإيجابية حول الإدماج المالي في تونس.

هذا، وقدّم رئيس الهيئة العامة للضمان الاجتماعي ومستشار وزير الشؤون الاجتماعية بعض المعطيات حول مؤسسات التمويل الصغير وحول التدخلات الاجتماعية لفائدة الأشخاص ذوي الوضعيات الهشّة والأشخاص ذوي الإعاقة وبرنامج الأمان الاجتماعي وآليات الادماج الاجتماعي والاقتصادي لهذه الفئات.