24/09/03
شددت جمعية القضاة التونسيين في بيان لها اليوم الثلاثاء 03 سبتمبر 2024 على أن ولاية هيئة الانتخابات على المسار الانتخابي لا يضعها فوق سلطة القضاء ورقابة المحاكم وخاصة رقابة المحكمة الإدارية طبق القانون الانتخابي الذي لا يحتاج شرحا ولا تأويلا في هذا الخصوص وأن قولها بخلاف ذلك يقوض مقومات دولة القانون ويفتح بابا للتعسف ولتجاوز السلطة غير مسبوقين كما يقوض موقع القضاء في فض النزاعات بالطرق السلمية وتوفير مقتضيات الأمان القانوني كشرط أساسي للاستقرار المجتمعي.
ونبهت جمعية القضاة إلى خطورة القرار الذي اتخذته الهيئة بعدم الإذعان لقرارات المحكمة الإدارية لما يمثله من نسف لجوهر دولة القانون ولما يعنيه من إلغاء غير مسبوق لدور القضاء في النزاع الانتخابي مبينة أنه وطبق القواعد القانونية المعمول بها فإن شرح الأحكام وتفسيرها، إن اقتضت الضرورة ذلك، لا يقوم به أطرافها أو أي جهة أخرى وإنما هو اختصاص حصري موكول للمحكمة مصدرة ذلك الحكم دون غيرها.
كما دعت الهيئة إلى التراجع عن موقفها المعلن عنه وتطبيق أحكام المحكمة الإدارية النافذة والباتة دون أي اجتهاد أو تلكؤ احتراما لدولة القانون وسيادته ولقيم الديمقراطية ولموجبات الاختصاص الموكولة إليها في الإشراف على المسار الانتخابي بكل نزاهة وأمانة وحياد.
وأشارت الى أن المحكمة الإدارية ومثلما جاء على لسان الناطق الرسمي باسمها وببلاغها الصادر يوم أمس 02 سبتمبر 2024 تولت تباعا وبمجرد التصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها حينا إلى طرفي النزاع تطبيقا للفصل 24 من قرار هيئة الانتخابات عدد 18 لسنة 2014 المؤرخ في 04 أوت 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية التي تقتضي أن “تتولّى الهيئة تنفيذ القرارات الصّادرة عن الجلسة العامّة القضائيّة للمحكمة الإداريّة شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه”.
وبينت أنّ أحكام الفصل 47 من القانون الأساسي المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء قد اقتضت أن “تتولى الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية إثر المرافعة حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم في أجل خمسة أيام من تاريخ جلسة المرافعة. وتأذن المحكمة بالتنفيذ على المسودة، وتكون قراراتها باتّة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب” مشددة على نّ النزاع الانتخابي بما هو نزاع ذو خصوصية تتسم اجراءاته بالقصر والاستعجال في ارتباطها بالرزنامة الانتخابية وأن الإذن بالتنفيذ على المسودة فيه يجعل الإعلام بالحكم المقتصر على منطوقه إعلاما قانونيا كما أن عدم قابلية تلك الأحكام للطعن بأي وسيلة ولو بالتعقيب لنفس الخصوصية الاستعجالية يقتضي تنفيذها فوريا وترتيب الآثار القانونية عليها دون التعلل بالمطالبة بالاطلاع على مستنداتها ودون أي إمكانية لمناقشتها وتأويلها.
كما اعتبرت أن هيئة الانتخابات دأبت على اعتماد شهادات في منطوق القرارات الصادرة عن الجلسة العامة وعدم انتظار التوصل بنسخ القرارات من ذلك ما ورد في اطلاعات قرارها عدد 27 لسنة 2019 المؤرخ في 02 أكتوبر 2019 المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية للدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، وقرارها عدد 30 لسنة 2019 المؤرخ في 08 نوفمبر 2019 المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية للانتخابات التشريعية لسنة 2019، وكذلك قرارها عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 16 أوت 2022 المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية للاستفتاء على مشروع دستور جديد للجمهورية التونسية يوم الاثنين 25 جويلية 2022.
وأضافت جميعة القضاة أنّ تجاهل الهيئة في نقطتها الإعلامية أو البلاغات الصادرة عنها توصلها بشهادات في منطوق الأحكام التي بلغت لها من المحكمة الإدارية بخصوص البت في نزاعات الترشح الأخيرة للانتخابات الرئاسية وعدم جوابها على ذلك أو الإشارة إليه يمثلان مغالطة كبيرة للرأي العام وسعيا من الهيئة في نقض ما تم من جانبها في تحديد شروط تصريحها بالنتائج وما درج العمل عليه كما وأنه وعملا بالقاعدة القانونية فإنه “من سعى في نقض ما تم من جانبه فسعيه مردود عليه”، فضلا على أن تجاهل الهيئة لاستمرار العمل بالإعلام بمنطوق الأحكام فيه مساس خطير بمبدأ استقرار القانون الانتخابي وقواعد تطبيقه.
ودعت جميع الأطراف المعنية بالاستحقاق الانتخابي للانتخابات الرئاسية المقبلة إلى الالتزام بأعلى درجات الحكمة والتعقل إعلاء للمصلحة الوطنية وحفاظا على المبادئ الديمقراطية ومقومات التعايش السلمي بين المواطنين.
كما أهابت بقضاة المحكمة الإدارية مواصلة القيام بدورهم والاضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم بروح معنوية عالية دون الالتفات لحملات التشويه الجائرة التي تمارس ضد المحكمة وقضاتها بمرآى من الجميع ودون أي رادع مجددة دعوتها لعموم القضاة الإداريين والعدليين والماليين إلى الالتزام بالرسالة النبيلة للقضاء والتمسك بالحياد والاستقلالية والنزاهة وبالتطبيق السليم للقانون ولقواعد العدل والانصاف حماية لمبادئ دولة القانون وسيادته وللحقوق والحريات وبعدم الخضوع إلى أي ضغوطات قد تسلط عليهم مهما كان نوعها ومصدرها.
وكانت هيئة الانتخابات قد أعلنت أمس الإثنين، عن قائمة المترشحين المقبولين نهائيا للانتخابات الرئاسية، التي تضم 3 مترشحين، وهم زهير المغزاوي وقيس سعيّد والعياشي زمال في حين رفضت قبول إلحاق عبد اللطيف المكي ومنذر الزنايدي وعماد الدايمي بقائمة المقبولين نهائيا رغم إصدار المحكمة الإدارية قرارات تقضي بإلغاء قرارات الهيئة المتعلقة برفض ملفات ترشحهم.
وبينت الهيئة في بلاغ أصدرته اليوم، أنها وبعد الاطلاع على نسخ الأحكام الصادرة عن المحكمة الادارية قد ثبت قطعا أن تلك الأحكام لم تقض بصفة واضحة وصريحة بإدراج المترشحين الطاعنين بالقائمة النهائية للمترشحين بل كانت أحكاما موقوفة على شرط تثبت الهيئة من تمتع المترشحين المرفوضين بجميع حقوقهم المدنية والسياسية في غياب وجود البطاقة عدد 3 المشترطة في القرار الترتيبي للهيئة مشددة على أن ذلك يؤكد تعذر تنفيذ تلك الأحكام حتى ولو تم إعلام الهيئة بها في الآجال القانونية.
من جهتها، أفادت المحكمة الإداريّة أنّها تولّت بتاريخ الاثنين 2 سبتمبر 2024 تبليغ نُسخ الأحكام القاضية بالإلغاء إلى هيئة الانتخابات مبينة أنّها تولّت تِباعًا وبمجرّد التّصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها حينًا إلى طرفي النّزاع تطبيقا لأحكام الفصل 24 من قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرّخ في 4 أوت 2014 المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشّح للانتخابات الرئاسيّة التي تقتضي أن “تتولّى الهيئة تنفيذ القرارات الصّادرة عن الجلسة العامّة القضائيّة للمحكمة الإداريّة شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه”.
وشددت المحكمة على أنّ الفصل 10 من قرار الهيئة عدد 543 لسنة 2024 المؤرّخ في 4 جويلية 2024 المتعلّق بروزنامة الانتخابات الرئاسيّة ينصّ على أن “تتولى الهيئة الاعلان عن قائمة المترشّحين المقبولين نهائيًّا بعد انقضاء الطّعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثّلاثاء 3 سبتمبر 2024”.